تجذر الانتفاضة

?? اسم الكتاب: عام مضى والانتفاضة تتجذر اسم المؤلف: تيسير قبعة الناشر: دار كنعان دمشق 2002م ?? المجتمع العربي خبير بقضية فلسطين والشعب الفلسطيني، ويقال إن الشعوب العربية تعرف من أسرار وتاريخ الأرض الفلسطينية أكثر مما تعرف عن تاريخها، والسبب هو أن هذه المشكلة هي طرح يومي، وحدث يتجدد كل سنة وكل شهر وكل يوم، لذا فإن هذا الهم العربي يتوارثه الأجيال، جيلا بعد جيل، فالأخبار التلفزيونية والجرائد اليومية والأسبوعية لا تخلو من خبر عن الفلسطينيين أو عن فلسطين سواء بالسالب أو الموجب، وتبقى هذه القضية قيد الاطلاع والمتابعة. كتاب من القمة قد لا يجد القارئ الكثير من المعلومات الجديدة في هذا الكتاب، ولكنه يتميز بأن مؤلفه قريب جدا من صنع القرار الفلسطيني، فالمؤلف هو نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، لذا فإنه عندما يتحدث في هذا الكتاب يجد القارئ مرجعا سياسيا يمكن الاطمئنان إلى مصادر معلوماته، وتوثيق ما يقوله في كتابه. ويتميز هذا الكتاب ويبشر بالروح والهمة العالية التي تسيطر على القيادة الفلسطينية، فالكتاب من عنوانه يدعو إلى التفاؤل، فالانتفاضة التي تسعى إسرائيل إلى القضاء عليها بكل ما أوتيت من قوة قد تجذرت، وأصبحت جزءا من الفكر الفلسطيني، ونجحت الانتفاضة، بالرغم من ضعف الجانب الفلسطيني، وقوة الجانب الإسرائيلي والدعم الأمريكي المتزايد له. تاريخ الانتفاضة ليست الانتفاضة الأخيرة هي الأولى، بل سبقتها عدة انتفاضات، كانت الأولى عام 1987م، وبقيت شرارة الانتفاضة خامدة فترة انتظارا لانفراجات سياسية، ولكن عندما رأى الفلسطينيون أن الأمر يكاد يفلت من أيدي الساسة، انطلق الشارع الفلسطيني ليعيد المبادرة والقوة لهم. وهذه الانتفاضة هي أطول انتفاضة مرت على الشعب الفلسطيني، وقد كتب المؤلف كتابه بعد مرور عام عليها، وهي لا تزال مستمرة وتقترب من عامها الثاني، فهي بدأت في شهر سبتمبر عام 2000م . وتطورت هذه الانتفاضة إلى الحد الذي لم تعد إسرائيل تتحمله، وجعلها تعيد احتلال الأراضي الفلسطينية مرة أخرى، إلا أن هذا الاحتلال يبرهن على قوة الانتفاضة، وأنها أصبحت شوكة مؤلمة لكيان إسرائيل. الاغتيالات ويتحدث المؤلف عن الإرهاب، ويعجب من ممارسة إسرائيل للإرهاب رسميا باغتيال القيادات الفلسطينية، وقتل كل عناصرها، اغتيالا غير مشروع، وباستنكار العالم لمثل هذه التصرفات، ومع ذلك تسعى إسرائيل لتبيع للعالم الغربي فكرة محاربة الإرهاب، وهي تزاوله، وتعمل على نشرة. ويقدم المؤلف قائمة طويلة عن القيادات الفلسطينية التي اغتالتها إسرائيل ويذكر أنها ليست بالأمر الجديد، فالتاريخ الإسرائيلي قائم على الإرهاب والاغتيال، ويذكر قوائم سابقة عن حصيلة الإرهاب الإسرائيلي في فن الاغتيالات منذ نشأتها، بل إن مصرع ممثل الأمم المتحدة برنادوت، كان حلقة من حلقات الإرهاب الإسرائيلي الرسمي. مكاسب بالجملة والانتفاضة قد نجحت، وان لم تحقق كل ما تريده الآن، إلا أنها أبلغت العالم أجمع عن وجود المشكلة الفلسطينية، أبلغت العالم عن وحشية الإسرائيليين الذين يتفاخرون بالديمقراطية والعدل، وفضحت ممارساتهم، وفرضت القضية الفلسطينية لتكون محورا للنقاش في كل اجتماع عالمي، ووحدت الشعوب العربية حول قضية واحدة. أرسلت رسالة للعالم أجمع بأن عصر الاستعمار لم ينته بعد، واستقبلها العالم أجمع بالترحيب، حتى ولو كان أقطاب السياسة في العالم الغربي على حذر من الحديث عن تأييد الفلسطينيين، إلا أنهم لا ينكرون حقهم، ولا يؤيدون إسرائيل في احتلالها للأرض. وأصلت هذه الانتفاضة الحقوق الفلسطينية في أراضيهم، وحقهم في العودة، ورسمت خطوطا عريضة لمطالبها، أصبحت معروفة لجميع الأطراف، وأصبحت حقا لهم لأن هناك دماء سفكت من أجل تحقيقها. الاستراتيجية القادمة يرى المؤلف أن الانتفاضة قد شكلت العقل والفكر الفلسطيني للأجيال الحالية، وآمن الشعب الفلسطيني بجدواها، وأنها ستبقى طالما كان الاحتلال الإسرائيلي قائما، وطالما لم يتحقق النصر النهائي. ويطلب بأن يكون دعم الانتفاضة جزءا أيضا من الاستراتيجية العربية، ويطالب بدعم الموقف الفلسطيني، بطرد الممثلين الإسرائيليين المتواجدين في بعض الدول العربية. كما يطالب أيضا بحملة إعلامية كبيرة، خاصة وأن الشعب الفلسطيني قوي بحججه، ومعه أيضا قرارات صريحة بحقوقه صادرة من الأمم المتحدة ومعترف بها من العالم أجمع، ويقول المؤلف إن الحملة الإعلامية ستكون أسهل على الفلسطينيين ومؤثرة جدا في مجابهة الدعايات الإسرائيلية الكاذبة، وهو يقول إن شعوب العالم تناصر القضية الفلسطينية، حتى ولو كان بعض الساسة على حذر من إعلان ذلك صراحة. ???