الدعاة والناصحون.. هل يتم إعدادهم!!

ن خلال النصوص الشرعية يتضح لنا أن وجود الدعاة أمر ضروري لصلاح المجتمع. وإذا كان الأمر كذلك فإن من الواجب على أولي الأمر في كل قطر إسلامي أن يعملوا على تكوين أجيال من الدعاة ليكونوا طليعة لصلاح الأمة بكاملها وأن لا يتهاونوا في هذا الأمر حتى لا تضيع الأمة بأسرها. وحتى يتم تكوين الدعاة على أساس سليم فإننا نضع أمامنا هذه الحائق: أ - إن عبء الدعوة ثقيل، ومهمة هداية الناس عمل جليل، ومن ثم وجب أن يختار الدعاة من بين صفوف الأمة وفق معايير معينة، وأن لا يترك هذا للظروف تفرضه مما يدفع بالعجزة والقاصرين إلى هذا المجال الحساس فيكون الضرر لا النفع. أمور ينبغي مراعاتها لتأهيل الدعاة وحتى يتهيأ داعية من هذا الطراز فإن من الواجب مراعاة الآتي فيمن يؤهلون ليكونوا دعاة: 1-أن تتوفر الرغبة في نفس المرء لحمل هذه الأمانة، وأن لا ينظر إليها على أنها عبء ثقيل يبغي التفلت منه كلما سنحت الفرصة . ويستأنس لهذا المعنى ما روي عن عكرمة قال : قال عيسى عليه السلام : لا تطرح اللؤلؤ إلى الخنزير، فإن الخنزير لا يصنع باللؤلؤ شيئا، ولا تعط الحكمة لمن لا يريدها فإن الحكمة خير من اللؤلؤ، ومن لا يريدها شر من الخنزير.(جامع بيان العلم وفضله 1131-132) 2-أن تجتمع في نفس المرء إلى جانب الرغبة عدة مؤهلات، وذلك بأن يكون المرء صائب النظرة ليس عليلا في تفكيره أو ملكاته النفسية حتى لا تتحول سلبياته سهاما توجه إلى الدعوة 3-أن يكون له إلى جانب ما سبق سيرة حسنة وحرص على المبادرة بالعمل بما يسمع ويقرأ، وذلك حتى لا تؤثر فيه عاداته السيئة بعد انتسابه للدعوة وانضمامه إلى صفوفها فيصير فتنة تصد الناس عن طريق الله تعالى، يقول الإمام مالك : لا يؤخذ العلم من أربعة ويؤخذ ممن سوى ذلك، لا تأخذ من سفيه معلن بالسفه وإن كان أروى الناس، ولا تأخذ من كذاب يكذب في أحاديث الناس إذا جرب ذلك عليه، وإن كان لا يتهم أن يكذب على رسول الله، ولا من صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه، ولا من شيخ له فضل وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحدث (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 1139) دور الأجهزة المعنية بالدعوة ويمكن للأجهزة المعنية أن تعقد اختبارات شخصية للمتقدمين إليها لاختيار أنسب العناصر والذين تتوفر فيهم الشروط السابقة والدفع بهم إلى ساحة الدعوة بعد تأهيلهم ثقافيا وتربويا. لا بد من مراعاة التجارب العملية ب- إذا روعي في الداعية هذه المواصفات عند اختياره فإن من الواجب بالإضافة إلى ما سبق مراعاته بالتجارب العملية واختباره قبل تقليده المسئولية، فإن البعض قد لا ينجح وقتئذ فيكون فشله محدودا، وعلى حساب نفسه لا على حساب الدعوة . فإن أمكن تقويم مثل هذا الشخص فبها ونعمت، وإلا فلا حاجة بالدعوة لأمثال هؤلاء. وفي التأكيد على المعاني المشار إليها سباق في ضرورة الاعتناء باختيار الدعاة حتى لا تضيع الدعوة، يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم فإذا أخذوه من أصاغرهم وشرارهم هلكوا. والأصاغر أهل البدع والأهواء وليس المراد بهم صغار السن. (جامع بيان العلم وفضله 1 192-193)