الشعر ينساب رقراقا كالماء في ديوان النهر الأول!!

?? اسم الكتاب: النهر الأول ( ديوان شعر) اسم الشاعر: هيثم خشبة الناشر: مركز الحضارة العربية 2001م لا يعد هذا الديوان النشاط الأدبي الوحيد الذي يقدمه هذا الشاعر المجيد، فهو كاتب صحفي مصري، ويعمل في جريدة الأهرام القاهرية المشهورة، ويقدم الأدب والفكر شعرا وكتابة، ويتميز شعره بأنه من الشعر الحديث الذي يهتم بالأفكار على حساب الموسيقى الشعرية، فالأفكار هنا جديدة ورسائل الشاعر مكتوبة بلغة الشعر الحديث التي يمكن لكل قارئ أن يفهمها بنظرة خاصة، تجعل من شعر هذا الشاعر أفكارا في كبسولات شعرية، يمكن أن تعالج الفكر والقلق والتاريخ والنفس الراضية والنفس اللوامة. الديوان يحمل عنوان النهر الأول، والشاعر ختم ديوانه بقصيدة تحمل هذا العنوان، ويقول فيها: نحن الذين نأينا طويلا وضللنا كي ندرك أن ما نريده هو أن نرسب في قاع النهر.. احتضنا الفجر الغريب ثم تركناه مبتهجين وعدنا إلى موتنا الأول أكثر صمتا خلف المجرى المخادع خلف ملامحنا الراسبات في الشظايا بعيدا عن الريح.. حيث النبض.. طلاسم ورموز شعرية في قصيدته الرمزية التي تحمل عنوان (رأس الزمن) يقدم لنا الشاعر فيها رؤية فكرية، وتتلون الأفكار والرؤية واللوحة الشعرية التي خطها قلم الشاعر بألوان مختلفة عند النظر إليها من كل قارئ، إنها الرسالة الغامضة التي تحتاج إلى فك رموزها، ومعرفة أسرارها، وكل قارئ يستطيع فهم المقصود إنما بلون هل رأيت الليل عيني ذئب من حديد زهرة من خماسين الصمت تدور هل رأيت رأس الزمن الجنين في الحسين معلقا على باب الأيام هل رأيت العابرين يدخلون في دخان النراجيل ورأيت الدخان عجوزا زرقاء تطول أظافرها في زاوية الكلام هل رأيت الضوء في مدينة الموت قرة قوز يهذي يبكي يدور ثم ينام. الغربة لا تذيب العربي يقدم الشاعر قصيدة بعنوان (مصطفى)، وهذه القصيدة تحكي هموم المغترب العربي، فمصطفى هذا هو أحد العمال المغاربة الذين يعملون في إيطاليا مع مجموعة عمال عرب، يقدمون عرقهم مقابل البحث عن لقمة شريفة، ويجتمعون في المساء بعد العودة من العمل ليعيشوا أيامهم ولياليهم العربية، يرقصون ويغنون ويطبخون طبخاتهم المغذية. هؤلاء العرب في تلك القرية الإيطالية هم إيطاليون في النهار، ولكن حالما يظهر القمر يعود لهم الدم العربي، ويعودون إلى صحرائهم بكل طقوسها وناسها. ومن هذه القصيدة نقدم هذه السطور المنثورة : عشر سنوات في مساء البلاد الغربية ترقص مغربيا كما كنت أو كما تكون وحيدا فجأة بين صمت الأصدقاء وقدور العشاء بعد العودة بعد العودة من المصانع البعيدة. . وترقص كل ليلة مغربيا كما كنت أو كما لن تكون مصطفى في مساء البلاد الغربية في مساء الغيوم البطيئة. خيال الشاعر لامحدود: يقدم لنا هذا الشاعر أفكاره وتخيلاته الشعرية بكثير من شطحات الخيال، ولكنه ليس الخيال الخرافي البعيد عن الواقعية، إن شاعرنا يستعير وقائع الأحداث والطبيعة ليرسم لنا صوره الشعرية الدقيقة، حتى ولو لم تكن لوحات شعرية، ففي قصيدته هدوء يقول: الظلام هاوية رحيمة تسبل الجفون ثدي يتشبث الصمت به وترضع منه في رؤوسنا مسوخ رؤانا الأليفة الظلام أيادي أطفال مدهوشة تتحسس وجوهنا الغريبة لماذا تعود العينان مرهقة للظلمة . ???