النجاح في التعامل مع الكوريين يتطلب معرفة خفايا حياتهم!!

تكونت صورة مشرقة عن الكوريين بأنهم الشعب الذي تغلب على المشاكل الاقتصادية واستطاع أن يجتاز العقبات الاستعمارية والطبيعية وأن يخلق مجتمعا ناجحا بكل المعايير. هذا هو الوجه اللامع، وهو الصورة الواضحة والمعلنة، ولكن كتاب (جواز سفر كوريا) يتحدث بعمق عن الوضع الاجتماعي والفكري للمجتمع الكوري ويقدم للقارئ صورة قد لا تكون مغايرة كثيرا، ولكنها أقل بريقا مما نشاهدها على وسائل الإعلام الموجة. روتين عائق: على الرغم من نجاح كوريا الجنوبية في تلميع صورتها الصناعية والتجارية العالمية، مما يوحي بوجود أنظمة ميسرة ومسهلة للقيام بالمشاريع الهامة الحيوية، إلا أن الكتاب يشير الى ظاهرة تتناقض مع الواقع الحالي، فالكتاب يشير الى نوع من البيروقراطية العقيمة والمتفشية في الأنظمة الكورية تمارس الحكومة دائما سيطرتها من خلال مزيج من القوانين القائمة منذ زمن بعيد ..في فرض القيود على الواردات والصادرات، أو رفض وتأخير طلبات التراخيص أو رفض تجديد الفيزات أو وقف دفع ثمن السلع أو الخدمات ويضيف الكتاب أن عدد الوثائق المطلوبة للموافقة على مشروع ما يمكن أن تزيد عشر مرات عن مثيلتها في الغرب، وحتى عند الانتهاء من كل هذه المستندات فليس هناك ما يضمن أن الطريق أصبح مفتوحا للبدء في المشروع.. الولاء للشخص وليس للكيان !! يقدم الكاتب ملاحظة هامة عن تركيبة النفس الكورية، وهو يقول: إن الكوريين يقدمون ولاءهم للشخص وللمدير المشرف عليهم، ونادرا ما يكون للشركة أو النظام ذاته، لذا فإن العلاقات هي في غاية الأهمية. وينصح جميع الشركات الراغبة في العمل في كوريا للتنبه إلى هذه النقطة وإبقاء المدير أو الممثل للشركة مدة أطول، لأن الولاء يتكون حوله بغض النظر عن الشركة الأم. العلاقات أساس النجاح !! ظاهرة أخرى يتكلم عنها هذا الكتاب وهي ظاهرة أهمية العلاقات، فلا يتم تقديم مشروع أو فكرة إلى الشخص المعني مباشرة، بل لا بد من وجود طرف ثالث ليكون هو وسيلة التقديم، فالشك جزء من مكونات الشخصية الكورية، لذا فإن إنشاء علاقة مباشرة أمر صعب، ولا بد من وجود تسلسل علاقات، ويذكر المؤلف ان هذا النظام العنكبوتي هو من أساسيات العمل والنجاح في كوريا فكل شخص كوري في مجال الأعمال أو في الحكومة لديه شبكة من زملاء الدراسة أو الأصدقاء الذين يلتزمون بمساعدة بعضهم البعض، والدخول في مثل هذه الشبكة حيوي للغاية لكل من يريد التقدم في أعماله. ويقول الكتاب أيضا إن العلاقة المباشرة مع رئيس الشركة أو المصلحة لا تكفي للنجاح لأن الإدارة الدنيا تستطيع أن تعيق أي نجاح وتوقف أي مشروع ليست راضية عنه، حتى ولو كان الرئيس يطلب ذلك. للنجاح شروط ! يقدم هذا الكتاب مجموعة من الاستراتيجيات للنجاح في المشاركة في الاندماج في الاقتصاد والتجارية الكورية: أولها هو ان تكون لدى الضيف معلومات كثيرة عن كوريا وتاريخها، وأن يبني حلقة اتصالات كبيرة، وأن يكون له أصدقاء كوريون وليس أجانب، كما أن تعلم اللغة الكورية والتحدث بها أحد مسببات النجاح، فالكوري يحس بقرب الشخص له متى تكلم بلغته. كما أن استعجال الأمور والوصول إلى النتائج بسرعة أمر غير مساعد على النجاح أبدا، فعلى الضيف أن ينتظر النتائج وأن يسمح بالكثير من الوقت لإنهاء أعماله وتحقيق نجاحه. والهدايا لا ينظر إليها كرشوة، بل إنها جزء من النمط الحياتي في كوريا، فالهدايا والاتصال الشخصي هي من الإيجابيات التي تؤدي الى تحقيق المطلوب. آداب عامة كورية: عامل الوقت المحدد غير مهم عند الكوري، لذا فإذا تأخر عن الحضور لا تتوقع منه الاعتذار، وغالبا ما يكون هناك تأخير قد يصل إلى أكثر من نصف ساعة. النظرة العامة للمرأة لا تزال نظرة دونية، لذا لا يفضل الاستعانة بها كمترجمة أو لإدارة أعمال الشخص الغريب، لأن الكثير من المشاكل تواجه المرأة في العمل. وعندما يكون الزائر ضيفا عليه احترام الطقوس الخاصة بالموائد الكورية حيث يجلسون أحيانا على الأرض، فيجب أن يقلدهم في جلستهم قدر المستطاع، ولكن عليه أن لا يمد ساقه تحت طاولة الطعام المنخفضة، كما أن ترك شيء بسيط من الأكل أمر محبب، ودليل على أن المضيف قد أشبع ضيفه. والعادات الكورية تسمح للمضيف أن يرجو من ضيفه أن يأكل أكثر من نوع معين من الأكلة الرئيسية، والعرف الدارج هو الشكر بالاعتذار، ولكن في حالة الطلب للمرة الثالثة، فهذا يعني التقدير الكبير ويفضل الاستجابة لهذا الطلب الكريم . ولا ينتظر العامل في المطعم الكوري إكرامية من أحد، وجرت العادة على إضافة 10? من مبلغ الفاتورة ليكون ضريبة للعمال العاملين ولتوزع عليهم . ???