صياغة جديدة لجيل مهني قادم

كل قصور في سلوك الإنسان، مرده إلى تربيته وتعليمه في تنشئته الأولى.. فالبوتقة الأولى التي يعد في داخلها التكوين الأساس لسلوك المرء في مستقبل أيامه هي بيئته. فتش عن البيئة! والبيئة تبدأ في البيت الذي يتناول الوالدان فيه الطفل، ومع العناية بجسده بوصفه الهيكل المادي الحامل لما في داخله من العقل والنفس والوجدان، وما يرتبط بذلك من المشاعر والمرغبات والدافعيات والقدرات والاستعداد وبذور المهارات، تكون العناية بكل ذلك معا داخل هذا الجسد ومعه، حيث إن أحسن تناولها وتربيتها وبلورتها وصقلها وتكوينها، تكونت لها الاتجاهات السليمة، والنهج الجيد، وتحقق لها الظهور في شكل أداء سلوكي قويم. وتواصل ذلك بيئة المدرسة التي تعمل على تناول هذه المكونات الأولى، ووضعها أمام محك الخبرات المعرفية كي تضاف إليها وتكون المادة التي تمتزج في دخيلته، ثم تظهر سلوكا يصدر عنه سواء تعلق بسلوكه الفكري أو العملي الحركي في الحياة. مثل هذا التكوين، الذي يبدأ من البيت وينتهي إلى المجتمع، هو الذي يحدد كيف يكون الإنسان؟! فردا في جماعة، عضوا في فريق مستقلا في رئاسة عمل. ولن يتحقق له الأداء الفعال ما لم يكن المجتمع الذي هو عضو فيه قد رسم له الأهداف، وخطط له البرامج التي يقوم بأدائها هذا الإنسان. احترام المهنة ..عمل حضاري فالمجتمع الذي يقدر المهنة، على اختلاف مجالاتها ويقدر الذي يؤديها، ولا يضع في الاعتبار لهما إلا كيفية الأداء ونتائجه يعمل هذا المجتمع على توطيد ما تحقق لهذا الإنسان من تكوين في بيئته الأساس البيت والمدرسة - ومراحل التحصيل المدرسي علي اختلافها. فالمرء النشط الفعال المقبل على عمله بدافعية عالية، الواثق من نتائج عمله الملم بحاجات هذا ا لعمل من التنظيم والتهديف والتنفيذ، المدرك لحاجات مجتمعه إلى محصلات عمله، الذي يؤد ي عمله في دقة ووعي وانضباط، العامل على تطوير مستواه بشكل مستمر، المتابع لكل ما يجد في مجال عمله العامل على الابتكار فيه والتحديث، الذي يتحدى الزمن، والنتائج، هذا المرء هو محصلة البيئة الخاصة والعامة، وهو جزء منها له فيها وعنها كل ما يناط به. فكيف تكون نواتج عمله قوية أو ضعيفة هي محصلة أدائه. أما أداؤه فهو الأسلوب الذي يعبر بوضوح عن خصيصتين: الأولى سماته الخاصة التي ترتبط بما خصه به الله تعالى من التميز الفردي الذي يشير إلى قدرة الله في خلقه، والأخرى التي ترتبط بمحصلة تربيته وتعليمه وممارسة هذه الخبرات الناتجة عنها. أسلوب المواجهة فإن وجد في بيئة العمل في أي مجتمع ظاهرة عامة لا خاصة، منتشرة غير محدودة كظاهرة ضعف الإنتاج على سبيل المثال بين العاملين في القطاعات المهنية في مجتمع ما.. فإن هناك خللا في نهج التربية والتعليم والموقف الاجتماعي العام. وليس مردها إلى الصفات الشخصية للإنسان بعكس إن وجدت ظاهرة ولكنها محدودة، وفي مجال دون الآخر فهي مناطة بالأفراد الذين يمثلونها فيخضعون لبرامج تنمية وتحديث خبرات وتطوير مهارات خاصة. إن العودة إلى الأساليب الخاصة للتربية والتنشئة، وللتعليم والتدريب، كفيلة بتكوين مجتمع مسؤول فيه أفراده. كما أن مواكبة المتغيرات العامة العالمية في تحديث آليات التكوين لتوجهات المجتمعات حسب حاجة دولية الحياة من مهن وأعمال كفيلة ببلورة الاتجاهات لدى الأفراد، وتجديد مفاهيمهم عن العمل. لذلك عند انتشار الظاهرة الاجتماعية، فإن مواجهتها بمعرفة أساسها كفيل بأن توضع لها برامج علاجية كي تقضي في مهدها على مراحل مدروسة وفق منهجية لا تقصر آليات الأداء الحديث في المجالات العملية والعلمية عن تحقيقها.