شركات الاتصالات.. بين سيطرة الحكومات ورغبات الشعوب

مشاريع الخصخصة وإعادة الهيكلة التي انتهجتها بعض شركات الاتصالات العربية لا يزال يعتبر أمرا مثيرا للجدل، فحينما نجد الإلحاح المتزايد من الشعوب بضرورة اتخاذ هذه الخطوة، نجد في المقابل عزوف بعض الدول أو تقاعسها الملحوظ عن اتخاذ هذه الخطوة رغم ماتوفره من تطور على مختلف الأصعدة وبالذات في تقنيات الاتصالات. في البداية نجد أن بعض القائمين على القطاع في هذه الدول لا يؤيدون الإقدام على هذه الخطوة بحجة أن الخدمة متوفرة بشكل جيد، وتلبي كافة متطلبات الشعب، بينما يرى البعض الآخر أهمية وجوب فتح المجال للمنافسة الخارجية لتحسين الخدمة، مما يتطلب المبادرة بوضع عدد من الإصلاحات التشريعية لمنح الصلاحيات المناسبة للقيام بالخصخصة ورفع القيود عن الاستثمارات الأجنبية، وفي هذا الإطار نستعرض أهم ملامح الخصخصة وآثارها: تشير الدراسات المتخصصة إلى أن استثمار القطاع الخاص في الخدمات يساعد على رفع الكفاءة وتحسين نوعية الخدمة، وتدل الإحصاءات لعام 2000 أن شركات ومؤسسات الخدمات الأساسية للاتصالات التي يمتلكها القطاع الخاص، أو أن له حصة فيها يتفوق كفاءة على الشركات والمؤسسات المملوكة من قبل القطاع العام أو الحكومي بالكامل. وتعتبر الدول العربية أكثر الدول تحفظا بالانفتاح على المنافسة في خدماتها الأساسية، ورغم ذلك، فإن هناك عددا من الدول العربية المحتكرة للخدمة تعتبر من أكثر الدول تقدما في مجال الاتصالات في المنطقة من ناحية انتشار الخدمة ورخص التعرفة، ولا يزيد عدد الدول العربية التي تسمح بالمنافسة في خدمات الاتصالات الأساسية على 15?، وبالنسبة لشركات خدمات الهاتف النقال 30?، أما بالنسبة لخدمات الإنترنت فإن 60? من الدول العربية تسمح بالمنافسة في هذه الخدمة. ورغم ذلك فإنه من المتوقع أن تضطر العديد من الدول العربية لفتح أسواقها في مجال الاتصالات للمنافسة في السنوات القليلة المقبلة، ومن أهم الأسباب التي ستؤدي إلى فتح باب التنافس انضمام عدد من الدول العربية إلى منظمة التجارة العالمية، وستتخذ دول أخرى مواقف مماثلة رغم عدم انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، وذلك للاستثمارات العالية التي يحتاجها قطاع الاتصالات في هذه الدول لكي يحقق انتشارا بالخدمات الاتصالية والمعلوماتية يتناسب مع متطلبات الثورة المعرفية.