مدينة صغيرة تقدم أول مكتبة سياحية في العالم!!

في شهر مارس من عام 2002 احتفلت مدينة سيريتوز بولاية كاليفورنيا الأمريكية بافتتاح أول مكتبة عامة من نوعها في العالم، لأنها ليست مكتبة فقط، بل هي منتجع للصغار والكبار، ولم تعد زيارة هذه المكتبة من أجل القراءة فقط ولو أن الهدف هو التشجيع على القراءة بل للفرجة أيضا وقضاء بعض الوقت الجميل مع العائلة في جو سياحي مثير ومنشط للفكر والعقل والروح. هندسة داخلية: أنشئت المكتبة على نمط جديد مخالف لما عرفت به المكتبات العامة، فهذه المكتبة استوحى مصممها الأفكار من تقنيات العصر وعلومه، فنشر على مساحة الأرض المخصصة لها ومقدارها 9000 متر مربع مقاطع مما هو موجود في كل مدينة، فهناك الشارع الرئيس، وهناك المدينة القديمة، أضاف إليها متحفا ووضع فيه هياكل عظمية لحيوانات قديمة، كما أنه جعل فيها بيتا زجاجيا يتسع لخمسة عشر ألف جالون ماء وملأه بالأسماك الغريبة، ونشر حوله نباتات المنطقة وأشجارها وزهورها بتعريف ومتابعة لنموها بأجهزة فيديو ملاصقة لكل نبتة من هذه النبتات. كما أنشئ فيها مسرح صغير لتعزف الفرق الموسيقية معزوفاتها الناعمة للحاضرين والقراء الذين يمكنهم القراءة على أنغام الموسيقى، أو تناول القهوة والأطعمة على الجانب الآخر من هذه الساحة الساحرة للناظرين والحاضرين. وكل هذه المباني العجيبة يضمها سقف واحد ملأه المهندس بخيالاته التي تقدم الأنوار الطبيعية، لمن يرغب، بجانب النجوم والشموس والكواكب تدور في السماء( سماء المكتبة) لمن له شغف بعلم الفلك. محتويات المكتبة: بجانب المباني غير المألوفة والهندسة الفريدة، تحتوي المكتبة على 300 ألف كتاب، منها 80 ألف كتاب للصغار. وفي هذه المكتبة 200 جهاز كمبيوتر بكل ملحقاتها، من طابعات، ومكائن تصوير، أي أن زائر المكتبة يمكن أن يجعل زيارته عملا أو دراسة جادة مع هذه الأجهزة المتوفرة والموصولة بشبكات الإنترنت. ويمكن للزائر أن يحضر معه جهاز كمبيوتر محمول، ويمكنه أن يشبكه في المكان الذي يريده، ففي هذه المكتبة، في كل أنحائها وأدوارها في المقاهي وفي المسرح وفي الشوارع أيضا ( شوارع المكتبة)، يوجد 12000 نقطة يمكن بواسطتها وصل جهاز الكمبيوتر بالإنترنت. فكرة ناجحة: إن هذه المكتبة أصبحت هي النادي الذي يجتمع فيه سكان هذه المدينة السعيدة، ويتبادلون الأحاديث ويوجهون الدعوات، فهناك محطة للإعلانات الهامة التي تعمل كإذاعة للمدينة وأهلها، تفيدهم بكل جديد من الأخبار والأفكار، بما في ذلك أخبار الزواج والنجاح والترشيحات السياسية والبلدية. وهذه المكتبة وإن كان نشاطها توسع كثيرا، إلا أن الفكرة الأساسية من إنشاء هذه المكتبة بهذا النمط هو للتشجيع على زيارتها والقراءة فيها، فكل من زار المكتبة سيجد أن الكتب هي البضاعة المتوفرة، والتي تقدم لأهل المدينة مجانا، ولهم أن يقرؤوا ما يريدون ويستعيرون ما يشاءون من الكتب. ووضعت المكتبة سياسة خاصة للزائرين الذين كثرت زياراتهم لهذه المكتبة العجيبة، ويرغبون في الاستفادة من الكتب المتوفرة فيها، وتطلب منهم الاشتراك بمبلغ 100 دولار في السنة إذا لم يكونوا من سكان المدينة( أي أن عناوينهم خارج نطاق المدينة)، وبهذا يتمتعون بكل مميزات وحقوق أهل المدينة. سابقة لغيرها: هذه المكتبة التي تكلف إنشاؤها هندسيا 35 مليون دولار تعتبر فريدة من نوعها، وهي صنف جديد من المكتبات ستظهر في المدن الكبيرة والغنية في العالم، وتفتخر هذه المدينة المجهولة بأنها الأولى في العالم التي تقدم هذا الخيار. وهذه المدينة التي يسكنها 55 ألف نسمة فقط، تستحق هذه الهدية من بلديتها، ففي هذه المدينة يحمل ثلثا السكان بطاقة استعارة من المكتبة، وهي بهذا تكون الأولى في العالم من حيث نسبة عدد السكان المشتركين في استعارة الكتب. فالمتوسط العالمي لا يزيد عن 30? من السكان. وهذه المدينة نشأت منذ أربعين سنة كمزارع في منطقة نائية عن المدن، وكانت ولا تزال يسكنها المزارعون، ونمت وتوسعت وقدمت أول فكرة لمكتبة تعج بالزائرين ومحببة للصغار والكبار، ويجد الجميع فيها بغيتهم ومرادهم، ولو أن كل من سيخرج من هذه المكتبة إن لم يكن حاملا لكتاب فهو مقتنع بعظمة وأهمية العلم، بل قد تكون الزيارة هي الدافع له لمزيد من العلم والمعرفة. ???