إعادة الاستفادة من الكتب بإهدائها لمن يرغب!!

في بيت كل منا مجموعة من الكتب، ويسعى بعضنا إلى تنميتها وتحويل هذه النواة الصغيرة إلى مكتبة منزلية، ولكن لا ينجح الكثيرون منا في الاستمرار في تنمية المكتبة المنزلية، فيظل الكتاب أو مجموعة من الكتب مهجورة على أحد الرفوف، والإنسان بطبعه يحترم الكتاب، وقلما يفرط فيه رميا في الزبالة، لذا فإن هذه الكتب المنسية تكون غالبا قابلة للتوزيع المجاني، وهذا ما دفع السيد راسل وتنربيرج (Russell Wattenberg) أحد عشاق القراءة من مدينة بلتمور في الولايات المتحدة الأمريكية أن يبدأ مشروعه الخيري، وهو جمع الكتب التي لا يرغب البعض في الاحتفاظ بها، وخاصة الروايات التي تكون عادة أقل قيمة مادية بعد قراءتها. وانطلق هذا الرجل المحب لمجتمعه وللقراءة في جمع هذه الكتب وتوزيعها مجانا على من يرغب، على أساس أن تقرأ ولا تباع أبدا، فهو يختم على هذه الكتب أنها للقراءة وليس للبيع.

أساس الفكرة:
يقول السيد (راسل) إنه من عشاق القراءة من صغره، وكانت الكتب متوفرة لديه من والديه، وكان يجتمع بانتظام مع مجموعة من المدرسين في أحد المطاعم، ووجد أن لديهم شكوى دائمة، وتتردد كثيرا، وهي أن بعض الطلبة لا يجدون المال لكي يشتروا بعض الكتب والروايات التي تساعدهم على القراءة، وهنا قام السيد راسل بالتبرع بما لديه من كتب إلى المحتاجين من الطلبة، ولكن الفكرة بدأت تنمو في رأسه كثيرا، فهو رجل أعزب وقليل المسؤوليات، ورأى ان عليه التزاما اجتماعيا نحو عشاق القراءة، وأنه يتمنى أن يرى كل طفل وكل تلميذ يحمل كتابا لقراءته حين يريد.

نجاح كبير:
أعلن السيد راسل عن فكرته في جرائد المدينة، وأعلن أنه يرحب باستقبال الكتب في منزله، وهو يتعهد بنشر الثقافة والقراءة لمن لا تتوفر له، وقد كان الإقبال كبيرا جدا، لدرجة لم يكن يصدقها أو يتنبأ بها، فقد بدأت الاتصالات به، وبدأ سيل من الكتب يصله من كثير من السيدات اللاتي كن يجمعن كتب الروايات وكتب الطبخ، ولم يكن لديهن مانع من التخلص من هذا الكم من الكتب غير المفيد عند الرجوع إليه، وتكاثرت عليه الهدايا، واضطر إلى وضع صناديق أمام منزله لتوضع فيها الكتب المتبرع بها، وكان يجدها تمتلئ كل ليلة بما يجود به القراء السابقون.
واجتمع لديه ما يزيد عن &# 1634;&# 1637;&# 1632; ألف كتاب من أنواع مختلفة، منها كتب في الطبخ وكتب رحلات وكتب عن الجرائم وروايات وكتب تاريخ، وجميع هذه الكتب هي من الكتب الحديثة والتي يقبل عليها الناس عادة لقراءتها.
ويذكر أيضا أنه وجد كتبا نادرة من بين الكتب التي وصلته، ومنها مطبوعات النسخة الأولى، وهي عادة مطبوعات ثمينة، تعتبر من المقتنيات والتحف، وقد باع بعضا من هذه الكتب لأنها ذات قيمة، ولا يرغب في أن يأتي إلى بيته الباحثون عن القديم والنادر من الكتب، فهو يبحث عن القراء فقط.
وبدأ عمله الخيري بتصنيف الكتب وتسجيلها، ثم توزيعها على من يرغب، ولكنه لا يستطيع إرسالها بالبريد، ويقول ان معدل التوزيع لديه هو عشرة آلاف كتاب شهريا، وفي الصيف يصل إلى هذا الرقم أسبوعيا، وقد يكون التوزيع أكثر من ذلك.

بيته مكتبة مجانية!!
وهو يعرض الكتب لزواره من الطلبة ومن عشاق القراءة، ولهم أن يتجولوا في الطابق السفلي من مسكنه حيث جعلها مكتبة يستقبل فيها الجميع، ويترك لكل من يرغب في اختيار ما يعجبه من الكتب، وله ان يحمل ما شاء من الكتب بدون تحديد للعدد، فالكتب توزع مجانا، وهو يبحث عن الراغبين في القراءة.
كما أنه يدور بسيارته المحملة بالكتب ليقف أمام أبواب المدارس وأحواشها، وفي الأسواق أيام العطلة الأسبوعية، يعرض بضاعته المجانية، والتي يقول إن الإقبال عليها منقطع النظير، فطالما كان التوزيع مجانيا فإن الجميع يرحب بالفكرة، ويبدأ يقلب الكتب، وكثيرا ما يجد الإنسان شيئا من العناوين مما يثير لدية حب الاطلاع والقراءة.
وهو يندهش كثيرا من الإقبال على الكتب، ويتمنى أنها تقرأ، فالناس تأخذ الكتب منه، وهو لا يعلم إن كانت للقراءة أو للتصفح فقط، ولكن أيا ما كان السبب، فإن وجود الكتاب في البيت يستدعي الاطلاع عليه، وقد يكون ممتعا وشيقا ليستمر المالك الجديد للكتاب في قراءته.

توسع رسمي:
كثر العمل عليه ونجح مشروعه الخيري، وأصبح غارقا في العمل، فطلب المساعدة، وتكونت منظمة رسمية من ثلاثين متطوعا للعمل معه، وحصلت هذه المنظمة على إذن رسمي بمزاولة العمل الخيري هذا، وأصبح هو رئيسا لها، وحصلت بذلك على حق الإعفاء الضريبي، والسماح لها بتلقي التبرعات من المشاركين بالمال. ووافقت هذه المنظمة على تفرغه لهذا العمل وصرف راتب له بمقدار ثلاثة آلاف دولار شهري من التبرعات التي بدأت تنهال عليه من المؤمنين برسالته وأهدافه.
وهذه الفكرة تحت النظر من منظمات تعليمية لترى ما يمكن أن تقدمه هذه المنظمة الخيرية من نجاح لكي تحذو حذوها، وتشجع على انتشار الفكرة، وتسمح لها بفتح فروع أو التوسع في خدماتها لتغطي مناطق أخرى في الولاية أو في الولايات جميعها، ما دامت الأنظمة المحلية تسمح بذلك .
&# 1645;&# 1645;&# 1645;