حول العالم بمزاج معكر!!

هذا هو اسم الكتاب(Around the world in bad mood) الذي صدر (في شهر مارس 2002م) في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي كتبته (رينيه فوس Rene Foss) التي تعمل مضيفة على الخطوط الجوية في الولايات المتحدة الأمريكية، وعملت لمدة 16 عاما ولا تزال تعمل في نفس العمل. وهذا الكتاب هو تقرير عن مميزات العمل في هذه المهنة وعيوبه، ولكن الكتاب لايخلو من السخرية والهزل، فالكاتبة أجادت في وصف هذه المهنة بشكل ساخر، وجعلت القراء يقبلون على كتابها لما فيه من تصوير مضحك لحياة العاملين بين السماء والأرض، مع مجتمع غريب عن بعضه، وفي مساحة ضيقة، ولا تجمعهم أي أهداف عامة، سوى استخدام هذه المضيفة وتحليل أجرتها. تبحث عن الشهرة تقول هذه الكاتبة إنها كانت تحلم بأن تعمل في الفن، وكانت تعشق الفنون، وكانت تفكر بالذهاب إلى نيويورك لتبدأ مشوار الفن من هناك بعد أن تخرجت من الجامعة، إلا أن والدها رفض أن تذهب إلى مدينة نيويورك، فهي مدينة كبيرة ومخيفة. وقدم لها أبوها أعلانا عن فرصة متاحة للخريجات من أمثالها لتعمل مضيفة في شركات الطيران، وقالت إن في الإعلان تنبيها بأن العمل سيكون في إحدى المدن التالية ومنها نيويورك، فرحبت بالفكرة لا لتكون مضيفة بل لتجد الفرصة للذهاب إلى مدينة نيويورك بموافقة والدها. ومن هنا بدأت رحلتها الجوية التي استمرت إلى الوقت الحاضر، وبقيت تعمل في حقل الطيران، ولكنها لم تترك هوايتها وحلمها القديم وهو أن تعمل في حقل الفن، فكتبت مسرحية غنائية عن مضيفة طيران تتنقل بين المدن ولكن بدون مزاج. مم تشكو المضيفة؟ تشكو المضيفات والعاملون على خدمة الركاب من وجود فئة من الركاب تستأنس بهم، وتصنع العجائب لكي يقدموا لها خدماتهم المتكررة، وليس بالضرورة إعجابا بمضيفة ما، فإن ضرب الجرس أو إشعال لمبة استدعاء المضيفة يستقبله جميع العاملين، فيقوم بالاستجابة للنداء أي من العاملين، لذا فإن بعض الركاب يحب ويعشق الخدمة المميزة، ويستمر في استدعاء المضيفات بسبب وبدون سبب، وتفسر الكاتبة مثل هذه التصرفات تفسيرا هزليا وتقول ندرك نحن بحكم الخبرة أنها صادرة من رغبات دفينة في نفس الراكب لينتقم من شخص ما في حياته، فيطلب ماء، ثم يطلب جريدة، ثم يطلب منديل ورق، ثم يطلب ماء.. وتتوالى الطلبات، ولا بد من إجابة هذه الطلبات، حتى ولو بالاعتذار عن عدم إمكانية تنفيذها. وهي تقول إن العاملين في هذا المجال سيقابلون أنواعا كثيرة من البشر، منهم من يقدم إعجابه، ومنهم من يسخر، ومنهم من يثير الغضب. وهي تحب الأطفال وترحب بالأمهات، ولكن بعضهن يثرن الغضب، وتذكر حالات اضطرت إلى العناية بالصغار وإلى تبديل الحفائظ لهم لأن الأمهات لسن في وضع يسمح لهن بعمل ذلك. وأكثر ما يثيرها هو الاستفراغ، فعلى الرغم من وجود حقائب الاستفراغ أمام كل راكب، إلا أن بعضهم يفضل عدم استخدام الكيس لخلق مشكلة للمضيفات اللاتي يقمن بالتنظيف بعده لتغطية فعلة كان بالإمكان تحاشيها بكل سهولة. قصص متناثرة تنتثر القصص الغريبة والعجيبة على صفحات الكتاب، وهي قصص واقعية، وتجارب مرت بها في حياتها العملية والتي تزيد عن 16 عاما، قضت أغلبها في مقابلة أناس غرباء عنها إلا ما قل، بعض الركاب تتعرف عليهم ويعرفونها، على الرغم من أنها لم تكن منتظمة في خط طيران واحد، كما أنها تذكر مقابلتها لعدة أشخاص عرضوا عليها عروض عمل مجزية ومغرية لتصرفات حسنة منها. وتتحدث عن معاملتها لبعض الركاب المشاكسين الذين اضطرت إلى التعامل معهم بخشونة، وكان أحدهم من السكارى، وانتهى به الأمر إلى تربيطه. وتذكر أنها قامت بعمل مشين ذات مرة، حيث إنها كانت متعبة فاستخدمت القهوة غير المنبهة وقدمتها بدلا من القهوة العادية، راجية أن ينام الركاب بدلا من إيقاظهم بالقهوة المنشطة. أما عن الحوادث فكانت حوادث طفيفة، ولم تتعرض سوى لحالات أعطال ميكانيكية مقدور عليها، وجميعها انتهت بسلام . لغة الطيران عندما يقول المضيف أو قائد الطائرة سنتأخر بعض الوقت، أعطال طارئة، نأسف للتأخير، ومطبات هوائية،، نحن نرحب بكم، نشكركم على اختياركم لنا! كل هذه التعابير وتعبيرات أخرى هي تعبيرات دبلوماسية، تنطق بصوت حنون ولكنها قد تعني أمورا أخرى، فإن إعلان المضيفة أنه سيكون هناك تأخير لبعض الوقت، فهذا يعني افتح كتابك، أو اغمض عينك للنوم الطويل قبل تمكننا من الإقلاع، وتقول إننا لا نعلن عن التأخير الذي يمتد إلى أقل من نصف ساعة، لذا فإننا نعني هنا أننا لا نعرف متى نقلع .. وكلمة عطل طارئ قد يكون خناقة حامية بين الكابتن ومساعده، لابد من الفصل بينهما بإخراج أحدهما من القمرة واستبداله. واما الإعلان عن مطبات هوائية، فإنها تحدث إذا أفلت زمام الأمر في داخل الطائرة، وبدأت الفوضى تعم والركاب بدؤوا يقومون بزيارة بعضهم بعضا، وأصبح العمل والحركة متعبة للمضيفين والمضيفات، فإن الحل هو هزة بسيطة يتم الإعلان بعدها طلب العودة إلى المقاعد وربط الأحزمة. وتتوالى التفسيرات المضحكة والفاضحة لشركات الطيران ولغتها الناعمة.