الصعود الكبير للنخب الجديدة
لا شك أن طبيعة البشر، تميل إلى تضخيم الذات وحب الأنا وكسب الاهتمام، وتلك الطبيعة في حدودها المعقولة والمقبولة، لا يجب أن تكون مثار استياء أو ضجر من أحد، فلكل إنسان، مهما كانت قدراته وطموحاته، الحق في تحقيق أحلامه ورغباته وتطلعاته، هذا طبعاً دون الإضرار بحقوق ومكتسبات الآخرين.
يبدو أن ذلك الواقع الذي أصبح أسلوباً ونهج حياة، هو من يرسم ملامح وتفاصيل المجتمع ويحظى بحد لا بأس به من القبول والاعتراف، ولكن الأمر الذي يُثير ويُربك، بل ويُخيف، هو الصعود الكبير لطبقة/ نخبة جديدة من مشاهير ونجوم وأيقونات المجتمع، تتصدر كل وجهات وملامح حياتنا المعاصرة.
طبقة جديدة، تُتقن استخدام مصادر التقنية الحديثة وتُجيد توظيف شبكات التواصل الاجتماعي وتملك جرأة كبيرة لترجمة كل الأفكار والرؤى والأحلام التي تحملها إلى مشروعات واقعية وبرامج حقيقية، تدر عليها الأموال وتكسبها المزيد من الأضواء والشهرة.
نعم، قد تكون دروب الشهرة والأضواء والعدسات الآن أسهل بكثير مما كانت عليه في العقود الماضية، فقد كانت الشهرة التقليدية انعكاساً لثقافة عالية أو منصب رفيع أو نجومية مطلقة في الرياضة والفن والإعلام والدين، وهي عملية معقدة تحتاج سنوات طويلة.
مع بزوغ الألفية الثالثة واجتياح طوفان برامج ومواقع التواصل الاجتماعي التي تُسيطر تقريباً على كل مفاصل/ تفاصيل حياتنا، برزت هذه الطبقة الشابة من المشاهير الجدد بشكل مفاجئ وسريع، محطمة كل القواعد والأنماط والطرق التقليدية التي كانت تصنع النجوم والرموز والنخب في مختلف المجالات.
وبين الانتشار والتأثير، والكم والنوع، والواقع والافتراض، تسلق هؤلاء المشاهير بكل خفة ورشاقة سلم المجتمع، ولم تستطع كل المحاولات والمقاومات التي كانت تواجههم من هنا وهناك، أن تُثنيهم عن تكملة مشوارهم وتحقيق أحلامهم، بل على العكس تماماً، فهم في صعود مستمر، يقدمون البرامج التلفزيونية والإذاعية ويُشاركون في كل الاحتفالات والفعاليات ويربحون الملايين والفرص نتيجة ترويجهم وتسويقهم للبضائع والمنتجات ويحظون بالاعتراف والمكانة ويكسبون الشهرة والتقدير.
كل المؤشرات والأرقام والحقائق، تؤكد بما لا يدعو للشك، فوز هؤلاء المشاهير الجدد بكامل القطع والحصص والفرص في حياتنا المعاصرة، ولم يعد التشكيك بقدراتهم ومؤهلاتهم ونضجهم من قبل النخب التقليدية يُجدي نفعاً.
هذه النخبة الجديدة وهؤلاء المشاهير الجدد، حقيقة يُجسدها الواقع الذي نعيشه، وكل ما يمكن فعله هو خلق بيئة تنافسية لصعود نخب ومشاهير أخرى متسلحة بالعلم والمعرفة والوعي والمسؤولية لتصنع حياة/ محتوى أفضل.
بقلم/ فاضل العماني -الرياض