الفصل التاسع ( الجزء الأول) أسرار الرحلة.. اليومية الليلة

.. الرحلة أوشكت أن تبدأ! وسفر كل ليلة حان موعده! و(الانزلاق) أزف وقته وأقترب! فالنعاس يدلف إلى العين، ويرنق!.. والأجفان ذابلة ثقلية!.. و(الناعس) (يهوم)؛ (أي يحرك هامته)، و(ينود) (أي يتمايل من النعاس)!.. فعضلات العنق استرخت! والعين أقفلت.. وأغمضت!. والأذن ضرب عليها الحجاب.. فأصمت!. والناعس (انزلق) من يقظة إلى نوم! و(القطار) تحرك.. والرحلة بدأت!.. .. بدأت رحلة كل ليلة!.. رحلة التجديد والترميم.. رحلة (الشحن) و(التفعيل)! بدأت الرحلة في.. خفة وخفية! خفة.. فلا ندري متى بدأت ؟! وخفية.. فلا ندري كيف بدأت ؟! ويسير (القطار).. و(تستمر) الرحلة!.. .. ونستقل نحن (قطارا).. ونرحل نحن (رحلة)! نمتطي القطار في رحلة إلى (مكان)!! مكان (ما): في العالم!.. لن نذكره!!.. فهو أوسع من أن (تحدد) حدوده!. .. وأرحب من أن (يأسر)! هذا المكان.. فيه مخبر من أعظم (مخابر النوم)! .. وفيه مركز بحث من أفضل (مراكز بحوث النوم)!. .. فيه النوم يدرس، ويبحث!.. .. فيه تجارب تجري.. وفحوصات تتم!. .. فيه (متطوعون) راغبون... وللأجهزة خاضعون (قابلون)! .. إلى هذا المركز.. وهذا المخبر.. ..نرحل! وهناك.. نشاهد، ونسأل!. وعن غوامض الأمور.. نبحث، ونتعرف!.. .. عن (رحلة عجيبة) و(أسرار غريبة)!.. .. عن (خفة) لا ندري متى بدأت.. و(خفية) لا ندري كيف بدأت!.. .. نسأل ونستفسر! .. نتعرف ونتعلم!.. .. المكان، كبير. كبير.. .. غرف هنا، وغرف هناك.. وإنارة من هنا، وظلام من هناك! .. شخص مستلق هنا، وأخر نائم هناك! .. عالم يراقب.. وباحث يسجل!.. أستاذ يشرف ويجرب.. وكيميائي يحلل!.. .. جهاز يدور هنا، وجهاز يومض هناك!.. آلة تسجل، وآله تحلل! .. أسلاك تمتد من هنا، وأسلاك تصل من هناك!. الكل يعمل بصمت، وإشارة!.. والنائمون، بغرف معزولة، لا يصل إليهم ضجيج، ولا إنارة! و(الجو) جو.. نوم وحلم! .. وتجريب وبحث!. فهناك.. هدوء وسكينة.. ظلام وعتمة.. وفراش مريح.. ووسادة جميلة!. وما ينغص قليل!.. و(المتطوع) في سبيل العلم يتحمل!.. فأسلاك موصولة إلى صدر هذا.. وأقطاب موضوعة على رأس ذلك! قنية (أي إبرة) تدخل في وريد هذا..و عينات من الدم تسحب من هذا،وذاك! ميزان حرارة موصول بواحد.. وجهاز ضغط مرتبط بآخر!. جهاز يرسم نبض القلب.. وجهاز عن التنفس يخبر!.. أسلاك للأجفان، وفوق العين موضوعة... وإلى جهاز تكبير وتسجيل، موصولة!! فعشرات من الأجهزة تعمل!.. واحد يسجل، وأخر يحلل، وثالث يرسم،ورابع(يترجم)! البول، يراقب ويجمع!. والهضم يدرس ويبحث!.. والدم يحلل!.. والحرارة تسجل! توتر العضلات يرسم!.. ولغة الدماغ (تترجم)!. .. وعشرات من العلماء يبحثون ويعملون!.. واحد للحواس يدرس،وآخر لنشاط العضلات يبحث وثالث يراقب القلب والحرارة.. وتاسع عن الهضم والتنفس مسؤول! الأول، والثاني، والعاشر والعشرون!. كل (بعمل)! .. كل يراقب ويسجل.. ويدرس ويحلل.. ثم يستنتج ويصرح! ونحن في (همس وخفة).. (صبر وأناة)! نسأل هذا.. وننتقل إلى ذاك! .. يشرح لنا واحد، و يبسط لنا ثان.. و(فوق استيعابنا يتكلم..ثامن!. ونحن ندور، بين النيام! ندون ونسجل ما يقوله لنا (الأيقاظ) عن هؤلاء (النيام)!! تبدلات الجسم الفسيولوجية أثناء النوم انظروا إلى القلب، يقول لنا واحد، لقد تباطأ نبضه، وقل، وغدا أهدأ، وصار أضعف وأبطأ!.. وبين النبضة والنبضة، طالت الوقفة، وصارت الفترة أبعد وأطول!وهذا غالبا ما يكون أوضح مشاهدة في النصف الثاني من الليل. والضغط الدموي (التوتر الشرياني) انخفض علوه بمقدار 20 25 ملم زئبق. وعادة ما يكون ذلك خلال النصف الأول من الليل!.. وأما التنفس، فصار أبطأ حركة، وأطول، وأعمق!.. فعمقه ازداد، ومال إلى الانتظام ولا سيما عند الأطفال والشيوخ،والسبب، يا سادة قد يكون: نتيجة لوهط، وتثبط يصيب مركز التنفس في البصلة السيسائية، بحيث تصبح قابليته للإثارة منخفضة!.. حيث أن التحاليل الدموية والمخبرية، تبين أن غاز الفحم Co2 في الدم، يزداد، كما يزداد داخل الأسناخ الرئوية، أيضا!. وتحدث تبدلات في قدرة هدروجين الدم (أي PH الدم) فتنخفض، ويصبح الدم أكثر (حموضة)!. وقد يكون، يعلل لنا عالم آخر! هدوء القلب وانخفاض الضغط وعمق التنفس.. بسبب تنشط الجهاز نظير الودي أثناء النوم، والذي يفوق في نشاطه الجهاز الودي، ويسيطر عليه سيطرة نسبية! ولقد وجد أن 67? من مجموع الأوكسجين الضروري، يمتصه الجسم أثناء النهار، خلال 12 ساعة، في مقابل 33? خلال ساعات الليل!.. كما يخرج الجسم 58? من غاز Co2 في النهار و42? أثناء ساعات الليل. ويقول ثان، لدرجة الحرارة درس! إن درجة حرارة الجسم تنخفض أثناء النوم.. في الإنسان الذي ينام نوما طبيعيا في الليل، أدنى حرارة يصل إليها في الساعة الثالثة صباحا، تقريبا، تكون 36 مئوية!.. وإن هذا الانخفاض، يعلل بحدوث وهط خفيف يصيب مراكز تنظيم الحرارة، وبحدوث الارتخاء العضلي المرافق للنوم!،، حيث أن التوتر العضلي في الحالات الطبيعية الناشطة، ينتج حرارة، وهذا بدوره يساعد على زيادة حرارة الجسم!،، ويتابع فيقول: ولذلك يحتاج النائم للغطاء أكثر من المستيقظ! ويرد على (اندهاش وتساؤل) فيقول: وإذا كنا نلاحظ أن النائم، حيث يستيقظ يكون أدفأ، حتى أن الفراش كله يصبح دافئا ! فهذا يعود إلى: قلة الحركة أثناء النوم. وإلى الغطاء الذي يحفظ الحرارة من التبدل، والتبدد! وإلى تمدد، وانبساط أوعية الجلد الدموية.. فيتدفق إليها الدم، ويزداد.. فيغدو الجلد أكثر حرارة لدى اللمس وأدفأ، بعد أن تشبع بالدم،وتورد! مع أن حرارة الجسد العامة منخفضة بعض الشيء! أما الثالث، فلقد جرب، وجرب.. ثم وجد: أن الحركات الحؤوية في الأمعاء والمعدة (أي حركات الهضم) تخف، وتتباطأ أثناء النوم، إلا أنها بلا شك تستمر،!.. كما أن العصارات المعوية والهضمية يتناقص تكوينها،ويقل إفرازها!.. فالغدد الهضمية، والكبد، والمعثكلة (البنكرياس)، كلها يتبدل نشاطها، فينقص بعض الشيء.. فالمعدة، مثلا، تحتاج لهضم طعام دسم إلى نحو 7 ساعات، وأما في حالة النوم، فإنها لا تهضم هذا الطعام في أقل من 12 ساعة!، ولذلك،، يتابع كلامه!، أنصح بعدم النوم مباشرة بعد وجبة العشاء.. وأذكركم بالمثل القائل (تعش واتمش) فهو جيد!..،، وأما نحن فنتذكر ما قلناه سابقا من الذهاب إلى المسجد والتمشي إليه ومنه بعد العشاء.. حيث نعطي المعدة والأمعاء فرصة!.. فرصة لتفتيت الطعام وامتصاصه، وتخزينه أو احتراقه!!.. ويخبرنا الرابع.. أن نشاط بعض الغدد ولا سيما غدد الوجه، يقل.. فيتناقص إفرازها! ولذلك يقل اللعاب ويجف الفم، كما تجف الجفون وتحمر!.. ولهذا،، يتابع الكلام!،، نرى الأولاد حين يستيقظون، بظهور راحاتهم الصغيرة أو قبضاتهم الغضة، يحكون عيونهم لتنشيط الغدد الدمعية، من أجل خضل أجفانهم!.. وثمة استثناء وحيد، وهو الغدد العرقية!.. فهذه يزيد نشاطها، ويزداد إفرازها!.. وهذا الشيء بلا شك، يمكن الجسم من تخفيف الدفء المفرط، الذي ينجم عن تشبع الجلد بالدم!.. بالإضافة إلى العمل الهام والذي يعوض عن تباطؤ الكلية في عملها ونشاطها!.. فيساعد في التعويض عن انخفاض نسبة الطرح والتخلص من الفضلات والمبتذلات، والتي تحدث في الكليتين أثناء النوم! ولذلك،، يتابع كلامه! عندما ترون قطرات العرق تلتمع على خدود الأطفال، وهم نائمون، ولا سيما في فصل الصيف، وكأنها قطرات ندى، على تويجات الأزاهير! فلا تستعملوا المراوح الكهربائية!.. فهذا الفعل ضار!.. فالمراوح تنتج هوائية تبخر العرق، فتنخفض حرارة الجسم والجلد.. فتسبب الأمراض المختلفة! والخامس الذي بحث في عمليات التأكسد والاستقلاب (الأيض Metabolism) يقول: إنها تنقص وتضعف! فالإنسان يمر خلال نومه بحالة خفيفة جدا من (البيات الشتوي) إذ ينخفض معدل التمثيل الغذائي بمقدار يتراوح ما بين 10 15 ? عن (أقل معدل له) في حالة اليقظة!،، فالجسم النائم يستهلك 75 وحدة حرارية في الساعة، مقابل المعدل البالغ 150 وحدة حرارية في الساعة أو أكثر في ساعات النهار،، فعمليات البناء تهبط بشكل عام، إنما مع زيادة عمليات (استعادة البناء) عن عمليات (الهدم والتقويض)!.. وأما السادس، فلقد تأكد من أنه: يضعف إرواء الدم للكليتين فيقل إفرازهما من البول من مرتين إلى أربع مرات (أي بمقدار الربع أو النصف أحيانا)!. كما تضعف القدرة على تكوين البول وإزالته، ويصبح البول أكثر تركيزا، ونتيجة لقلة طرح البول، يصير الدم أكثر (مائية)!! والسابع عرف بتجاربه أن: مقاومة الجلد يصبح أكثر نشاطا، أثناء النوم! فها هو الأستاذ (وليم بالو) المنتسب إلى جامعة بيربك في لندن، يعتقد أن الجلد يستطيع إنتاج الخلايا الجديدة، ويستطيع أن ينمو، ويستطيع أن يحدث الإصلاح والترميم..في أثناء النوم فقط!! ففي أثناء نشاط الجلد هذا،، يتابع الباحث السابع كلامه!،، يتحول الغليكوجين (سكر الكبد) المودع في الجلد، إلى سكر، ويتدفق في مجري الدم!.. وأثناء النوم، فإن بعض السكر في المجرى الدموي، يعود إلى حالته الأولى، أي يتحول ثانية إلى غليكوجين، ويسكن في خلايا الجلد، ليستعمل في أعمال الإصلاح والترميم،وفي تجدد الخلايا، وصنع الخلايا الجديدة!.. ولذلك فإن (الجراح) تندمل وتشفى في ساعات النوم، عندما تتوفر، مواد البناء والترميم، اللازمة لهذه العملية!.. والثامن الذي حلل.. الدم والسائل النخاعي الشوكي! أخبر أن: مقدار الكالسيوم في الدم ينخفض!.. وتكثر في الدم أملاح المغنزيوم، وهذا مما يؤدي إلى كبت النشاط العصبي،والعضلي في الجسم، فيتوقف هذا النشاط، موقتا عن العمل! وتتناقص في الدم كمية الهرمونات، ومنها هرمونات الكظر، باستثناء الأنسولين الذي يزداد!.. وهذا يؤدي إلى تناقص الغلوكوز (سكر العنب) في الدم!.. وفي السائل الدماغي الشوكي، تزداد أملاح البوتاسيوم! ويضيف معلقا على نقصان مقدار الكالسيوم في الدم في سياق النوم الفسيولوجي الطبيعي، أو المحدث بالمنومات،، يضيف فيقول: إن ذلك هو الذي جعل العلماء يعتقدون، بأن هذه الشاردة (شاردة الكالسيوم)، تتكثف في الدماغ لتظهر قدرتها المركنة المركزية!.. بينما تقوم شاردة البوتاسيوم، حينما تعطى، بمقادير خاصة، بتأثير دماغي معاكس، لتأثير شاردة الكالسيوم!.. ويصف لنا تاسع، ما وجده من استرخاء العضلات وانبساطها... أو فعاليتها وانقباضها فيقول: ها هي عضلات العنق، تسترخي، فيهوم الناعس وينود!.. ويسير الاسترخاء إلى عضلات أخرى، ويزيد، كلما تمشى النوم في الجسم، وزاد!.. فبتمشي النوم في الجسم تفقد سيطرة الإرادة على العضلات (المخططة)، فتسترخي، وتقل فيها درجة التوتر العضلي، إلا أنها تحتفظ بشيء من الفعالية!. ومن المعروف، يتابع كلامه! أن العضلات الهيكلية (التي ترتكز على الهيكل العظمي)، تترتب في أزواج متعارضة! فهناك عضلات للانبساط، وأخرى للانقباض!.. ويحتفظ كلاهما (العضلات الانقباضية والانبساطية) بتوازن دقيق من مستوى التنشيط..والذي يكون أدنى ما يكون خلال الاسترخاء والنوم!.. إلا أنه على كل حال يحتفظ بالقدر الكافي لحماية الكائن، وتقلبه، خلال النوم!.. فالارتخاء العضلي،، متابعا الكلام!،، ليس بالتام!.. إلا أنه ملازم هام للنوم الطبيعي!.. كما يكون هذا الاسترخاء، مترافقا، بنقصان مترق ومزداد في.. قدرة العضلات على التقلص!.. أي هناك نقصان في (كمون العمل)!.. ولكن ومع ذلك، وكما ذكرت فإنه كاف لاستمرار حركات الجسم وتقلباته!.. فالألم الذي يحدثه، وضع النائم،(يوقظه)!، إلى درجة كافية، لتغيير وضعه في الفراش، أحيانا.. حيث يبدل الأشخاص الطبيعيون وضعهم خلال النوم الليلي.. وغالبا، ما يحدث هذا النمط من الحركة خلال النصف الثاني من الليل!.. قرحات السرير! والهدف من هذه الحركات، متابعا الكلام، هو (حماية الكائن)!.. فمن المعلوم أن لكل وضعية للجسم في السرير، مواقع خاصة يرتكز عليها الجسم أكثر من سواها! فيزداد على هذه (المواقع الارتكازية) ثقل الجسم،كما يزداد تماسها مع سطح الفراش المرتكزة عليه!.. انظروا مثلا، ويشير لنا بيده إلى أحد الأسرة الموجودة عليها أحد المتطوعين النائمين! إلى هذا النائم (على ظهره)! إنه في هذه الحالة، تتعرض بعض النقاط من جسمه للضغط والثقل، أكثر من غيرها.. حيث إن الجسم يرتكز على السرير بواسطتها، وهذه النقاط والأماكن، هي في (نائمنا هذا).. اللوحين (عظمي اللوح)، والكتفين، والأليتين، والكعبين، وربما أيضا المنطقة العجزية!..فإذا بقى متطوعنا هذا، على هذه الوضعية، وهذه الحالة مدة طويلة، فإن الضغط الناتج عن ثقل الجسم، سوف يسبب لأماكن الارتكاز هذه فقرأ موضعيا للدم نتيجة لانضغاطها، بين الأجزاء الصلبة من البدن، ومكان الاضطجاع (السرير)، وسينتج عن فقر الدم الموضعي هذا (قرحات) و(تموت) في الجلد والأنسجة التي تحته!.. وهذه (القرحات) هي التي تسمى في عالم الطب (الخشكريشات) أو (قرحات السرير) Bed sore أو قرحة الرقاد!. وأنا أرى،، يتابع حديثه، أن وجود الدكتور (....) بيننا الآن، هو فرصة طيبة ليحدثنا بتفصيل أكثر عن هذه القرحات!.. فالدكتور (..) هو واحد من أشهر الأخصائيين في (الجراحة وجراحة التجميل) المعروفين بسعة الاطلاع، ومهارة اليد! وأن عمله كرئيس لقسم جراحة التجميل وأقسام الجراحات الخاصة في المستشفى الكبير بالعاصمة،قد أتاح له خبرة طويلة، وباعا كبيرا، في شتى الحالات! فهل لك يا دكتور (..) أن تذكر لنا شيئا عن هذه الإصابة، وتلك القرحات، وسنكون لك من الشاكرين ؟! .. وتبسم الدكتور (...) وقال: بل أنا الذي شأشكرك..وأعاتبك! أشكرك على إتاحة هذه الفرصة، للتحدث في هذا الموضوع، لأنه ذو أهمية كبيرة! و(أعاتبك) على (تقديمي)!، فلقد، والله أخجلتني!..وسامحك الله!.. على كل حال! يقول الدكتور (...) في الواقع.. إنه هذه الحالة، وتلك القرحات، هي من أزعج الإصابات، وأصعبها!.. فهذه الحالات تحتاج إلى عناية طبية، وتمريضية مستمرة!. حيث أنها تتطلب غيارات يومية متكررة، تتم بشكل طاهر وعقيم، بيد الطبيب، تستعمل فيها المطهرات الجلدية، ومحاليل التطهير مثل (السافلون) و(الماء الأوكسجيني) وغيره!.. وتتطلب عناية تمريضية خاصة، من تقليب المريض بشكل مستمر،.. حتى لا يستمر الضغط على المنطقة نفسها، وتزيد الحالة سوءا، وتظهر تقرحات جديدة!.. إلا أنه بالرغم من كل ذلك، فكثيرا ما لا تشفى تلك التقرحات، وتحتاج عندها إلى استدعاء جراح التجميل،، ويبتسم! من أجل إجراء عملية (ترقيع جلدي skin graft) أو عملية (تحويل جلدي Flap)!.. فقد يأخذ الجراح (بسكينه) قطعة من سطح الجلد، من أحد الأماكن المناسبة في الجسم، ويغطي بها تلك المنطقة المتقرحة المكشوفة، بعد أن يتأكد تماما من أن المنطقة المتقرحة (نظيفة) وغير ملوثة بالجراثيم ومهيأة لقبول( الشريحة الجلدية)!..ولا شك أن كل ذلك يستغرق وقتا، وقد يكون طويلا (أي حتى تنظف القرحة).. أو قد يجري الجراح عملية تحويل جلدي، وهي عملية أصعب!.. حيث تأخذ سماكة كاملة من الجلد والنسيج الذي تحته، وتنقل إلى مكان القرحة وتثبت عليها، مع إبقاء الاتصال بين (الجزيرة) الجلدية المأخوذة، و(الممر) الجلدي الموصل إلى مكان الأخذ، وقد يكون طويلا!.. وذلك للمحافظة على التروية الدموية (أي الاحتفاظ بقطعة الشريان المغذي) وإمكانية التحام التحويل!..وبعد أن يتأكد من التحام التحويل و(أخذه) يقطع الممر، ويقص، إذا كان مارا بشكل ظاهر فوق الجلد.. وإلا يبقى، إذا كان مارا من تحت الجلد عبر (نفق)!.. على كل حال لا أريد أن أطيل بالتفاصيل!.. إنما المهم الذي أحب أن أذكره.. أن كل ذلك، يأخذ وقتا طويلا، ويستغرق زمنا ليس بالقصير، حتى يحدث الشفاء.. ويبقى المريض في المستشفى فترة ليست بالقصيرة.. بل طويلة!.. كما قد تفشل العملية! فتضطر إلى إطالة مكوث المريض في المستشفى وقتا آخر، لنعيد الكرة!. ولما كان شعارنا دائما هو (الوقاية خير من العلاج)! فإن هذا الشعار يجد مجالا جيدا جدا للتطبيق في هذه الحالة، وتلك التقرحات!.. حيث إنه من الضروري بل من الأفضل،بل من الواجب! الوقاية منها قبل حدوثها!..ولهذا نشاهد في المستشفيات، أنه تتم عملية مستمرة من العناية بالأشخاص المعرضين للإصابة بها، مثل المرضى الذين تضطرهم حالتهم المرضية البقاء في السرير، فترة طويلة، كما في كسور الحوض، والعمود الفقري، وحالات الشلل، والسبات الطويل الأمد! حيث يعمد في مثل هذه الحالات إلى تبديل وضعية هؤلاء المرضى، وتغييرها باستمرار كل ساعتين تقريبا!.. هذا بالإضافة إلى العناية الطبية المساعدة، مثل تنبيه الدورة الدموية في الجلد وتنشيطها، بدلكه بعد الغسل صباحا(بالكولونيا) أو (المطهرات)، وتجفيفه جيدا، بعد الغسل أو التعرق، بفوطة جافة دافئة.. وأيضا محاولة تجفيف أماكن التعرق باستمرار، خوفا من (تعطنها) الذي يؤهب لهذه الإصابة..وأخيرا وبالإضافة إلى كل ما ذكر، قد نضطر أيضا إلى تخفيف الضغط عن المواقع المعرضة له، باستعمال، (مساند هوائية) أو (مساند مائية) عن طريق (سرر)خاصة، تشترى وتوضع في المستشفيات لهذا الغرض بالذات. وأعيد وأكرر، أن أهم وقاية من تلك القرحات الصعبة، هو تقليب، المريض أو الشخص، المستمر، كل ساعتين تقريبا، حيث أن هذه التقرحات، تبدأ بالتشكل إذا استمر المريض على وضعية واحدة دون (تقليب) أكثر من 12 ساعة! (ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال) حتى إذا وصلت إلى هذه النقطة، يتابع كلامه!،، اسمحوا لي أن أبين لكم يا سادة، عظمة القرآن،وصدق دعوة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم! فهذا الذي عرفناه (بعلمنا الحديث)، وهو الذي توصلنا إليه بعد (بحث وتجريب)! ذكره القرآن الكريم منذ خمسة عشر قرنا من الزمن!.. وذلك عندما قص علينا قصة الفتية الذين آمنوا بربهم، وهربوا، من ملك جبار، وحاكم طاغية، إلى كهف من الكهوف! وهناك (أنامهم الله)! ونومهم هذا هو معجزة من المعجزات الكبرى، ثلاثمائة سنة،وازدادو تسعا فلقد قال عز وجل ( وتحسبهم أيقاظا وهم رقود، ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد، لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا) الكهف:180. فهاهم هؤلاء الفتية، في غار وكهف، نيام!.. والأرض من تحتهم صلبة، قاسية!، وثقل أجسامهم يضغط على أماكن معينة من أجسادهم..ويضغط بقوة، فالأرض تحتهم صلبة! ولو استمر هذا الوضع لساعات قليلة فقط لا تزيد عن اثنتي عشر ساعة، وليس لما يزيد عن مليونين ونصف من الساعات!! كان سيحدث تقرحات وحشكريشات!..فكيف إذن الساعات عن المليونين والنصف.. تزيد؟!! فما الذي كان سيحدث، مع وجود معجزة بقائهم أحياء، طوال تلك المدة والفترة؟! إنه شيء لا يمكن تصوره.. ولا يمكن تخيله!.. أسيموت الجلد وما تحته ؟!.. أم (سيذوب) العظم وما فوقه ؟! أستحدث قرحات وتموتات ؟!.. أم ستحدث (فوهات) و(قنوات)؟! وتأتي رحمة الله!.. (فتقلبهم بيد حانية.. من جنب إلى جنب، ومن ناحية إلى ناحية، ? من طرف إلى طرف!.. مرة إلى اليمين، ومرة إلى الشمال!! .. (تقلبهم)، وهم نيام، ولا يستيقظون!.. وعن الوعي والشعور، غائبون!.. فتحسبهم أيقاظا.. وهم رقود!.. وتظنهم في صحو.. وهم في غيابه.. موجودون!.. .. تأتي (رحمة الله)!.. (فتقلبهم)!.. وتأتي (كلمات الله).. تخبرنا وتعلمنا! من خمسة عشر قرنا من الزمن أن النائم(العاجز)!، يجب أن (يقلب).. ووضعه يجب أن (يبدل)!.. .. وإلا (أكلت) الأرض جسده! .. نقلبهم) وليس، (يتقلبون)!.. .. فلا إرادة لهم، ولا مشيئة!.. ولا حول لهم ولا قوة! كمريض عاجز مشلول.. أو غائب عن الوعي مسبوت!! .. من خمسة عشر قرنا من الزمن.. كلمات نزلت، تعلمنا! ونحن بعلمنا (الحديث).. متباهون، بل مغرورون!.. وللحق، ناكرون، جاحدون! فيا رب،، يرفع يديه بالدعاء!،، نستغفرك من غرورنا، ونكراننا!.. يا رب، يا من كنت أرحم بنا من أنفسنا،.. أغفر لنا،وتب علينا!.. يا رب.. نحن ضعاف، وقوتنا منك!.. نحن حيارى، واطمئناننا منك! نحن ضياع، واستقرارنا منك!.. نحن جهال، و(علمنا) منك!.. .. فأجعل (علمنا) يقربنا إليك، ولا يبعدنا عنك! وترقرقت في العيون..دموع! وخشعت للحق.. قلوب! ??? موعد نشر الجزء الثاني من الفصل التاسع يوم الأربعاء 10 شعبان 1423هـ الموافق 15 أكتوبر 2002م