عزف على أوتار الزمن من نقولا زيادة

?? اسم الكتاب: إيقاع على أوتار الزمن اسم المؤلف: د. نقولا زيادة ??الناشر: كتاب العربي 2002م هذا الكتاب يحمل رقم 47 من سلسلة كتب مجلة العربي، وفي هذا الكتاب تجميع لمقالات كان سبق أن كتبها الكاتب الكبير الدكتور نقولا زيادة الفلسطيني الأصل السوري المنشأ. وهذه المقالات من مقالات الثقافة العامة والتي تقدم للقارئ الكثير من التاريخ ومن الفكر العربي، ويقدمها الكاتب باستفاضة كبيرة لموضوع واحد لكل مقالة. ويقدم لنا هذا الكتاب على أربعة أوتار يشدو فيها هذا الكاتب بالكثير من التعليم والتثقيف الراقي المبني على التوثيق التاريخي، يبدؤها بالوتر أقاول عن أحوال العرب مع غيرهم من حيث التاريخ، والوتر الثاني عن شخصيات عربية كان لها أثر في تشكيل وتلوين التاريخ العربي جميعه أو لمنطقة واسعة، والوتر الثالث يتحدث عن المفاهيم العربية التي صنعت الحياة الاجتماعية، والوتر الرابع عن العرب مع بعضهم تاريخا وتفاهما. التجارة العربية يذكر الكاتب في مقالته التي نشرت في 1983 بعنوان المشرق العربي والغزو الأوربي، عن النشاط التجاري العربي سواء بين بعضهم أو بينهم وبين التجار في الهند وأوروبا، حيث كانت البضائع الهندية تمر عبر المنطقة العربية بسبب كثرة الحروب الأوربية في البحار، فقد كانت أساطيل الأسبان والهولنديين والبرتغال والإنجليز والفرنسيين تتطاحن في البحر الأبيض وفى أعلى البحار مما أدى الى نشاط تجاري عبر الصحاري العربية والتي كانت أقل أخطارا من البحار. وهذا النشاط أعاد الحياة التجارية إلى بغداد وبلاد الشام، ويذكر أن عدد سكان بغداد في القرن الثامن عشر لم يتجاوز مائة ألف نسمة، إلا أن النشاط التجاري أعاد الحياة لبغداد بعد أن كانت في انحدار. كما يذكر أن إجمالي التعامل التجاري بين الخليج العربي والهند بلغ أكثر من مليون ونصف المليون جنيه إسترليني في القرن الثامن عشر، وهذه التجارة هي التي فتحت باب العلاقات التجارية، ومنها بدأت البيوت التجارية الغربية التي صاحبت الحكام وقدمت لهم القروض والمساعدات بضمانات الموانئ والجمارك. ومن هنا بدأت موجة الاستعمار الغربي. تاريخ مجهول: في هذه المقالات يجد القارئ الكثير من التاريخ المجهول، ولكنه التاريخ الفاعل للكثير من الأقطار العربية، وذلك من خلال تقديم أحد رجالات الإصلاح في البلد، فالكاتب يقدم في كتابه ثماني شخصيات عربية كان لها كبير الأثر في التاريخ العربي وصنعه. ويذكر منهم الإمام الغزالي، وخير الدين التونسي وابن زاكور وأبو القاسم الزياني وابن جبير وابن بطوطة والتيجاني والحشائشي. وأكثر أصحاب الأسماء السابقة هم من مصلحين قاموا في كثير من الأقطار العربية، ويتعرض الكاتب لخير الدين التونسي في مقالتين مهمتين ومتباعدتين، عن تاريخه وفكره، وهذا الرجل الغريب عن تونس حمل الهم التونسي وهو ليس من تونس، ولكنه قدم ولاءه لمن رباه، فالتاريخ يذكر أنه دخل إلى تونس ليس متعلما أو غازيا بل رقيقا، عاش في بيت الحاكم الذي رأى نبوغه، وضمه إلى المكتب العسكري، وهذا المكتب هو القوة الحاكمة في تونس ومصدر صنع القرار، وبدأ هذا الرجل رحلته فى الإصلاح. ومن عجائب الأحداث أن الوزير الأول كان تونسيا طماعا نهب أموال البلد، وكان يقترض من التجار بضمانة أموال الدولة ويأخذها، وكان هناك خلاف بينهما، ولكن الوالي يسمع من وزيره الأول لأنه يؤمن له جميع ما يطلب من أموال، لذا فإن هذا المصلح كان يحارب على جبهات عديدة. وحمل هموم البلد وهو ليس منها، ولكنه أحبها وأحب أهلها. المحتسب صاحب المهمة الكبرى: يذكر الكاتب في الوتر الثالث عن بعض المفاهيم العربية والإسلامية ويذكر بتفصيل عن الفقيه والتاجر والقاضي والصانع والمعلم والطبيب والمحتسب، ويذكر نشأة وخصائص كل منهم ومن يلقب بذلك. ويتحدث الكاتب عن المحتسب وعن نشأته في مراقبة الأسواق وحفظ النظام والأعراف، وصفات هذا المحتسب كما يقررها الفكر والفقه الإسلامي، بأن يكون إنسانا شريفا وعفيفا وعارفا بأمور الدين والأوضاع الاجتماعية، وتوسعت مهمة هذا المحتسب لتشمل الاهتمام بدور العبادة ودور العلم وتفقد الموانئ والأطباء الذين كان بعضهم يستخدم الشعوذة والسحر في علاجاته، كما أن عليه أيضا مراقبة أصحاب المهن من زراع وتجار وصيادين. ويقول إنه قد يبدو أن وظيفة المحتسب من الوظائف الصغرى، ولكن عمله كان كبير الأهمية، فهو الذي يمثل السلطة التنفيذية والقضائية في الوقت نفسه. ويقول الكاتب إن المحتسب في بلاد الأندلس يعتبر من أهل القضاء، ولهم مقولة ونظرية في المحتسب تقول والحاجة إلى المحتسب ضرورية لأن الناس معوجون مخالبون أشرار فبإهمالهم وتضييع أمورهم تفسد السياسة وتفتح أبواب من المفاسد كثيرة. ورم الشيء خير من إهماله. كتاب ثقافة هامة: هذا الكتاب من الكتب الثرية بالمعلومات، وهو مناسب جدا للقراءة العامة، بما فيه من مواضيع شيقة وبلغة سلسلة مبسطة، وهو صغير الحجم، ويمكن حمله في كل مكان، مما يتيح لعشاق القراءة التمتع بما فيه في كل مكان حتى ولو كان في انتظار دوره عند الطبيب أو عند الحلاق. ???