قوانين الإسلام في التعامل .. حاجة ملحة في هذا العصر

يجهل كثير من الناس القوانين التي وضعها الإسلام في تعامل الناس بعضهم مع بعض، وكيف أنه بتلك القوانين والتوجيهات أصبح أفضل الأديان تقدما ورقيا. ولعلنا نقتصر في هذا المقال على توجيه واحد من توجيهات الإسلام في تعامل الناس بعضهم مع بعض، هذا التوجيه الذي أصبح الناس في أمس الحاجة إليه في هذا العصر. الإسلام بشموليته وكماله يدعو على التسامح بين الناس، وإلى الصفح عن عباد الله إذا أخطئوا أو أساءوا، كما يدعو إلى التسامح في المعاملات اليومية، ولذلك فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: رحم الله امرأ سمحا إذا باع سمحا إذا اشترى سمحا إذا اقتضى بل إن الإسلام يدعو إلى مقابلة السيئة بالحسنة، ويعد ذلك من الأخلاق الطيبة التي ينبغي على المسلم أن يتحلى بها، يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون (المؤمنون: 96). ويقول سبحانه: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم. وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم (فصلت: 34،35). القرآن يحث على الترقي في درجات الصفح والعفو والقرآن الكريم يحرض الناس ويحثهم على الترقي في درجات الصفح والعفو والتسامح مع الناس، حيث يقول الله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين? الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين فالله عز وجل هنا يحثنا على كظم الغيظ وهو: كتم الغضب وعدم إنفاذه، وعلى العفو الذي هو ترك العقوبة والصفح عن المخطئ، وعلى الإحسان: وهو التفضل بالخير على هذا المخطئ، وهذا من أعلى درجات التسامح. السلف الصالح نموذج للرقي في التعامل ولقد امتثل السلف الصالح لأوامر القرآن الكريم، فكانوا نموذجا للتسامح والعفو والإحسان، فقد ورد أن ميمون بن مهران رضي الله عنه جاءته جارية له بطعام ساخن، فوقع الإناء من يدها، فأصابه شيء منه سقط على ثيابه، فنظر إلى الجارية غاضبا، وقال لها: أحرقتني. فأجابته قائلة: يا معلم الخير ومؤدب الناس، ارجع إلى ما قال الله تعالى. فقال لها: وما قال الله تعالى؟ قالت: لقد قال: والكاظمين الغيظ. فقال ميمون: كظمت غيظي. قالت له: والعافين عن الناس. قال الرجل: قد عفوت عنك. قالت له: زد، فإن الله عز وجل يقول: والله يحب المحسنين. قال لها ميمون: اذهبي فأنت حرة لوجه الله تعالى. الرسول الكريم الأنموذج الأمثل ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم النموذج الأسمى والأسوة الطيبة والقدوة الحسنة في التسامح والعفو والصفح، وحسبه عليه الصلاة والسلام أنه عندما عاد إلى مكة فاتحا، جمع قبائل قريش من المشركين وهم الذين آذوه وحاربوه وأخرجوه من مكة مهاجرا، فقال لهم: يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيرا أخ كريم وابن أخ كريم. قال: لا تثريب عليكم اليوم، اذهبوا فأنتم الطلقاء، وعفا عنهم برغم ما كان منهم معه. بل إنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسمى هبار بن الأسود يضع على وجهه لثاما وينطلق مسرعا خارج مكة، حينما علم أن الرسول دخلها، وكان هبار قد آثار ناقة السيدة زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي مهاجرة، حتى أسقطتها، وكانت يومها حاملا، فنزفت نزفا شديدا، وظلت هكذا حتى فارقت الحياة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما علم أن هذا الرجل هو هبار، ناداه، وقال له: عد يا هبار، فقد عفوت عنك، فأسلم الرجل يومها. النبي صلى الله عليه وسلم وجفاء الأعراب وذات يوم كان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم الأعطيات والأموال على الناس، فوقف رجل فظ من أهل البادية وقال: يا محمد، والله لئن أمرك الله أن تعدل، فما أراك تعدل. فأجاب الرسول صلى الله عليه وسلم: ويحك، فمن يعدل عليك بعدي؟ ولما انصرف الرجل قال الرسول في رفق: ردوه علي رويدا وألان للرجل في الكلام. وفي مرة أخرى جاءه أعرابي يطلب منه شيئا، فلما أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم سأله: أأحسنت إليك يا أعرابي؟ قال الرجل: لا، ولا أجملت. فغضب المسلمون، وهموا بالرجل، فقال لهم النبي: كفوا عنه. ثم دخل بيته ودعا بالأعرابي، فأعطاه عطاء آخر حتى رضي، ثم قال له: أأحسنت إليك؟ قال: نعم، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا. فعلينا أن نتسامح حتى نظفر بخيري الدنيا والآخرة، وحسبنا قوله صلى الله عليه وسلم: اسمح يسمح الله لك.