فرافيرو يرفع عصاه السحرية

هذا الفأر السوبرمان الذي يدلـله المترجمون العرب بـ فرافيرو، ويشد عيون أطفالنا من خلال أفلام الكارتون.. أصبح هذا الفأر يرفع هو الآخر عصاه السحرية ضد النحافة من جهة وضد السمنة من جهة أخرى.. وكأنما لسان حاله يقول: لماذا لا نهتم أيضا نحن الفئران بهموم الإنسان الكبرى وهي السمنة والنحافة؟ والقصة تقول ـ كما جاءت في إحدى أدبيات الكرتون ـ إن إحدى الفأرات وضعت فأرا هزيلا .. كان كلما جرى أو مشى يتعثر وإذا تسلق حائطا مثل أقرانه سقط.. وأصبح يمثل موضوع السخرية للفئران الصغار. وأصبحت هذه الفأرة الأم في غاية الحزن على حال ابنها خصوصا أنها كانت تخشى أن يقع فريسة سهلة للقطط التي كانت تترصد الفئران في هذه الجزيرة. وفيما هي غارقة في أحزانها، طرقت جحرها قريبة لها كانت قد سافرت خارج الجزيرة على ظهر إحدى السفن التي تتوقف في الميناء.. وفي الموانئ الأخرى تعلمت الكثير من العلوم والفنون. فلما دخلت ولاحظت صمت قريبتها وعلمت ما بها رفعت نظارتها ثم قالت عليك بإطعام ابنك اللبن والبيض والعسل وطحين الحبوب وفي الوقت نفسه يجب تدريبه يوميا على الجري والقفز والتمرينات السويدية حتى يصبح قويا قادرا على مواجهة أعباء الحياة . ونصحتها ألا تخرج ابنها فرافيرو إلى الساحة إلا إذا تأكدت أنه قوي يقدر على أقرانه الصغار الذين يعيشون في المزرعة حتى لا تصيبه العقد النفسية. وعاشت الفأرة الأم أياما قاسية وهي تلتزم بدقة بمواعيد الوجبات وتوفير التغذية التي أخبرتها بها قريبتها المتعلمة وكانت تلاحظ بسعادة تحول نحافة فرافيرو إلي لياقة وعضلات وأصبح يقفز قفزات قاسية. لقد أصبح قويا أكثر من المعتاد، وعندئذ سمحت له أمه باللعب مع أقرانه في المزرعة، ولكن هؤلاء الفئران الصغار الذين تعودوا على إيذائه والسخرية منه عندما كان هزيلا نحيلا، عاودوا سيرتهم الأولى. لكن الوضع هذه المرة تغير، فقد استطاع فرافيرو الرد على من أهانوه بالتغلب عليهم وتمكن من هزيمة أقوى فأر في المزرعة. ووسط اندهاش الجميع تنادوا به زعيما لهم، وكانت أمه قد علمته أن يكون مع الضعفاء، ولذا كون فريقا لمحاربة القطط التي هي عدو الفئران الأول. وكان فرافيرو حازما مع فريقه، فالفئران النحيفة يجب أن تتقوى باتباع نظام تغذوي صارم. وبدأ فرافيرو في مناوشة القطط، ولحسن حظه أن القطط على الجزيرة كانت قد أصابتها السمنة مؤخرا لأن أحد أثرياء القطط أنشأ مصنعا جلب له ماكينة الكترونية تلتقط الفئران من الشوارع والبيوت وأحيانا تشدهم من الجحور، ثم تعبأ الفئران في صناديق ذات عبوات متفاوتة وتوزع على بيوت القطط بالسيارات وهكذا تأكل القطط كثيرا دون أن تأتي بأي مجهود ولذلك سمنت وترهلت. ولذا فعندما حدثت المواجهة بين فرافيرو والقطط، انتصر عليهم، ولأول مرة تحقق الفئران نصرا تاريخيا على ألد أعدائهم، وذلك على عهدة فيلم الكرتون!! هكذا انتهت قصة الفرفور النجم.. لكن ماذا عنا نحن البشر .. ما دمنا في عصرنا الحاضر نجري التجارب على الفئران البيضاء والسوداء لنتأكد من خطورة أي دواء أو عدم خطورته أو عقاقير أو جراحات طبية أو مواقف ذات تأثيرات إشعاعية وحتى المواقف العاطفية.. لماذا إذن لا نستفيد من زعيم الفئران فرافيرو وأمه الصبورة وقريبته الأستاذة. نحن بالفعل أمام هم النحافة التي يعاني منها الكثيرون من أبنائنا وبناتنا خصوصا أن نسبة كبيرة من النحفاء أكثر عرضة من غيرهم لأمراض الأنيميا ومضاعفاتها. كما أن النحفاء يعانون من أمراض سوء التغذية ولين العظام وانخفاض مستوى الذكاء. ونحن إذا كنا قد انشغلنا بأمراض السمنة باعتبارها المسببة للكثير من أمراض العصر فذلك لا ينسينا مشكلات أبنائنا النحفاء.. لماذا إذن لا نطبق ما طبقه فرافيرو من التزام بالفطور والغداء والعشاء وتنفيذ برنامج رياضي محدد، لذا تحول من الهزال والنحافة إلى امتلاء مناسب وقوة عقلية أعانته على شئون الحياة. إن إطعام الأطفال من بني البشر وجبة فطور متوازنة وعدم تمكينهم من المشروبات الغازية والساندوتشات السريعة تجلعهم أكثر شوقا لوجبتي الغذاء والعشاء الكاملتين بالمنزل. لماذا لا نجعل الأولاد يلعبون ويتحركون حتى لا تنقلب النحافة إلى سمنة عندما يجلسون أمام التلفزيون؟ وبدل أن نعالج النحافة نجد أنفسنا أمام عدو آخر هو السمنة. أيضا هل نعي نحن البشر درس القطط السمينة بالجزيرة التي ترهلت عندما أصبحت تأتيها صناديق الفئران دون أي مجهود؟! وهل عرفنا الآن سر النحافة وسر السمنة وكيفية علاجهما؟ إذا كنا قد استفدنا من عائلة فرافيرو فلا بأس إذن من أفلام الكارتون.. وإلا فالأفضل إغلاق التلفزيون في وجه عصا فرافيرو السحرية وأوهامه التي يزرعها في أدمغة أطفالنا!!.