إعادة التأهيل المهني..ضرورة!

كثير من دول العالم المتقدمة تتبنى خططا واستراتيجيات تتعامل بها مع متطلبات العصر واحتياجاته، بحيث تستطيع مواجهة كثير من المشكلات، وتدفع بعجلة التنمية لتحقيق الازدهار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. إن الدول المتقدمة ومن خلال هذه الخطط والاستراتيجيات تؤمن إيمانا كبيرا بإعادة التأهيل المهني لكثير من الشباب العاطلين عن العمل محاولة إيجاد وظائف تناسبهم في سوق العمل. إن مشروع إعادة التأهيل المهني مجموعة برامج تقوم بها وتشرف عليها جهات تعليمية وتدريبية متعددة تنفذ برامج ودورات متخصصة تلبي احتياج سوق العمل، وتحقق هدفين هما: -1 إيجاد فرص وظيفية لهؤلاء الشباب. -2 تلبية احتياجات السوق من العمالة المدربة. وقد استطاعت الدول المتقدمة عن طريق إعادة التأهيل المهني أن توظف آلاف الشباب كل عام. إن مشروع إعادة التأهيل المهني يتطلب الكثير من البحوث والدراسات وتضافر جهود كثير من المؤسسات والمنظمات سواء الحكومية أو القطاع الخاص لتنفيذه بشكل متكامل محققا الأهداف التي وضعت من أجلها. ويلعب النظام التعليمي في البلد الدور الرئيس والهام في مشروع إعادة التأهيل المهني وذلك من خلال الإشراف عليه وتقويمه ووضع الشروط اللازمة لتنفيذ أهدافه بدقة، فهو يضع الشروط الخاصة بأعضاء هيئة التدريس، والمدة المقررة للبرامج، ومدة التدريب العملي التي يقضيها المتدرب في سوق العمل. وفي دولة رائدة في التدريب المهني والتقني مثل ألمانيا تقوم عدة مؤسسات بإعادة التأهيل المهني ومن هذه المؤسسات مؤسسة فوروم للتأهيل الوظيفي وهذه المؤسسة تقوم بتقديم العديد من الدورات المتخصصة في السياحة والعقارات وتجارة التجزئة والاستشارات والشؤون الاجتماعية، وقد استطاعت هذه المؤسسة توظيف 70-80? من المشاركين بها، وهناك أيضا مؤسسات أخرى تقدم برامج لإعادة التأهيل المهني كاقتصاد المساكن والأبنية، وتقنيات الاتصال ووسائل الإعلام، والتقنيات الحديثة. إن نجاح هذه المؤسسات رغم وجود منافسة شديدة بينها ينطلق من الحس الوطني العالي في تقديم برامج ذات جودة عالية تؤهل كثيرا من العاطلين للعمل، وملبية لاحتياج سوق العمل من العمالة المدربة. إن المتأمل لواقع التدريب المهني في البلدان العربية يجد الفجوة الكبيرة بينها وبين الدول المتقدمة، ناهيك عن عدم وجود برامج لإعادة التأهيل المهني والتي تنطلق أساسا من قوة التدريب المهني، وكان لزاما على هذه الدول الاستفادة الحقيقية من تجارب الدول المتقدمة في برامج التدريب المهني والتقني خاصة مع انفتاح الأسواق وتحرير التجارة العالمية والتي قد تتسبب في فقدان الآلاف من الشباب وظائفهم إذ لم يعد تأهيلهم من جديد للقيام بالوظائف التي يحتاج إليها سوق العمل.