الأخضر العلاقي!!

لم أعد أشاهد الملف العلاقي الأخضر الشهير.. ويبدو أنه انقرض، أو أنني لم أعد ملما بما يدور حولي هذه الأيام. (ملف علاقي أخضر) هو القاسم المشترك لمعاملات كثيرة أنجزتها في أزمنة غابرة، ولعل القارئ يشاركني بعضا من هذه الذكريات، كما يجوز أن يشاركني الحيرة في فلسفة العلاقي الأخضر. قد تكون الوسيلة الأكثر أمانا لحفظ أوراق المراجعين من الضياع والبعثرة والتلف، فلا يضطر الموظف إلى استدعاء المراجع لاستكمال النواقص أو التوالف أو المبعثر، فأوراقه (مخرمة) ومثبتة، ومؤمنة بشريط معدني متماسك يمكن حتى الاستفادة من تماسكه لتثبيت الصور الشخصية المرفقة. والحكمة الأخرى هي أن دواليب الحفظ المؤمنة للمؤسسات الخدمية الحكومية هي من نوع واحد، تحوي أدراجا بمقاسات تناسب العلاقي الأخضر، (ليتعلق) الملف ويسهل إيداعه واسترجاعه، فتتحقق بذلك الديناميكية وسرعة الإنجاز. هذه المقدمة الفلسفية أعددتها تمهيدا لمشروع سياحي صيفي أعتزم القيام به في أروقة وصالات وطوابير عدة مؤسسات خدمية لإنجاز معاملات وإجراءات تراكمت منذ زمن وربما احتجت إلى إجازة الصيف كاملة لأنهيها.. وإليك قائمة بأماكن سأزورها صيفا. الجوازات - الأحوال المدنية - مكتب المواليد والوفيات - الرئاسة العامة لتعليم البنات - شركة الاتصالات - البريد - مكتب الاستقدام - وزارة الخارجية. ويبدو أنها ستكون سياحة ممتعة.. أولا لأنها ستبعدني كثيرا عن أجواء العمل لأقف في طابور العملاء الزبائن المراجعين الجمهور، وأضيف شيئا أو أشياء إلى حصيلتي المعرفية عن عالم (الزبون) طالب الخدمة، وثانيا إنها فرصة لزيادة خبراتي الإدارية فيما سأقوم به من إجراءات، وتعبئة نماذج (وصياغة معاريض.. ربما). المشكلات المتوقعة التي قد تفسد متعة سياحتي الصيفية تتلخص في جهلي بالأنظمة والإجراءات مما قد يطيح (بسياحتي) إلى مدى أطول، وثانيها انقراض الملف العلاقي الأخضر في المحلات وأخشى (إن جد الجد) أن أقع في مأزق، أما الصور 4 6 فتحتاج إلى وقفة، فلكل مقام مقال، فلجواز السفر وضعه، ولدفتر العائلة مقامه، والبقية لا أدري إن كانوا يريدون تجسيدا لشخصي على أوراقهم أم لا. وما دام القارئ الكريم موقن بأني منه وهو مني، فلعلي أريحه بقولي إن الواسطة في البال لكن المشكلة تكمن في تعدد المواقع واختلاف الأهداف، فكيف لي بفريق عمل محترف له ثقله في جميع تلك المؤسسات؟ (ويكن لي كل هذا الحب)؟ والخطة البديلة أن أواصل إيصال صوتي لكل من له صلاحية أو تأثير بأني وكثير مثلي في القطاع الخاص لا يستطيعون الاستفادة من تلك المؤسسات الخدمية المهمة دون أن يكون لها فترة مسائية. وخطة كوارث أخرى (إن غلبت الروم) أن أبيع هذا المقال كدراسة جدوى اقتصادية لمكاتب الخدمات العامة التي تعيش على أكناف من أعيتهم الحيلة وأعدموا الوسيلة وحرموا الوقت. أحلم - والقارئ ربما - بيوم نجدد فيه الاستمارة والرخصة بالبريد (يحدث هذا الآن على بعد كيلومترات خارج الحدود) وبفورة تقنية في مجال المعلومات يجعلنا نتعامل مع ما نحتاج إليه من خدمات تماما كما نتعامل اليوم مع الخدمات المصرفية، أحلم بوقت يمكن توفيره، وبجهد يمكن استثماره، وبمبان نستطيع توظيفها في مجالات أخرى، ناهيك عن الازدحام واستهلاك الوقود والأعصاب. إن كان بعضنا يعده حلما، فأنا أعتبره ليس فقط قابلا للتحقيق، بل وأقرب مما نتوقع. فكل ما حولنا الآن يتحول إلى تقنية، وكل ما يحيط بنا يتشكل شيئا فشيئا بوضعية إلكترونية، فقط أطلق لخيالك العنان، وجل بنظرك لدقائق في الإنترنت وستذكرني بالخير. هذا غيظ من فيض، وكل ما كتبته أعلاه جاء بوحي من طيب الذكر (الأخضر العلاقي) الذي سيتحول حتما إلى ملف إلكتروني تشكله بلونك المفضل، ويمكن (تعليقه) في حالة واحدة، وهي أن تواصل شبكات الإنترنت انقطاعها!