الرواية التاريخية تسجيل لما لم يكتبه التاريخ!!

??اسم الكتاب: رحلة ضوء اسم المؤلف: عبد الرحمن منيف الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت 2001م ??هذا الكتاب في أفكاره هو امتداد لكتاب المؤلف السابق (ذاكرة المستقبل) والذي يحث فيه على الكتابة وتسجيل التاريخ والوقائع كما هي وحسب رؤية كل شخص، مهما كان موقعه في المقدمة أو المؤخرة في صنع الأحداث أو مشاهدتها أو السماع بها، وله نظرة ونظرية هامة وهي أن عملية التوثيق لا تتم من طرف واحد فقط، فكل يرى الأمور بنظرة خاصة ويلونها بلون، فالغالب يكتب التاريخ ويسجل الأحداث بلغته وليس بلغة المغلوب، ويقلب الحقائق، لأنه هو الغالب الذي له حق الكلمة. تركيز على الرواية: يركز الكاتب هنا على كتابة الرواية ويقول الكتاب تواجه الرواية العربية مجموعة من التحديات، وبقدر النجاح في مواجهتها، يكون النجاح في إبداع رواية عربية لها حضورها العالمي. أبرز هذه التحديات: لغة الحوار، أي لغة تختار؟ والشخصية كيف يتم اختيارها، وكيف ستحيا وتموت؟ إن الشخصية في الرواية لا تتلخص بالإنسان البطل، بل وأيضا بالطبيعة والحيوان، وهي ما أن تبدأ خطواتها في الرواية حتى تصبح حية. كذلك فإن التاريخ أيضا ليس مجرد أخبار ومعلومات عن ماض انقضى، بل هو حاضر وبقوة في تشكل وعينا وتجاربنا وخياراتنا في الحاضر والمستقبل، ولذا بقدر ما نسهم بصناعته، يكون إسهامنا بكتابته، إذ المعروف أن من يكتب التاريخ يؤسس لصورة عن شخصيتنا وهو ما علينا نحن أن نسجله. لغة الرواية العربية: يطرق الكاتب موضوع اللغة وإشكالياتها في كتابة الرواية، ويقدم نظرية يراها تساعد على حل الإشكال القائم بين الكتابة المحلية والكتابة العامة للجميع، وفي الوقت نفسه يرى قصورا في اللغة العربية يجب العمل على اجتيازه ويقول الكاتب: لابد من الإشارة هنا إلى أن اللغة العربية، بوضعها الحالي، بحاجة ماسة إلى ورشة عمل كبير، وإلى جهد متواصل من أجل التطوير والتجديد لتعويض فترة الضمور التي أصيبت بها خلال عصور الانحطاط. ولعل أبرز ثلاث مجالات تحظى بأهمية خاصة، وتستلزم بذل المجهود المتواصل من أجل لغة قوية، حية ومتطورة التطور المطلوب: مجال النحو والصرف: بحيث تكون اللغة أكثر يسرا في التعامل اليومي والصحيح، إذ تخضع إلى قواعد لا تتسم بهذا المقدار من التعقيد بالنسبة لابنائها، ولمن يريد أن يتعلمها. مجال الاشتقاق: يجب أن تصنع نواظم جديدة لاستيعاب الجديد ومن أجل استقبال كم متزايد من المفردات والمصطلحات بأقل قدر من العجمة، ولكي لا تكون مضطرة لاستعمال الكلمات والمصطلحات الأجنبية بحرفيتها، كما هو جار في الوقت الحاضر. مجال اللهجة المحلية: ويرى أن هذه اللهجات المحلية هي رافد وثروة تساعد اللغة العربية على النمو والتعويض، ويرى أنه لا ينبغي محاربتها لصالح الفصحى، فهذه اللهجات المحلية ليست فاسدة، بل أوجدتها الضرورات وهي نابعة من البيئة. تقسيمات الكتاب: يقدم لنا الكاتب هذا الكتاب على ثلاثة أقسام، وقد تظهر العناوين متباينة إلا أنها كلها تصب في نهر الكتابة عموما، فخصص القسم الأول للرواية، والقسم الثاني للتاريخ والقسم الثالث للتحولات. وفي القسم الثاني يطرح مواضيع قيمة عن التاريخ وعن الروايات التاريخية، ويكتب فيها وجهات نظر غاية في الأهمية، ويورد أحداثا من التاريخ المعاصر ويبرهن للقارئ كيف أن الكتابة هي التي تشكل التاريخ وتصنعه، وليس الوقائع الحقيقية . ويناقش الروايات التاريخية بشيء من التفصيل والتنظير القيم، ويقول إن هناك مقولة تصف الرواية بأنها فن النميمة، وهذا ما يجعل الرواية تتحدث عن المسكوت عنه من أحداث، والذي لا يقال علنا، والرواية عادة تستخدم الناس الصغار لتقول ما يرد به على الكبار لأن للكبار من ينطق باسمهم ويبرر سلوكهم ويبرز عبقرية تصرفهم. ويقول الكاتب إن الرواية تميل إلى التسلل عبر النوافذ، نظرا لأن البوابات لا تسمح إلا بدخول التاريخ الرسمي، وتعتبر هذا التاريخ وحده الذي يحمل سمة الدخول، والمسموح له باجتياز الحدود. ويواصل أحاديثه العميقة في القسم الثالث من الكتاب بالحديث عن الزمن الذهبي للكتابة، ويتطرق بعمق عن الكتاب والتلفزيون والثقافة، في دراسة شيقة وممتعة. كتاب لا بد أن يقرأ: هذا الكتاب دراسة ذات اهتمامات أدبية عالية وعميقة الفكر، تقدم الكثير من الجديد عن رؤية ونظريات تحتاج إلى من يعيد النظر إليها دراسة وتمحيصا، وهذا الكتاب يجب أن يقرأه كل مهتم بالأدب العربي أو الفكر الاجتماعي العربي، فالكاتب له خبرة كبيرة في كتابة الرواية وفي الكتابات البحثية، وسبق أن قدم مجموعة من الروايات العربية التي كانت موضع دراسات نقدية تاريخية وأدبية. ???