الإنترنت.....هل يقضي على المكاتب السياحية؟!

أعلنت عدة شركات طيران أمريكية بأنها ستوقف العمولة التي تدفعها إلى مكاتب شركات السياحة مقابل بيعهم التذاكر، وشركات طيران أخرى تعمل على تقليص النسبة المتفق عليها وهي بين 7 و10? من القيمة الإجمالية. والسبب في هذا ليس فقط لتقليص المصاريف الباهظة والتي تعاني منها شركات الطيران عموما، ولكن لوجود البديل المناسب. فعلى مدى زمن امتد إلى أكثر من نصف قرن من الزمان، كانت المكاتب السياحية والتي تزيد عن 50 ألف مكتب سياحي في الولايات المتحدة وأوروبا، كانت هي الموزع والبائع الكبير لتذاكر السفر، والترويج السياحي للأماكن السياحية، حيث إن ازدهار السياحة وكثرة المسافرين هو هدف هذه المكاتب لترفع من نسبة أرباحها. تطوير السياحة: يرجع الفضل للمكاتب السياحية على نشر الثقافة السياحية، والتعريف بالمناطق والعجائب السياحية في كل بلد وفي كل منطقة، وهذه المكاتب تقوم بطباعة معلومات غزيرة وكثيفة ودقيقة عن المناطق السياحية في كل الفصول وفي كل المناسبات، مما يمنح السائح فكرة هامة وأولية عن ما هو مقدم عليه. وتعمل على تقديم العروض والبرامج السياحية الشيقة والغريبة، فهي تنظم الرحلات العالمية لزيارة الأماكن النائية أو المجهولة بترتيبات خاصة، وجعلت تسلق الجبال أمر ممكن للكثير من المغامرين الذين لولا الترتيبات الأولية والاستعدادات التي تقدمها هذه المكاتب السياحية لما فكر إنسان بتسلق جبل كلمنجاروا بأفريقيا أو بالصعود على سفوح جبال الهمالايا، أو عبور الصحراء على الجمال، فكل هذه الأعمال هي من مهمات شركات ومكاتب السياحة. وكان على كل راغب في السياحة أن يزور أحد المكاتب السياحية ويستقي منها المعلومات الضرورية، ويقوم المكتب السياحي بحجز مقعده في الطائرة أو الباخرة أو القطار أو الأوتوبيس، كما يقوم أيضا بحجز غرفته في الفندق أينما كان. ويذهب السائح وهو يعلم أنه ينتظر خدمة مميزة، وأن هناك من يهتم به ويرعاه في غربته. البديل العجيب: بظهور وانتشار المعلومة عن طريق الإنترنت، تغير الوضع، وأصبح الكثير من المعلومات متوفرا على الإنترنت من قبل أصحاب الشأن مباشرة، وليس عن طريق المكاتب السياحية، لذا فإن الراغب في السفر يقضي ساعات وهو يتجول في أركان الأرض بواسطة شبكة الإنترنت، ويتنقل بين المدن والأماكن السياحية بالبرامج السياحية العديدة والمنوعة وبالعروض المغرية، كما أنه يستطيع أن يتنقل بين قوائم الفنادق التي لايمكنه أن يتعرف عليها في المكاتب السياحية، ويختار منها ما يعجبه، ويمكن له أن يقوم بالاتصال والحجز بالفندق من خلال الشبكة أيضا . الإنترنت وسيلة حكومية!! استغلت الحكومات شبكة الإنترنت وتولت وزارات السياحة والمرافق السياحية هذه الميزة الكبيرة لشبكة الإنترنت، وبدلا من طباعة آلاف الكتيبات، اصبح بالإمكان نشر معلومات كبيرة وهامة عن البلد، وعن المميزات والمغريات السياحية فيه بأكثر مما كانت المنشورات المطبوعة تقدمه، إذ إن المعلومات منوعة ولا يمكن حصرها في كتيب يقدم للسائح، لذا فإن السائح يمكنه التعرف على ما يريد من أي منطقة، ويستطيع قراءة ما يريده مرفقا بصور ملونه وواضحة وجميلة، وصور تفصيلية، لم تكن متوفرة في الكتيبات المطبوعة. وهناك أيضا ميزة أخرى وهي أن التجديد والتعديل، وهو ما يسمى بالتحديث، يتم غالبا كل يوم أو في كل شهر أو لكل موسم. البرهان !! أظهرت الإحصائيات أن الإقبال على استخدام الإنترنت في ازدياد على حساب المكاتب السياحية، فمكاتب السياحة السويسرية في أمريكا، وعددها ثلاثة، يعمل بها مائة موظف تستقبل 200 مكالمة يوميا على الخط المجاني، بعد أن كانت لا تتوقف هواتفها عن الرنين في السنوات السابقة، لأن الغالبية من الباحثين عن المعلومة يستطيعون الحصول عليها وبسهولة عن طريق مواقع المكاتب السياحية الرسمية، وهناك ما يزيد عن 20 ألف زائر يومي موقعهم على الإنترنت، إضافة إلى أن المتحدث عن طريق الهاتف محدود الزمن ومحدود بوقت العمل. وفي المقر الرسمي للسياحة لجزر البهاما، وهي منطقة سياحية هامة يفضلها الأمريكان عن غيرها لقربها من الولايات المتحدة الأمريكية، تقول الإحصائيات إن هناك 30 عاملة استقبال مكالمات على خطهم المجاني لتقديم المعلومة للراغبين، ولكن هؤلاء الثلاثين عاملة تقلص الاتصال بهم ليتوقف عند 800 مكالمة يوميا بينما ازداد عدد زوار الموقع بما يزيد على 80 ألف زائر لموقعهم على الإنترنت. وتقلص الزوار لهم في المكاتب كثيرا لدرجة أنهم يقدمون القهوة مجانا لمن يزورهم، بينما كان هناك مقهى خاص لاستقبال الزائرين، الذين كان عليهم الانتظار حتى يحين موعد استقبالهم . تواجد مهم: على الرغم من أن الصعوبات التي تقابلها المكاتب والشركات السياحية، إلا أنها لن تختفي من الوجود، ولكن أعمالها تقلصت، وستتكيف هذه المكاتب لما بعد الإنترنت، فالخدمات التي يحصل عليها السائح هي خدمات معلومات فقط، وعليه الاختيار، والذي أصبح ميسرا وسهلا، وحالما يختار المكان والوجهة التي يرغب في قضاء أجازته فيها، فإن المكاتب السياحية تساعده على تنفيذ رغبته، التي كانوا سابقا يوجهونها أو يلونونها بلون خاص يخدم أغراضهم السياحية، وستكون مهمتهم وعملهم يعتمد على استقبال السياح ونقلهم وتقديم الخدمات لهم عند وصولهم، فهذه الخدمات مطلوبة ويحتاجها السائح. ???