العولمة.. أفكار جميلة واستغلال سيئ!!

?? اسم الكتاب: عولمة القهر اسم المؤلف: د. جلال أمين ??الناشر: دار الشروق القاهرة طبعة أولى 2002 ?? ظهرت كتب عديدة في السنوات الأخيرة عن موضوع العولمة، كل يرى فيها رؤية، فمنهم من يرى أنها حتمية تاريخية، وآخر يرى أنها صناعة أمريكية، وآخرون يرون أنها طفرة عابرة، ومنهم من يرى أنها صراع الحضارات فعلا. ويقدم لنا المفكر المصري رؤيته عن العولمة من نافذة أخرى ومن رؤية جديدة، فهو يفسر ظهورها، ومن ظهورها يتبين المقصود منها. والدكتور جلال أمين أحد الكتاب المصريين المجيدين في فكرهم وكتاباتهم، ويقدم هذا الكتاب، وإن كان عنوانه من عناوين العولمة، إلا أنه يخص بها نوعا واحدا من العولمة وهو عولمة القهر، ويخص الولايات المتحدة الأمريكية بمصدر القهر، فهذا الزمن هو زمن القهر والتسلط الأمريكي على أفكار العالم، والترويج لدعايات السياسة الأمريكية الغاضبة والمنحرفة والتي كما يقول رئيسها إن من ليس مع أمريكا فهو مع الإرهاب. الحرب الباردة كانت العائق: يستطرد المؤلف بكتابه القيم عن تاريخ العولمة، وهو يؤكد أنها ليست فكرة جديدة، وليست من مواليد هذا القرن أو سابقه. ولكن كان هناك عائق سياسي عن الاتجار بها وركوب موجتها، لوجود قطبين متنافرين يقودان العالم ويتحكمان في اتجاهاته، ويسعى كل منهما إلى توسيع رقعة نفوذه وانتشاره، فكان لابد من طعم يقدمه لجلب مزيد الأنصار له، وهم في الحقيقة ليسوا أنصارا بقدر ما كانوا ضحية محاولته إضافة مزيد إلى مساحة رقعة التوسع والنفوذ وأسواق البضاعة. وكان الطعم اللذيذ المغري الذي كان يقدمه القطب الأول وهو الولايات المتحدة الأمريكية ودول غرب أوروبا، هو أن هذا القطب رائد وحامي الحريات الشخصية، وهو عالم الديمقراطية، حيث لكل إنسان من أفراد الدولة ثمن وقيمة واحترام، كما أنه كان يتهم القطب المنافس بالكفر بالعقائد، ويتهم المنحازين للقطب الآخر بأنهم الكفرة الملحدون الذين ينكرون حق الإنسان بالإيمان، مما جعل الفكر الغربي أقرب للقلوب المؤمنة. والطعم الذي يقدمه القطب المنافس: هو أنه مناصر الضعفاء والمساكين وحامي حمى الفقراء من طمع الرأسمالية الاستهلاكية، وأن هذه الرأسمالية الغربية هي استمرار للاستعمار الغربي السابق الذي غير جلده ولم يغير أخلاقه. عالم القطب الواحد: يواصل المؤلف تسلسل أفكاره المنطقية، ويتابع التاريخ وأحداث العالم ليصل الى نتيجة مفادها أنه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي أصبح الفكر الغربي هو المهيمن، وأصبحت الكلمة العليا له في هذه الزمن، وبانتهاء الشيوعية بدأ الغرب يبحث عن شعار آخر له، بعد انتهى عصر محاربة القطب الثاني، وظهرت أقوال فلاسفته مثل فوكوياما الذي ذكر ان التاريخ يتوقف هنا بانتصار الرأسمالية، لأنها هي كمال الحضارة الإنسانية، وأنها هي الباقية، وغيرها سيموت، فانطلقت موجة العولمة، على أنها جزء من تاريخ القرن الحالي، وأنها هي المركب المنقذ، وأنها مفتوحة لمن يرغب في التمتع بحياة العصر الحديث، ومن يرغب في البقاء في العصور الجاهلية، فانه لن يرغم ولكن التاريخ لن يرحمه. هذه الأفكار هي لترويج بضاعة المنتصر أو الباقي من القطبين، وأفكاره هذه انطلقت بدون عائق، وبدون منافس أو مناقض لها، وانطلقت على أنها دعوة للانضمام إلى العالمية والعولمة، ومن لم يلحق بركابها فهو في معزل عن التاريخ الحديث، وأصبح الجميع ملزم بركوب هذه الحافلة التي تلم شمل أشتات مختلفة، ولكن السائق لا يهمه الراكبون، طالما أنه هو الذي يقود هذه الحافلة فيقف متى شاء وينطلق في الجهة التي يرغب. وجاء بعد ذلك الفيلسوف الثاني( صامويل هنتنجتون) ليعلن أن الصراع الآن بعد أن كان بين الشيوعية والرأسمالية، سيكون بين الإسلام والغرب المتحضر، ليجعل من الإسلام الطرف الهمجي، ويجعل الانتساب إليه أمر غير محمود. العولمة ليست شرا كلها: ويرى المؤلف أن في العولمة نواحي إيجابية، فليست جميعها شرور، حيث إن العولمة هي نتاج تقريب المسافات والتماثل في استخدام السلع والاشتراك في استهلاك السلع والبضائع، وكأن العالم أصبح دولة واحدة أو منطقة جغرافية واحدة، يتشابه فيها ويتبادل الفكر والفن والثقافة. ولكن الشر يحدث عندما تكون هذه العولمة لخدمة مجتمع واحد أو فكرة واحدة وأن يلغى فكر الآخرين. واستغلت فكرة العولمة بشكل سيئ بعد أحداث 11 سبتمبر حيث أصبحت العولمة هي تجيش الجيوش وغزو البلدان بدعوى حماية الحضارة والإنسانية من الإرهاب. الإرهاب المجهول: والإرهاب الذي ليس له تعريف يعرف به ويشار إليه، أصبحت كلمة الإرهاب تكتب في الدعايات الأمريكية على أنها محاربة أو معارضة السياسة الأمريكية، وتلقفتها أجهزة الحكم في أمريكا لتتسلط على العالم وتقوده إلى حظيرة سياستها، وهي وإن كانت تحارب الإرهاب فهي تصنع الإرهاب أيضا. كتاب قيم: إن هذا الكتاب يشرح بتفصيل مثير الوضع العالمي الراهن من وجهة نظر عربية، أو نظرة فلسفية ورؤية بعيدة عن تأثير الصخب الأمريكي، فهو وبهدوء يبرر وينظر اتجاهات السياسة الأمريكية والغربية، ويشرح للقارئ العربي عن أخطار العولمة التي هي عولمة القهر الذي تقوده أمريكا في الزمن الحاضر، بعيدا عن أية أخلاق إنسانية، وكل الأهداف التي ترمي إليها أمريكا ليست محاربة الإرهاب، ولكنها وجدت ذريعة وقميصا تلبسه لفرض إرادتها على العالم أجمع، ويحذر من التطبيل للفكر الغربي الذي يظهر وجها باسما ومشرقا، ولكنه في الحقيقة هو تسويق لبضاعة اقتصادية يعود ربحها إلى أمريكا وشركائها فقط. ???