الألعاب الأولمبية..هل تؤدي إلى كارثة سياحية في سولت ليك سيتي

تقام الألعاب الأولمبية الشتوية لدورة 2002 في مدينة سولت ليك سيتي بولاية يوتا الأمريكية، في شهر فبراير 2002م، وهذه المدينة حاربت كثيرا للحصول على هذا الشرف، بل إن أقطاب المدينة تعرضوا لمشاكل قانونية، فقد اتهموا بأنهم قاموا بعمليات رشوة للجان المنظمة للدورات الشتوية، مما جعلهم يكسبون هذه الشرف، وتكون مدينتهم عاصمة العالم الرياضية لمدة ثلاثة أسابيع. والدورات الأولمبية صيفية أو شتوية هي أمل كل مدينة تبحث عن الشهرة والعالمية، لأن انعقاد الدورة في أي مدينة يعني أنها مدينة مكتملة القوام الحضاري العصري، فهناك متطلبات عالية، وشروط قاسية يجب ان تتوفر في المدينة، من حيث النظافة والصحة والمساكن، والاستعدادات الأمنية والاجتماعية والترفيهية، إلى جانب النواحي المادية والمعمارية. ميزانية عالية هناك التزامات وتنظيمات شديدة ومكلفة، يتعهد المنظمون للدورة في المدينة بتأمينها، لذا فإن كثيرا من المباني الرياضية والألعاب تشيد وتقام بقروض بنكية، على أمل أن الدورة الأولمبية ستجلب الخير للمدينة وسكانها، مما يمكن معه سداد هذه القروض. وأمنت هذه المدينة مبلغ بليوني دولار لإعداد المدينة وتجهيزها لهذه الدورة الأولمبية الشتوية، وصرفت منها مبلغ 450 مليون دولار في الخدمات العامة، والباقي لبناء المنشآت الرياضية وإعدادها للدورة . وتمت هذه الأعمال كما هو مطلوب بتكلفتها العالية، وبقي الآن استعادة هذه المبالغ المصروفة، والتي وضعت على أساس أن هناك 70 ألف زائر وسائح يوميا سينفقون ما يعادل 350 مليون دولار. نجاح للمنظمين في الولايات المتحدة لكل ولاية أنظمتها وقوانينها، والقوانين في ولاية ( يوتا) تسمح بشراء التذاكر للحفلات الرياضية والترفيهية، للمتاجرة بها، (ولايات أخرى تمنع ذلك) لذا فقد تم بيع جميع التذاكر حال عرضها قبل عامين من بداية الدورة، للسماسرة الذين يبحثون عن المشتري الذي سيبحث عن التذاكر المحجوزة عندهم والمحتكرة لديهم، وهنا سيكون تحت رحمتهم، وسيطلبون ربحا لاستثماراتهم في هذه التذاكر. وقد باعت اللجنة المنظمة جميع التذاكر بقيمتها الاسمية في حينه، إلى الأفراد وشركات السياحة ولجميع الراغبين، وتم بيع 90? من التذاكر بما يزيد عن 175 مليون دولار، وكان هذا نجاحا كبيرا للجنة المنظمة، فقد باعت ما يزيد عن 1.6 مليون تذكرة لدخول المسابقات الرياضية، كما أنها باعت جميع تذاكر حفل الافتتاح الغالية الثمن والتي وصلت قيمة التذكرة فيها 885 دولارا للمقعد الواحد. ورطة السماسرة ولكن أحداث سبتمبر 2001م أثرت كثيرا على الإقبال على السياحة والسفر، خاصة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التي أصبحت تتشدد في الدخول إليها، وفي استقبال السياح والزوار. وأدى ذلك الى وفرة كبيرة في التذاكر المعروضة التي لا تجد من يطلبها، بل ان تذاكر حفلة الافتتاح والتي بيعت بمبلغ 885 دولارا تعرض حاليا بتخفيض يصل الى 25? من قيمتها، من قبل السماسرة الذين تملكتهم حالة فزع من عدم تصريف التذاكر، خاصة وأن الاحتفالات على وشك الابتداء، وليس هناك من طالب لهذه التذاكر. وذلك رغبة في تقليل الخسائر، فلم يعد طلب الربح هو العامل المهم، بل التخلص من هذه التذاكر. فهناك 167 منافسة رياضية لكسب 78 ميدالية ذهبية، تم بيع تذاكر 76 منافسة بالكامل أما الباقية، فأنها تبحث عن المشاهدين. والأسعار غالية جدا، فتذكرة المقعد الواحد للمباراة النهائية للعبة الهوكي بلغت 450 دولارا بسعرها الرسمي، وتذكرة المنافسة الرئيسية للرقص على الجليد بلغت 350 دورلارا للمقعد الواحد بالسعر الرسمي، وهاتان المنافستان، تم بيع تذاكرهما بالكامل، ولكن بدون أرباح تذكر للسماسرة. الغرف متوفرة ولم تقتصر المشكلة على سماسرة التذاكر فقط، فإن الفنادق تعاني من عدم وجود حجوزات لديها، بل إن اللجنة المنظمة والتي حجزت 20000 غرفة لضيوفها واللجان الرياضية القادمة لحضور الدورة، استغنت عن 5000 غرفة، لاعتذار الكثير عن الحضور أو عدم مقدرة البعض للحضور بسبب الأزمة الأمنية. والفنادق داخل البلد، والفنادق بجوار ساحات الألعاب الرياضية، تسامحت كثيرا في حجوزاتها، فقد كانت هذه الفنادق تصر على حجز سبعة عشر يوما على الأقل للحصول على غرفة واحدة في موسم الدورة، وحيث أنها لم تتلق الحجوزات المتوقعة، فإن الفنادق سمحت بحجز الغرفة لليلة واحدة. وأما عن المساكن المعروضة للإيجار في هذا الموسم، فتقول الإحصائيات إن هناك أكثر من 800 شقة وبيت ومنتجع معروضة للإيجار عند مكاتب السياحة واللجنة المنظمة، ولكن لم يتم استئجار سوى أقل من النصف، وبعد أن تم تخفيض الإيجارات التي كان يحلم بها أصحاب هذه المساكن، فقد كان البعض يطلب مبلغ 5000 آلاف دولار في الليلة الواحدة لمسكنه لمدة الدورة وهي 17 يوما، إلا ان هذا المبلغ انخفض إلى أكثر من النصف، طلبا لمستأجر، وتشجيعا له.