الإخاء السياحي ينتشر سريعا!!

إعلان صغير نشر منذ عشر سنوات (1992) في جريدة في نيويورك يطلب فيه صاحب الإعلان متطوعين يستغلون ساعات فراغهم في مرافقة السائحين الأجانب في مدينة نيويورك لتعريفهم بهذه المدينة. وكانت الفكرة هي تشجيع السياحة لهذه المدينة، والتي يجد فيها السائح الغريب الغربة المركزة والضياع، التناقضات بين الفقر والغنى، وبين التقدم الصناعي والمتشردين. ولم يكن صاحب الإعلان ينتظر الكثير من الاستجابة لطلبه، ولكن توقعاته لم تكن صائبة، فقد تلقى 400 استجابة سريعة في أول أسبوع، ثم توالت الاستجابات وبلغت آلافا، مما اضطره إلى الاستعانة بالجهات الرسمية في مدينة نيويورك، التي أيضا أعجبتها الفكرة ومنحته مكتبا وهاتفا في مبناها لتنظيم عمله كما يريد. قواعد الاشتراك والتنظيم: تحسنت الفكرة كثيرا بعد الإقبال عليها، فنظمت تنظيما جديدا بحيث أصبح الراغبون في الاشتراك في تقديم هذه الخدمة من مدينة نيويورك يسجلون أسماءهم وعناوينهم مع هواتفهم، مع تعريف بهم وبنشاطهم وباللغات التي يحسنون التحدث بها، وخاصة أن مدينة نيويورك يوجد بها جاليات عديدة، مما يمكن لأي فرد من العالم أن يجد من يتحدث لغته في هذه المدينة. وللمكاتب والشركات السياحية ارتباط بهذا المكتب الذي يحتفظ بأسماء كل المشاركين حسب تصنيف وتوزيع خاص، وتعلن شركات السياحة عن هذا الامتياز الخاص بمدينة نيويورك للمجموعات السياحية التي تستقبلها يوميا بالآلاف، ويترك الخيار للسائح ورغبته في وجود مرافق معه من أهل المدينة يعرف ناسها وخفاياها. ويتكلم لغته، ويقضي معه ساعات من النهار أو بعضا من الليل كصديق وأخ له في هذه المدينة الكبيرة. ترحيب من السواح! نالت هذه الفكرة الكثير من الإعجاب عند عدد كبير من السائحين لهذه المدينة، وأصبح الطلب كثير على هؤلاء الإدلاء بالمجان، حيث يجد السائح نفسه صديقا لأحد سكان المدينة، وهو من نفس بلده ويتكلم لغته ويتنقل معه في مواصلات البلد، ويعرفه على ما خفي من أسرار، فالسائح يذهب غالبا إلى المعالم السياحية الشهيرة في المدينة، ولكنه لا يعرف مثلا أين يجد المطعم العربي إذا كان عربيا ويرغب في أكلة عربية، أو قراءة مجلة تشيكية في مدينة نيويورك إذا كان قادما من تشيكيا، فالرفيق الذي يصاحبه سيعرفه بكل ما لا يستطيع المكتب السياحي توصيله إليه. ونشأت صداقات متينة بين الكثيرين بسبب هذه الرفقة القصيرة، والتي هي غالبا أربع ساعات يقضيها السائح مع هذا الدليل المحلي، وقد تمتد إلى يوم آخر، وبعضها امتد إلى فترة سنوات بالمراسلة المستمرة، وتقول النشرة الخاصة بهذا النشاط السياحي إن بعضا من هذه الرفقة انتهت إلى زواج بين الضيف ومضيفته أو العكس. انتشار الفكرة! هذه الفكرة انتشرت في مدن عديدة وبدأت تنظم مثل هذه الخدمات الخاصة للسياح القادمين إليها، فأخذت الفكرة نفسها مدينة ملبورن في أستراليا، ومنها أيضا تبنتها مجموعة أخرى من المدن الأسترالية السياحية. وآخر القائمة كانت مدينة شيكاغو الأمريكية، حيث وعد عمدتها بتبني هذه الفكرة والعمل على تنظيمها لوضع مدينة شيكاغو في قائمة المدن التي يجد فيها السائح أخا له يبحث عنه ويعرفه عن المدينة وأهلها. كما أن مدينة طوكيو رحبت بالفكرة واستقبلها أهل البلد بالترحاب، وبلغ عدد الذين يشتركون في برنامجهم الشهير والذي أسموه النوايا الطيبة، أكثر من 30 ألف مشارك، على الرغم من أن اليابانيين يشكون من عدم توفر المشاركين الذين يجيدون اللغات الأخرى، بسبب نقاء المجتمع الياباني، وعدم وجود جاليات منوعة عنده، فعدد الأجانب غير اليابانيين لا يزيدون عن 6? من عدد السكان وأاغلبهم من الصين ومن كوريا . إلا ان وسيلة التفاهم باللغة الإنجليزية والفرنسية هي اللغة الدارجة بين الضيف ومضيفه. ويستقبل اليابانيون ضيوفهم ليعرفوهم بالثقافة وحياة المجتمع الياباني، فيزورون معهم الحمامات اليابانية، ويركبون معهم قطارات الأنفاق، ويذهبون معهم الى المطاعم اليابانية وإلى معابدهم ليتعرف السائح إلى ما لا يمكن له أن يتعرف عليه بدون وجود شخص ياباني معه، يعلمه ويرشده. شبكة عالمية: تم تنظيم هذه الفكرة لتكوين منظمة عالمية، وأصبح لها اسم عالمي، وهو (شبكة المرحبين) وتسعى هذه المنظمة إلى استقطاب عدد من المدن الشهيرة للاشتراك في هذا الأمر، وقد يبدو أنه أمر ميسر، ويمكن أن تشترك فيه جميع مدن العالم، ولكن هذه المنظمة تسعى ليكون المضيف شخصا لبقا ومناسبا ليقوم بحق الهدف المطلوب، لأن الفكرة هي لتشجيع السياحة، وليس لبناء صداقات بين الغرباء، لذا فإن اختيار الأشخاص المناسبين لكي يمثلوا البلد وأهله يجب أن يكونوا ذوي صفات حميدة، وأن يكونوا حسني التصرف، وأن يكون سجلهم أو أفكارهم حسنة، لا تسيء إلى المدينة أو إلى السائح الذي يعتبر ضيفا على هذه المدينة وأهلها. ???