الترجمة الخامسة للإلياذة أقرب إلى روح النص الأساسي

?? اسم الكتاب: الإلياذة اسم المؤلف: هوميروس تعريب: ممدوح عدوان ?? الناشر: المجمع الثقافي- أبو ظبي 2002 ??روح الشاعر تطغى على الترجمة الخامسة للإلياذة نالت بعض الكتب الكثير من الاهتمام، وتلقفتها الأمم المختلفة وترجمتها إلى لغاتها، توسيعا للفكر الإنساني، وتنويعا لما يقدم للقراء، وذلك بتقديم وجبة شهية من خارج القطر أو الفكر المحلي. ومن هذه الكتب التي لاقت الاهتمام العالمي ديوان هوميروس، والمشهور باسم الإلياذة، وهي قصائد شعرية عن ملاحم بطولية دارت في العصور الإغريقية القديمة، وكان هذا الشاعر يلقي فصول هذه الملحمة على الجمهور في تجمعاتهم، لذا فإن ما كان يشد الناس لسماع هذه المحاورات الشعرية هو جودة الشعر والفكر وتعاطف المستمعين مع الشاعر. فهذه الملحمة تتحدث عن الشجاعة والتضحية والحيل والحروب، وصراع الآلهة الإغريقية، مما يجعلها محببة للسامعين. ونالت هذه الملحمة اهتمام الكتاب العرب، وترجمت مرات عديدة كان آخرها هذه الترجمة الشيقة للشاعر الكاتب ممدوح عدوان، وهو شاعر رفيع، رأى في الترجمات السابقة بعض القصور، وليس بعض العيوب، ولكنه كشاعر رأى أنه يستطيع أن يعبر عن أفكار الشاعر بأحاسيس الشاعر، وليس بأحاسيس المترجم، لذا فكانت ترجمة فريدة لكتاب أدبي رفيع من شاعر مجيد تضاف الى المكتبة العربية. الترجمات السابقة: ترجمت هذه الرواية إلى اللغة العربية عدة ترجمات، أشهرها خمس ترجمات نشرت على صفحات الكتب من خمسة مترجمين، كل له أسلوبه ونظرته، كانت الترجمة الأولى قدمها الشاعر سليمان البستاني، ونشرت في أوائل القرن الماضي، ثم كانت الترجمة الثانية من نصيب عنبرة سلام، تم تلتها ترجمة دريني خشبة التي صدرت عن دار الهلال. وأخيرا صدرت هذه الترجمة الفريدة والتي أصدرها المجمع الثقافي في أبو ظبي، وهو مجمع يهتم بأمهات الكتب الأدبية، وهذه الترجمة الأخيرة تتميز عما سبقها بأنها تتواكب مع الفكر والأدب في العصر والزمن الحالي. علما بأن الترجمات السابقة ستكون مرجعا أدبيا كبيرا، لأنها تمثل مستوى الفكر والنشاط واللغة الأدبية لذلك الزمن، كما أنها تمثل النظرة الإنسانية والفكرية في عقل المترجم، فهو وإن كان يترجم الأفكار، إلا أنه يلونها ويصبغها بلون قلمه ولون شخصيته. وليس ببعيد أن تصدر ترجمة سادسة لهذا الكتاب الأدبي في أزمان قادمة، فقد تم ترجمة هذا الأثر الأدبي سبع عشرة مرة إلى اللغة الإنجليزية، وكانت الترجمات تتوالى بما يعادل أربع ترجمات في كل قرن من القرون الثلاثة الماضية. توافق وصدف: مؤلف الإلياذة هو الشاعر الإغريقي هوميروس الذي عاش في القرن الثامن قبل الميلاد، وكان يعيش في منطقة شمال تركيا حاليا، وكان سكانها جزءا من المجتمع الإغريقي آنذاك. وقد بقيت هذه الأشعار محفوظة، تناقلتها الأجيال لأنها كانت تمجد الآلة الإغريقية وتعرف بهم، فكانت جزءا من التراث الديني القديم، لذا فإنها كانت محفوظة في الصدور، وكانت تقال في المحافل والمناسبات، حتى انتهت أسطورة الآلهة الإغريقية بانتشار الديانة المسيحية في تلك المناطق في القرون الأولى من ميلاد السيد المسيح عليه السلام. من عجائب هذه الإلياذة أن مؤلفها شاعر أعمى، وله فلسفة ورؤية في الحياة، ويصف الأشياء وهو لم يراها، فهو يصف المعارك، وكيف تلمع السيوف في تحريكها لتسقط عليها أشعة الشمس فتلمع هنا وهناك، ويصف السفن بتفاصيل لا يعلمها إلا من شاهدها بعينه وركبها. وكأننا أمام شاعرنا العربي الكبير الشاعر بشار بن برد الذي يصف الأشياء بجودة تفوق البصير، أو أبي العلاء المعري الذي حول الشعر إلى ديوان في الفلسفة والحكمة. كما أن هذا الديوان يتكلم عن المعارك وعن عدم التوافق في المقدرة العسكرية بين أهل طراودة المحاصرين وجيش الإغريق الغازي، وكأننا نعيش مأساة الشعب الفلسطيني في زماننا الحاضر، فالتشابه في القصة والكفاح والمقاومة والظلم، لا يختلف عن الوضع الحالي في أرض فلسطين. محور الملحمة: الإلياذة هي الملحمة الشعرية التي حفظت لنا الكثير من التاريخ الإغريقي عن الحروب التي دارت في تلك الأزمان، وفي هذه الملحمة صور حية عن الحياة في ذلك العصر، ولكن بصور أسطورية تديرها الآلهة المتنوعة، فهناك آلهة تتعارك وتتحارب، ويقتل بعضها بعضا، أو أنها تتسلط على الأبناء، فهناك الإله زيزس أبو الآلهة جميعها وملك الالمب، ويرد ذكر الأولاد والبنات الذين خلفهم هذا الإله الأسطوري، ومنهم ابنته الشهيرة هيلين التي ولدت من بيضة بجعة. الإلياذة الملهمة: لا تزال كتب الشاعر هوميروس تعتبر مرجعا أدبيا للكتابات الأدبية، ومنها أخذ الكثير من الأدباء أفكارهم لروايات بلغت شهرة عالمية، وهذه الإلياذة لا تزال إحدى أمهات الكتب الأدبية التي يرجع إليها الدارسون للأدب، مثلها مثل قصص ألف ليلة وليلة العربية، والتي ترجمت لكل لغات العالم، وأصبحت من التراث العالمي، وهي الملهمة للكثير من الأدباء أن يصنعوا من أفكارها مسرحيات أو روايات بروح تتلاءم مع عصر الكاتب.