الدجالون التسعة
نشرت إحداهن كتباً متهافتة ثم استضافوها على شاشات فضائيّات تسوّق بمهارتها اللغويّة لتفاهات وأفكار بوصفها صاحبة الحلول النفسيّة وتطوير الذات والروح. وهذه المتعالمة لم تأتِ ببدعة جديدة فقد سبقها كثيرون وكثيرات بمثل هذه الموضات الخادعة. وفي كل مرحلة تنكشف أحابيل مثل هذه الصرعات ومروّجيها تختفي قليلاً ثم تعاود الظهور على يد دجّالات ودجّالين جدد بمسمّيات مختلفة وماكرة لذات الظاهرة.
وعلى مدى يزيد عن 25 عاماً من العمل في التدريب والتدريس التقيت كثيرين وكثيرات من ممارسي مثل هذا الدجل وحيل الكلام لخداع الناس المهمومين والمقهورين والمهمشين. وقد اهتممت بدراسة هذه الظاهرة ولقاء بعض رموزها ومحاورتهم. ومما لفت نظري في شخصيات معظم هؤلاء أنهم يعيشون أحوالاً اجتماعيّة بائسة وبعضهم ربما كسب مئات الألوف من بيع الوهم باسم تطوير الذات وإطلاق العملاق وبيع وهم الجذب والطاقة والبرمجة وانتهت به الحال كئيباً معدماً.
كيف إذا يصدقهم بعض الناس ويتابعونهم؟ ربما يسأل سائل وهو سؤال له مبرراته والجواب بسيط. أولاً ظاهرة ما يسمى بمدربي الحياة ومكتشفي القدرات ومبرمجي الذات ونحو ذلك من الشعوذة والدجل موجودة في الولايات المتّحدة وأوروبا من أكثر من أربعة عقود. وقد راجت هذه الظاهرة مع طغيان الحياة الماديّة وشيوع تفكك العلاقات وتراجع دور المراجع الرسميّة وشبه الرسميّة في التوجيه الاجتماعي. وشجع مثل هذه الظواهر إعلام التكسب باستغلال بعض الفراغ الروحي جراء ضعف دور الكنيسة والدين في حياة المجتمعات الغربيّة واستطاعت بعض الشبكات تسويق أسماء مدربين يبيعون الوهم للناس المتبعة من كل شيء.
في عالمنا العربي تراوحت الظاهرة بين الارتزاق والانتهازيّة للتصدّر والتأثير بل لقد حاول بعض مروّجيها ركوب الموجة (وأسلمة!) هذه الظاهرة في التسعينيات وأوائل الألفيّة وكتبت حينها بعد مناظرة مع أحد الدعاة للبرمجة العصبيّة مقالاً عنوانه "البرمجة العصبيّة: بين الشعوذة والتضليل". وأذكر البرمجة العصبيّة الطاقة
بقلم/ د. فايز الشهري - الرياض