السياحة آمال وخيالات وخبالات

أصبحت السياحة كلمة السر للأفراد والدول، فهي تعني عند الناس التمتع والاستجمام والتحرر من أعباء العمل ومشاهدة كل غريب وأخاذ من بلدان العالم، وهي للدول مصدر اقتصادي مهم تسعى إلى تعزيزه بشتى الوسائل بعد أن بلغت مداخيل السياحة في العالم 1.4 تريليون دولار (1400مليار دولار) سنويا. الاستمتاع الفردي! لعل الظاهرة الخطيرة والمدمرة التي تنطوي عليها موضة السفر هي برامج الاستمتاع والاستجمام الفردية، فتحت هذه التسمية تخاطب شبابنا كثير من الجهات، لجلب شريحة كبيرة من راغبي السفر منهم بعيدا عن صحبة الأهل أو رقابة الأسرة إلى برامج ورحلات لاسيما في بعض دول شرق آسيا تايلاند تحديدا لإمضاء أجازة ممتعة وسعيدة حيث يجد الفرد هناك برامج مخصصة لهذا الغرض، أعدها سماسرة الحرام تحت مسميات مثل برامج التدليك والدليل المصاحب وغيرها. حيث ينفلت العقال، ويقع الشر كله ليعود الضحية الراغب في المتعة الحرام بغضب ربه، ولايسلم من الأمراض الفتاكة، فأصبحت السياحة المصدر الأساسي لحالات الإصابة بها في مجتمعاتنا جراء الرحلات البائسة التي ينشدها راغبو الانفلات والبحث عن المتعة الحرام غير عابئين بوبال العاقبة أو الندم وقت لاينفع الندم. وثالثة الأثافي هي السقوط في مستنقع المخدرات والسموم المهلكة، فلا يرعوي الكثير من المدفوعين بالرغبة في الانفلات عن السقوط في هذا المستنقع الآثم، بدافع التقليد تارة أو تزيين رفقة السوء، أو الرغبة في التجربة في ظل غياب رقابة الأهل والوازع الشخصي، وغالبية من سقطوا في هذا المستنقع بدأوا ذلك في ظل تلك الأجواء التي جعلت العقيد عبدالجليل مهدي نائب مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شرطة دبي يحذر من مخاطر السفر خارج الدولة خلال فترة الصيف خاصة فئة الشباب. ويقول مهدي إن المتابعة الميدانية والضبطيات كشفت أن نسبة كبيرة من الشباب بدأوا في تعاطي المخدرات وهم خارج الدولة، واستدل في ذلك بدراسة أجريت على عينة من المدمنين أثبتت أن 33? منهم كانت بدايات تعاطيهم خارج الدولة، وحذر المسؤول الأمني من حالات التحايل التي يذهب ضحيتها كثير من الشباب المسافرين للخارج قائلا: في بعض الأحيان يطلب أحد الأشخاص في دولة ما من المسافر حمل حقيبة لايعلم مابداخلها، كما لايعلم بأن هذا المجرم استغل طيبته في إيصال ونقل الحقيبة دون علم بماتحويه من مواد مشبوهة أو مخدرات، مطالبا بعدم الاستجابة لتوسلات البعض بشأن حمل الحقائب لأشخاص يهدفون إلى توريط الآخرين في جرائمهم لاسيما أن القانون لايحمي المغفلين، كما دعا الأهل والأسر إلى مراقبة الأبناء ووجهات سفرهم والأشخاص الذين يسافرون معهم. صناعة.. فكيف نرتادها؟! إذا كانت السياحة والسفر واحدة من مجالات النشاط الاقتصادي والمورد الأساسي للدخل القومي والعملة الصعبة في كثير من دول العالم.. فكيف نرتادها إذن.. وبأية شروط؟ واقع الحال يؤكد أننا لازلنا مكتفين بوضع الزبون شأننا في ذلك شأن الكثير من المجالات، ولكننا زبون خاص، منفق يتنافس عليه أصحاب السلع، لاسيما أن الإحصاءات تقول أن هناك 20 مليون سائح عربي ينفقون كل عام 25 مليار دولار حسبما أعلن في ملتقى السياحة والسفر الذي عقد مؤخرا في إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة. هذه الأموال العربية المهدرة باسم السياحة والسفر والتي تتعدى ميزانيات دولة أو أكثر يذهب معظمها إلى دول الغرب في وقت نحن أحوج مانكون إليها، ناهيك عن تبعات هذا الإنفاق ومداواته بإنفاق آخر، ولعل صوت العقل يقول: إذا كانت التجارة البينية- بين الدول الإسلامية والعربية بعضها البعض- لازالت دون المستوى فمن باب أولى أن يتم تدارك هذا التقصير في السياحة البينية إذا جازت التسمية، وقبلها السياحة الداخلية في كل دولة، فكثير ممن يتطلعون للسفر إلى الدول الأجنبية لايعرفون خريطة بلدهم بالضبط أو مزايا كل منطقة فيها ناهيك عن الجوار العربي أو الإسلامي. وبدلا من الانسياق وراء الغرب أرضا وقيما، أو استدعاءه لكي يؤسس لنا سياحة داخلية بشروطه هو، وآلاته من صناعة فندقية غربية بكل ماتحتويه من محاذير ومزالق، وحتى مفاهيم تجعل من أحد أركان ديننا اسم سياحة.. بدلا من كل ذلك علينا أن نعيد اكتشاف المكان الذي أنعم الله به علينا، وما أغناها من أرض حقيقية، تضم من نعمه الكثير من أجمل صور خلق الله وأنسبها لكل أوجه السياحة والسفر الحلال سواء كانت ترفيهية أو علاجية، أو استكشافية أو تعليمية بعيدا عن شبهة الحرام وخطر الفساد أو الإفساد. حول هذا الموضوع يقول د. يوسف القرضاوي: إن الأصل مشروع مادام لم يكن هناك أمر محرم، ولكن هناك ضوابط، ومن ثم ننصح أن تكون السياحة إلى البلاد الإسلامية، وفي كل هذه البلاد مناطق سياحية منها الباردة صيفا، والدافئة شتاء، والخضراء الرائعة ... الخ، ومن ثم لاينبغي أن يستفيد من نفقات سياحة المسلم إلا المؤمنون والأتقياء. يقول الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر: إن السياحة- بمعنى الانتقال من مكان إلى مكان آخر لمشاهدة مافيه من آثار أو للتنزه والتمتع بما فيه من مناظر أو مظاهر- أمر لايمنعه الدين في حد ذاته، بل يأمر به إذا كان الغرض شريفا، فقد أمرت الآيات الكثيرة بالسير في الأرض للاعتبار بما حدث للسابقين أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها محمد: 10، قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين النمل: 69. ويضيف أن الحج نفسه سياحة دينية وعبادة مفروضة، وشد الرحال إلى المسجد الحرام بمكة، وإلى المسجد النبوي بالمدينة، وإلى المسجد الأقصى بالشام مرغوب فيه كما جاء في الحديث الصحيح، وذلك للعبادة وزيادة الأجر، والأمر بزيارة الإخوان والرحلة لطلب العلم وللتجارة كل ذلك سياحة مشروعة، ونسب إلى الإمام الشافعي- ورحلته في طلب العلم معروفة- دعوته إلى السفر. السياحة والغزو الثقافي لاشك أن للسياحة- خصوصا إلى بلاد الغرب- مضارها العديدة، بل إنها من أكثر وأسرع مصادر الغزو الثقافي تأثيرا على الشباب الذي يعود متغنيا بحضارة الغرب، ولايقتصر الأمر على هذا بل يمتد إلى مخاطر صحية أخرى كالإصابة بمرض الإيدز المدمر عبر العلاقات الجنسية المحرمة، وربما تجنيد الشباب العربي للتجسس على بلادهم عبر إغرائهم بالجنس والمال وإيقاعهم في براثن أجهزة المخابرات المعادية. سياح الخليج إلى الدول الإسلامية ورغم أن العديد من البلدان الإسلامية تقدم إغراءات لسياح دول الخليج الذين يمثلون شريحة مهمة في السياحة العربية، فقد ظلت السياحة الخليجية تتجه بكثافة إلى أوروبا وأمريكا، وساعد على هذا أن جيل الشباب الجديد المبهور بالغرب وحضارته يفضل أوروبا على الدول العربية. وقد جاءت أحداث 11 سبتمبر لتجبر العديد من العائلات العربية على تحويل وجهتها السياحية مرة أخرى إلى البلدان العربية والإسلامية مثل مصر وتونس والمغرب وتركيا وماليزيا خصوصا مع تزايد المضايقات للعائلات العربية وتحديدا الخليجية. وعلى سبيل المثال ارتفعت حركة السياحة الخليجية إلى تركيا بنسبة 71? عام 2001، ويتوقع المسؤولون الأتراك مزيدا من الارتفاع بعد هجمات سبتمبر وما أعقبها من عنصرية في معاملة العرب في الولايات المتحدة. ومعروف أن السياحة السعودية ثم الكويتية هي الأكثر سفرا لتركيا. وتزداد حاجة دول عربية مثل مصر والأردن وتونس إلى هذه السياحة العربية ليس فقط كبديل عن أوروبا وأمريكا، ولكن أيضا لتعويض الخسائر التي منيت بها بسبب أحداث 11 سبتمبر أيضا. فالانعكاسات السلبية التي سببتها هجمات الحادي عشر من سبتمبر أثرت بشدة على السياحة المصرية التي خسرت ثلاثة مليارات دولار هي عائد السياحة سنويا، وعلى السياحة في الأردن، التي مثلت في العامين الأخيرين مايقرب من 10? من إجمالي الدخل القومي. ولبيان أهمية المبالغ التي ينفقها سياح الخليج في إنعاش اقتصاديات دول شقيقة نشير إلى أن الأمين العام للهيئة العليا للسياحة الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز أكد في سبتمبر 2001 لصحيفة عرب نيوز أن السياح السعوديين أنفقوا في عام 2000 أكثر من 15 مليار دولار على رحلاتهم للخارج. كما قال مارك ميلر مدير عام هيئة السياحة البريطانية في الشرق الأوسط: إن بريطانيا استقبلت عام 2000 أكثر من 446 ألف سائح من الشرق الأوسط أنفقوا أكثر من 757 مليون جنيه استرليني. وتشير الدراسات السعودية إلى أن إنفاق السياح المحليين والدوليين بلغ أكثر من 35 مليار دولار، وهو مارفع مساهمة قطاع السياحة في السعودية إلى مانسبته 5.5? من الناتج الإجمالي خلال عام 2001م. وتوضح الدراسات أهمية الدور الذي يؤديه قطاع السياحة في دعم الاقتصاد السعودي بشكل عام، حيث بلغ إنفاق السياح المحليين22.4 مليار ريال بنسبة 63?، وإنفاق السياح الأجانب والدوليين 12.8 مليار ريال بنسبة 36?. وبالطبع شكلت عوائد سفر الحجاج والمعتمرين مصدرا مهما للدخل ووصلت إلى حوالي 14 مليار ريال بواقع 5 مليارات ريال من الحجاج و6 مليارات ريال من المعتمرين و5.2 مليار ريال عوائد شركات السياحة والسفر. صناعة عملاقة أصبحت السياحة صناعة عالمية تناهز صناعة السلاح والمخدرات في حجم الأموال التي تدرها، الأمر الذي لعب برؤوس بلدان كثيرة راحت تبحث عن نصيبها من هذه الكعكة، فها هو وزير السياحة في أفغانستان يؤكد أنه يسعى إلى استجلاب 30 ألف سائح إلى بلاده في غضون العامين القادمين. طبقا لإحصاءات منظمة السياحة العالمية- مقرها مدريد- فإن الرحلات السياحية لعام 2000 بلغت 698 مليون رحلة سياحية ومن المتوقع أن يتضاعف هذا العدد 20 مرة في عام 2020، وإذا افترضنا أن متوسط ماينفقه السائح هو 2000 دولار في الرحلة فإن ذلك يعني أن مداخيل السياحة في العالم تصل إلى 1.4 تريليون دولار- أي 1.4 ألف مليار دولار- يتوقع أن تصل إلى 28 ألف مليار دولار (28 تريليون دولار). هذه الأرقام الفلكية أصابت بعض الاقتصاديين بلوثة جعلتهم يسعون إلى جذب أكبر عدد من السياح إلى بلدانهم بأي ثمن حتى فاقت الاستثمارات السياحية في بعض البلدان استثمارات الزراعة والصناعة والخدمات الأخرى. في مصر مثلا بلغ حجم الاستثمارات في المنتجعات السياحية على شواطئ البحر الأحمر في سيناء والغردقة أكثر من 30 مليار دولار، بل إن الاستثمارات في مجال ملاعب الجولف بلغت أكثر من 10 مليارات جنيه مصري رغم أنه لايجيد هذه اللعبة في مصر إلا اثنان (عمرو موسى وحسنين هيكل) وبررت هذه الاستثمارات وقتئذ- قبل عشر سنوات- بأغراض جذب السياح الغربيين، ناسين أن اتجاهات حركة السياحة ليست قرارا فرديا يتخذه السائح بل تتحكم فيها شركات عالمية ترتبط بتوجهات سياسية، فأسبانيا تستقبل أكثر من 40 مليون سائح سنويا، ومصر تستقبل أقل من نصف عشر هذا الرقم رغم أن بها أكثر من 60? من آثار العالم. مالم ترتبط السياحة بأغراض دينية فإنها تظل عرضة للتلاعب من قبل الشركات العالمية ومن ثم فإن الاستثمار فيها يظل محفوفا بالمخاطر. خلال العقدين الماضيين، كان حجم الاستثمارات السياحية في مصر يكفي لزيادة مساحتها الزراعية أكثر من أربعة أضعاف، لكن مردود هذه الاستثمارات يصاب بالشلل تماما لمجرد إطلاق النار على سائح أو فوج سياحي- كما حدث في الأقصر قبل عدة سنوات- وتصنف مصر على أنها بلد غير آمن رغم أنها لاتشهد معشار ماتشهده أي عاصمة أوربية من أعمال عنف. كان المفكر الإسلامي عادل حسين- رحمه الله- أول من نبه إلى خطورة هذا الوضع ومخاطر الاعتماد على السياحة كمصدر رئيس للاقتصاد، فهو مصدر لاتملك الدولة مفاتيحه مهما بذلت من جهد وقدمت من خدمات، بل إن تدفق السياحة يرتبط بالتوجهات السياسية للدولة، فالبلدان الغربية- وهي مصدر 75? من السياحة العالمية- توجه سائحيها عبر الشركات العالمية إلى البلدان المرضي عنها وتحجبهم عن البلدان المغضوب عليها، وبذلك تظهر السياحة كوسيلة ارتهان سياسي. أما الاستثمارات الأخرى كالزراعة والصناعة فهي أكثر تحررا من إرادة الآخرين وفوق هذا وذاك فهي أكثر التصاقا بالاحتياجات الأساسية للسكان فالناس يزرعون ويصنعون أيا كانت الظروف حولهم سلما أم حربا، بعكس السياحة التي تتأثر بمجرد الشائعات والمبالغات الأمنية ناهيك عن شبح الحروب الحقيقية. وفوق المخاطرة الاقتصادية فإن السياحة كنشاط اقتصادي تفرز مجتمعا سياحيا له سمات اجتماعية خاصة فحيث تكثر الأفواج السياحية في المنتجعات والفنادق والأماكن الأثرية يتزايد عمال الفنادق والخدمات الذين يزداد احتكاكهم بفئات مختلفة من السياح، وقد لاحظ علماء الاجتماع أن هؤلاء العاملين يعتقدون أن السائحين ينتمون إلى مرتبة أرقى من بني جلدتهم، وأن العامل نفسه يكتسب جزءا من هذه المكانة لخدمته هؤلاء السائحين فيبدأ في الرطانة ببعض الكلمات الأجنبية، ويتكبر على أهله حتى ولو كان عمله مجرد خادم أو طباخ في فندق يستقبل هؤلاء السياح. ويسعى هؤلاء العاملون إلى الزواج من السائحات الأجنبيات، ويكون العريس في الغالب شاب في مقتبل العمر والعروس تجاوزت العقد الخامس أو السادس، لايهم فالمهم هو أن يجد ذلك الشاب فرصة في السفر إلى بلد الزوجة. ومنذ مطلع التسعينيات بدأت أفواج تترى من الفتيات الروسيات والأوكرانيات تتوافد على التجمعات السياحية في بعض البلدان العربية حيث يعملن في خدمة الفنادق وفي أعمال الترفيه (الرقص) والساونا وفي خدمات أخرى. سياح وجواسيس تهافت بلدان العالم على السائحين جعل السياحة مدخلا مناسبا للتجسس بين الدول، فمنذ توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل زار مصر 50? من سكان إسرائيل فوق 15 سنة، ويزخر ملف العلاقات بين البلدين بقصص شتى من التجسس مورست تحت غطاء السياحة، حيث تم تجنيد العديد من الشباب المصري في بلاد أوروبية عبر أجهزة الموساد، وتجنيد آخرين ذهبوا للدولة العبرية بغرض العمل وابتزازهم بوسائل مختلفة للتجسس على بلادهم، كما تم ضبط العديد من الإسرائيليين القادمين لمصر بدعوى السياحة في شبكات تجسس. فتجنيد المصريين في شبكات تجسس إسرائيلية- كما كشفت التحقيقات في العديد من القضايا التي تم ضبطها- يتم غالبا عبر الفتيات الإسرائيليات أو الأوروبيات المتعاونات مع الصهاينة، وكثيرا مايتم إغراء الشاب بالزواج من إسرائيلية سواء للإقامة أو لتوفير فرصة عمل له خصوصا في فترات انتشار ثقافة السلام قبل اندلاع انتفاضة الأقصى. وقد أثار العديد من نواب البرلمان المصري هذه القضية. فقد حذرت لجنة القوى العاملة بمجلس الشعب المصري (البرلمان) العام الماضي من تزايد ظاهرة زواج الشباب المصري بإسرائيليات كمخرج من حالة البطالة الخانقة التي يعانون منها، وقال نائب حزب التجمع اليساري أبو العز الحريري: إن بعض الشباب المصري يلجأ للسفر والعمل في إسرائيل والزواج من إسرائيليات للإقامة بسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة في مصر وعجز الشباب عن توفير نفقات الحياة والزواج. السياحة إلى إسرائيل وقد دأبت إسرائيل لتسخير السياحة في أغراض أخرى فعقب غزو لبنان عام 1982 أعلنت السلطات الإسرائيلية عن فتح الحدود واسعة أمام المدنيين اللبنانيين، من تجار وسياح وعمال، في بداية الثمانينات إبان الاجتياح الإسرائيلي للبنان. حيث اهتمت بتشجيع السياحة إلى إسرائيل، فسهلت إجراءات عبور الأفراد نحو أراضيها بسياراتهم الخاصة، وتخلت عن إجراء ختم جوازات المسافرين الداخلين، ومددت إمكانية المكوث في إسرائيل للسياح حتى 30 يوما، ونظمت وزارة السياحة الإسرائيلية مشروع البيت المفتوح لاستقبال القادمين في عيد الشعنين. كانت حصيلة الجهود الإسرائيلية لتنمية هذه السياحة في اتجاه واحد أن بلغ عدد السياح اللبنانيين الذين دخلوا إسرائيل سنة 1983، نحو 66 ألفا أتوا عبر الممرات الحدودية، في مقابل 19 ألفا سنة 1982. واستمر عبور السياح اللبنانيين بوتيرة 4 آلاف إلى 5 آلاف سائح في الشهر حتى أوائل سنة 1984. البديل تمثل السياحة الخارجية استنزافا للاقتصاد الوطني- ناهيك عن آثارها الاجتماعية- فالسعوديون ينفقون 60 مليار ريال سنويا على السياحة الخارجية، لذلك سعت السعودية إلى تقديم بديل محلي لهذه السياحة بل وإلى اجتذاب السائح الأجنبي إلى الأراضي السعودية. ويعدد العالم الجيولوجي السعودي ثامر الخيري الأماكن التي يمكن أن تجذب السياح مثل الفوهات البركانية الخامدة ومصادر المياه الساخنة والمواقع الأثرية العائدة إلى مرحلة ماقبل الإسلام والمدن المدفونة تحت الرمل والقلاع العثمانية والمقابر النبطية في شمال غرب البلاد. كما تستطيع السلطات السياحية أن تعرض أيضا على السياح نزهات في الجبال على السواحل الغربية في الطائف مثلا أو رحلات سافاري في صحراء الربع الخالي أو ممارسة هواية الغطس في البحر الأحمر. وستكون للمملكة شروطها السياحية الخاصة بها مثل الالتزام بلباس محتشم وعدم تعاطي الكحول. وكانت السلطات بدأت منذ عام 1416هـ سبر غور الإمكانات السياحية فنظمت زيارات عدة لمنطقة عسير الجبلية لبعض المجموعات من السياح الألمان والبريطانيين والسويديين والأمريكيين واليابانيين. وكان السياح من المتقاعدين أو ممن تجاوزوا الخمسين من العمر الذين يسعون إلى زيارة مناطق طبيعية خلابة. وسيعتمد التنشيط السياحي على القطاع الخاص بالدرجة الأولى مستندا إلى استثمارات بلغت 66.6 مليار دولار منذ عام 1415هـ. ويتوقع أن تصل الاستثمارات الإضافية إلي 62.2 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، نصفها لبناء مدينة البحيرات السياحية في جدة على البحر الأحمر. وقال تقرير اقتصادي: إن السياحة السعودية تمثل فرصة ذهبية لعودة مليارات الدولارات المستثمرة بسبب التطور الكبير الذي شهدته صناعة السياحة السعودية لتنويع مصادر الدخل الوطني. وأشار إلى توفر ثلاثة أسواق محتملة للسياحة في السعودية، الأول: السوق المحلي الذي يضم حوالي ثلاثة ملايين سعودي وأعداد كبيرة من المقيمين ينفقون 30 مليار دولار سنويا في قضاء إجازاتهم الصيفية خارج السعودية تمثل نسبة 15 في المائة من أرباح صادرات النفط. أما السوق الثاني فيتضمن إطالة مدة إقامة الحجاج والمعتمرين والزائرين إلى مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة ذلك أن إطالة بقائهم سبعة أيام إضافية ترفع قيمة إنفاقهم حوالي خمسة مليارات ريال (1.3 مليار دولار) إضافة إلى إتاحة فرص عمل إضافية للسعوديين. وتمثل السوق الثالث: في توفر سوق عالمية للسياحة في السعودية يلائم السائح الدولي فسياحة السعودية يفترض أن تلائم نخبة من العملاء من ذوي الإمكانات المالية المرموقة. وأشار التقرير إلى إنفاق السعودية أكثر من 110 مليارات ريال (32.9 مليار دولار) لتوفير البنية التحتية المرتبطة بمراكز السياحية كالطرق الرئيسة والكهرباء والاتصالات والمياه، ونوه إلى أن الهيئة العليا لتطوير السياحة في السعودية يمكنها تطوير استراتيجية توسع تدريجي غير مبالغ فيه كما يمكن للقطاع الخاص مواصلة التوسع في تأسيس مشاريع سياحية جديدة تشمل إلى جانب الفنادق المراكز التجارية وقاعات الأفراح والمراكز الطبية والمرافق الترفيهية. وتشير تقديرات أولية لمسؤولين سياحيين سعوديين إلى أن السياحة الداخلية استقطبت الصيف الحالي حوالي 50 في المائة من إجمالي إنفاق السعوديين على السياحة في الخارج نتيجة للإجراءات التي اتخذتها السعودية أخيرا والهادفة إلى تشجيع السياحة الداخلية ومن أبرزها إلغاء خطاب التنقل للمقيمين الأجانب وتطبيق نظام جديد للعمرة والزيارة. يذكر أن عوائد مهرجان الطائف السياحي لهذا العام بلغت حوالي مليار ريال واستقطب حوالي مليون زائر. وتشير تقديرات إلى أن 24? من الأسر السعودية تتجه إلى الداخل خلال عطلتها. بينما تقوم 29? بالسياحة في دول عربية وتتجه 47? منها إلى دول غير عربية. ويسعى السعوديون إلى تشجيع السياحة الداخلية بهدف وقف نزيف رأس المال السعودي في مواقع الاصطياف العالمية. إذ يغادر ثلاثة ملايين سائح سعودي سنويا المملكة وينفقون مايزيد على 15 مليار دولار وإلى ذلك هناك الجانب الاجتماعي حيث تمثل السياحة الداخلية النشاط الأفضل للعائلة السعودية المحافظة. كما أفادت دراسة أن سكان الدول العربية الخليجية الست ينفقون ضعف ماينفقه الأوربيون في رحلاتهم إلى الخارج. موضحة أنهم أنفقوا 27 مليار دولارا العام الماضي في هذا المجال. وقالت الدراسة التي أعدتها مجموعة وورلد ترافل مونيتور ومقرها ألمانيا: إن سكان الخليج سجلوا رقما قياسيا. إذ أقام 70? من المسافرين منهم في فنادق فاخرة بمعدل 20 ليلة للشخص الواحد. وسجل الخليجيون 8.8 مليون رحلة إلى الخارج وأمضوا 199 مليون ليلة خارج بلدانهم، نصف هذه الرحلات إلى الخارج، قام بها سكان السعودية بواقع 4.8 مليون رحلة تبعهم الإماراتيون بواقع1.6 مليون رحلة فالكويتيون بواقع1.3 مليون وبقية الدول الخليجية 1.1 مليون رحلة. وأفادت الدراسة أن 60? من هؤلاء المسافرين ذكور وأن 4? فقط منهم اختاروا الفنادق الاقتصادية وأن السائح الخليجي أنفق 1814 دولارا في كل رحلة مقابل 836 دولارا للأوروبي. وكان 13? من هذه الرحلات للأعمال مقابل 54? لتمضية العطل و33? لزيارة أقرباء. ترشيد الظاهرة كلنا نشكو من آثار السياحة لاسيما الخارجية في استنزاف جيوبنا وتهديد أخلاقنا لكن الترويح عن النفس والاستجمام بعد عناء العمل فطرة بشرية فكيف نلبيها بلا مخاطر؟ إذا تحدثنا عن السياحة الخارجية وهي تعني السفر خارج نطاق البلاد إلى بلاد أخرى للنزهة أو الاستجمام.. فقد نجد هذا النوع نادرا بطبعه لما يحتاجه من تكاليف باهظة سواء تكاليف السفر نفسه أو تكاليف الإقامة في البلد الآخر.. وإذا تناولنا هذا النوع من زاوية الإباحة فلنا معه وقفات: - إذا كان هذا البلد- موضع السياحة- بلدا مسلما فهنا تصبح السياحة مضمونة بنسبة كبيرة وتصبح المشكلة فقط في تكاليف الرحلة. - إذا كان هذا البلد غير مسلم هنا تكمن الخطورة- خطورة الوقوع في الفتن والمحظورات الشرعية- فمثلا إذا كان الله عز وجل قد نهانا عن الاقتراب من أماكن بيع الخمور فماذا سيكون الحال إذا سافرنا إلى بلد يشرب الناس فيها الخمر كما نشرب نحن الماء.. وإذا كان الله يأمرنا بالهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإيمان فكيف نعكس الأمر فنهاجر إلى بلاد الكفر طائعين مختارين سائحين متنزهين. - وإذا كان الله يأمرنا بإنكار المنكر باليد أو باللسان أو بالقلب فهل ستكون لنا طاقة على ذلك هناك وبلادهم تعج بالمنكرات التي تنفطر قلوبنا حين نسمع عنها فما بالنا لو عشنا بداخلها ورأيناها رأي العين؟ بدائل سياحية ناجحة ترشدنا الأستاذة إيمان الحربي إلى بعض البدائل السياحية الناجحة التي تكسر الروتين اليومي وتكون أكثر إمتاعا من السفرات المحظورة فتقول: الاختيارات كثيرة بفضل الله ومتنوعة منها... - الخروج إلى المنتزهات لقضاء يوم كامل فيها أو نصف يوم مع اصطحاب بعض لعب الأبناء مثل: الدراجة أو الكرة مثلا بجانب وجبة إفطار أو غداء. - الخروج إلى الحدائق العامة مثل حدائق الأسماك وحدائق الحيوان ففي ذلك تحفيز للتأمل في خلق الله والتفكر في آياته من خلال مشاهدة هذه الحيوانات والتعرف على أنماط حياتها وطبيعتها مما يترك في نفس المشاهد آثارا حميدة تعمق إيمانه بربه وبصفاته العلى. - المسابح.. يمكن أيضا الاشتراك الدائم في مسبح معين أو الذهاب إليه على فترات وهو برنامج جيد للترفيه والتغيير ويوجد كثير من المسابح التي يخصص فيها جزء للنساء وآخر للرجال مما يضمن الترفيه للأسرة جميعا.. وإذا صاحب الذهاب للمسبح نية تعليم الأولاد السباحة كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فسيصبح بذلك ترفيها وعبادة فقد كان صلى الله عليه وسلم يعجبه أن يكون الرجل سباحا راميا. - زيارة المعالم التاريخية والأثرية للبلدة كالمتاحف والمعارض والآثار لما في ذلك من ربط الماضي بالحاضر وتوعية الأولاد لما لم يعاصروه من وقائع وأحداث. - الذهاب إلى دور الألعاب على فترات متباعدة لأن تقارب الزيارات لدور الألعاب تصيب النفس بالسآمة والملل. وإذا تحدثنا عن السياحة خارج حدود المدينة أو المحافظة فستكون عن طريق الذهاب إلى بعض المدن التي تتميز بخصائص معينة مثل الجو اللطيف المعتدل والمناظر الطبيعية الخلابة أو كثرة المنتزهات والمصايف أو وجود المعالم التاريخية أو الدينية بها.. ويتميز هذا النوع من السياحة- السياحة الداخلية- بأمرين: - أنه أقل تكلفة بكثير من النوع الأول. - أكثر ضمانا للراحة النفسية لأنه بعيد عما يغضب الله تعالى ويستدعي سخطه. السياحة الدينية عند الحديث عن البدائل للسفريات المحظورة ينبغي ألا يغيب عن أذهاننا الذهاب وشد الرحال إلى البلد الحرام ففي الحديث الشريف لاتشد الرحال إلا لثلاث: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا. ففي أداء العمرة والصلاة عند الكعبة سياحة روحية ممتعة تسبح فيها الروح في بحار نورانية الطاعة فتغتسل النفس مما علق بها من آثام طوال العام.. وكذلك زيارة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصلاة في الروضة الشريفة جلاء للنفس من أتراحها وشفاء لما في الصدور. وكذلك زيارة أماكن الغزوات كبدر وأحد والخندق تحيي في نفس المؤمن معاني الجهاد.. فمن يدري لعل ذلك يوقظ في نفس السائح المسلم فريضة الجهاد التي طال رقادها في نفوس الكثيرين فيعيد للإسلام مجده وعزه.. وشتان بين من يعود لبلاده بعد السياحة الروحية هذه وما أحدثته في نفسه من تغيرات عظيمة سار بعدها على منهاج النبوة.. وبين من يعود لبلاده محملا بآثام وذنوب تنوء بحملها الجبال وماذلك إلا لسفره المحظور لأماكن تنتهك فيها حرمات الله جهارا نهارا.. ولاننسى كم الشباب الذين خرجوا من بلادهم سائحين متنزهين وعادوا عصاة مغضبين لله تعالى. وكم من أناس كانوا بعيدين عن طريق الله خرجوا قاصدين بيت الله الحرام فعادوا هداة مهتدين.