استراتيجيات إدارة الصراع

يتفاعل العاملون في المنظمات مع بعضهم بصفة دائمة لتحقيق الأهداف. غير أن هذا التفاعل قد يؤدي إلى إتقان العاملين في بعض المواقف وتعارضهم واختلافهم في البعض الآخر. وغالبا ما يؤدي هذا التعارض والاختلاف إلى حدوث الصراع التنظيمي. ويفهم الصراع التنظيمي على أنه نتيجة للمواقف التي يتصرف خلالها أحد العاملين بشكل يؤدي إلى الإضرار بالأنشطة الوظيفية لبقية العاملين أو التداخل معها أو مقاومتها أو تعارضها بما يؤدي إلى انخفاض كفاءة تلك الأنشطة وعدم قدرتها على تحقيق أهدافها. والصراع ليس سمة من سمات هذا العصر فقط، بل كان موجودا منذ الأزل. وأول صراع وقع على هذه الأرض كان بين هابيل وقابيل. ويأخذ الصراع أشكالا عديدة، فهناك صراع الفرد مع نفسه، والصراع بين الفرد والجماعة، والصراع بين الأفراد، والصراع بين الجماعات وأخيرا الصراع بين المنظمات. وإذا أخذنا الصراع بين الأفراد فإن أصحاب النظرة الكلاسيكية ينظرون إلى الصراع على أنه نوع من النقص والقصور الناتج عن الهيكل التنظيمي وعدم قدرة الإدارة على تكوين الهيكل التنظيمي المناسب وضعف قنوات الاتصال وعدم وضوح الأهداف. ويزداد الصراع حدة داخل المنظمة عندما تبتلى ببعض المديرين غير الأكفاء الذين يفتقدون إلى الخبرات والمهارات القيادية المطلوبة ويعتمدون في قراراتهم على الاجتهادات الشخصية بدلا من جمع المعلومات واتباع الخطوات العلمية لاتخاذ القرار إضافة إلى عدم التقيد بالقوانين والإجراءات التنظيمية وتهميش التسلسل الإداري ووحدته. أما أصحاب النظرة الواقعية العلمية فينظرون إلى الصراع على أنه ظاهرة تنظيمية ينبغي إدارتها وتحقيق أقصى استفادة ممكنة منها وأن مسببات الصراع الأساسية هي الاختلاف حول أساليب الرقابة واختلاف الأهداف وعدم توفر المقاييس الموضوعية لقياس النتائج وعدم الاتفاق حول الأدوار والمسؤوليات الأساسية للعاملين. ومن النتائج السلبية للصراع تفتيت جهود العاملين وخفض درجة التعاون فيما بينهم وتقليل روح الجماعة وارتفاع معدلات دوران الوظائف وزيادة درجة التباين والاختلاف بين العاملين والمديرين وبين العاملين بعضهم البعض، وعدم القدرة على تحقيق الرضا الوظيفي للعاملين وضعف الانتماء للمنظمة وتكون النتيجة النهائية تكبيد المنظمة تكاليف مرتفعة والفشل في تحقيق أهدافها ومن ثم تتهاوى على نفسها. وللسيطرة على الصراع، هناك خمس استراتيجيات لإدارة الصراع وهي كما يذكرها د. عادل زايد في كتابه (الإدارة العامة): الإجبار، التجنب، التهدئة، حل الوسط، المواجهة. واقترح (بيكر وزملاؤه 1988م) ثلاثة استراتيجيات تعكس كل من وجهة نظر المدخل الكلاسيكي والمدخل الوظيفي للصراع وتلك الاستراتيجيات هي استراتيجية التعاون، التنافس، التجنب. وتعكس استراتيجية التعاون الجهود التي يبذلها المدير من أجل تدعيم اعتقاد العاملين أن أهدافهم متوافقة أكثر منها متنافسة أو مستقلة عن بعضها البعض. ومن الطبيعي أن يدفع مثل هذا الاعتقاد العاملين إلى مناقشة الاختلافات الموجودة بينهم بصراحة ووضوح وبذلك يتم توظيف الصراع لمصلحة الأطراف المختلفة. أما الاستراتيجية الثانية لإدارة الصراع فهي استراتيجية التنافس. ويقصد بهذه الاستراتيجية الحالات التي يحاول فيها الفرد تحقيق مصلحته الذاتية بصرف النظر عن مصالح الآخرين. والغرض الأساسي في هذه الحالة هو أن الصراع عملية مكسب أو خسارة. ولذلك يحاول المدير في هذه الحالة إجبار العاملين على الامتثال لوجهة نظره ومقترحاته وقوته. وهنا يدرك العاملون وجود ارتباط سلبي بين أهدافهم وأهداف المدير وأن هذه الأهداف غير متوافقة. ومن ثم فإن العاملين يكونون في حالة تعاونية عندما يكون الهدف المشترك لهم هو تحقيق المهام الوظيفية المحددة من جانب المدير. وعلى العكس من ذلك يكون العاملون في حالة تنافس إذا ما أراد كل منهم أن يثبت للمدير أنه قادر على إنجاز المهام الوظيفية بشكل أفضل مما يستطيعه بقية العاملين في الإدارة. وإلى جانب استراتيجيتي التعاون والتنافس يمكن للمدير أن يلجأ إلى استراتيجية التجنب للمحافظة على التجانس والهدوء النسبي للاختلافات الموجودة في مكان العمل ومحاولة منع تفشي الشعور بالغضب أو الإحباط وهنا نلاحظ تجاهل مسببات الصراع بالرغم من السماح باستمرار الصراع نفسه في ظل ظروف معينة وهذا يعني إعطاء الموظفين فترة زمنية للتفكير والتروي وإعادة النظر في الأمور. وفي ظل ما تقدم لاحظنا بعض الاستراتيجيات التي يمكن أن يعتمد المدير على واحدة أو أكثر من واحدة منها. غير أن اختيار الاستراتيجية المناسبة لإدارة الصراع يجب أن تتحدد في ضوء النتائج التي يمكن أن تترتب على اختيار الاستراتيجية ومدى مساهمتها في حل الصراع.