المرأة والزراعة كانتا البداية لانطلاق الحضارة في كتاب أفكار غيرت العالم!!

?? اسم الكتاب: أفكار غيرت العالم اسم المؤلف: د.محمد جمال طحان ??الناشر: الأوائل للنشر- دمشق طبعة أولى 2001م ?? يرصد الكاتب في هذا الكتاب أهم الأفكار والنظريات العلمية والفكرية والاجتماعية والفلسفية التي كان لها دور كبير في تغيير نظرتنا للحياة أو للعالم، أو في تغيير أسلوبنا في التعامل مع الحياة. ويرى الكاتب أن الأفكار خواطر تحوم في الهواء حتى يأتي من يرى في هذه الأفكار الساكنة قدرة كبيرة على الحركة، ويطلقها من عقالها لتدور منطلقة نحو هدف، قد يكون حسنا وقد يكون سيئا، وبعضها يدور بلطف وبعضها يدور بعنف. ويرى أن الأفكار والخواطر لا تنتسب إلى أرض معينة أو إلى جنس من الأجناس، فالأفكار هي تراكمات متتالية أحدها يبنى على الآخر، لذا فليس هناك من أمة أو شعب يستطيع أن يدعي أنه أبو الحضارة أو مالكها. ويقول الكاتب في مقدمة كتابه لقد مر برج الحضارة بمراحل كثيرة، ساهمت بعض الأفكار في شموخه وارتفاعه، وتعرض إلى هزات هددت بهدمه، كما التقى بهندسات ناشزة جعلت بعض شرفاته نتوءات تشوه وجه الحضارة الإنسانية.. المرأة أساس بذرة الحضارة: يبدأ المؤلف كتابه بالعودة إلى الوراء كثيرا، حيث يرى أن الحياة البدائية كانت تعتمد على الصيد، والصيد يعتمد على التنقل، لمطاردة الطرائد، ومن هنا كان الإنسان غير مستقر وغير مستأنس، فهو يطارد الحيوانات ويطارد أبناء جنسه أيضا. ويرى أن الزراعة كانت أول مرحلة من مراحل التطور الحضاري للإنسان، ويرى أن المرأة لابد أنها كانت صاحبة فكرة الزراعة، فهي بحكم طبيعتها في حضانة الأبناء الصغار كان لا بد لها من البقاء والاكتفاء بما يصيده الرجل الذي يعود إليها وقد لا يعود، فهنا أصبحت المرأة تملك المكان والاستقرار.. ومن هنا بدأت الزراعة حيث إن الزراعة تعطي للمرأة الأمان الغذائي وهي بجانب أطفالها. الزراعة بداية الانقلاب الحضاري: يرى الكاتب أنه مع بداية الاكتشاف الزراعي فإن الإنسان انتقل إلى مرحلة متقدمة عندما تمكن من استخدام الثور في الحرث، وهنا تولى الرجل عملية الزراعة وأخذ هذه الحرفة من المرأة، لأن الزراعة أصبحت تحتاج إلى جهد وعضل، ومن هذه اللحظة المباركة انطلقت فكرة حضارية عمرت الأرض بالزراعة والأفكار الصناعية المتلاحقة بعد ذلك. وتطورت القرى المتباعدة والتي كان يسكنها النساء والأطفال في انتظار رحلات الصيد، وأصبحت مدنا يأتي إليها كل من يرغب في الحصول على منتج زراعي، فالزراعة لها مكان وزمان. وهذا الزمان كان انطلاقة للحسابات الفلكية والتي استعان بها الإنسان لمعرفة أموره الدنيوية من مواعيد الزراعة إلى مواعيد سقوط الأمطار وإلى معرفة موعد فيضان الأنهار، كل هذه العوامل ساعدته في وضع خريطة زمانية لتصرفات حياته. ويشير الكاتب إلى التقدم الرياضي في حساب الزمن لدى الفراعنة قبل خمس آلاف عام حيث إنهم استطاعوا حساب طول السنة بـ 365 يوما وربع اليوم، وهو حساب دقيق نتبعه إلى يومنا الحاضر. الأخلاق والفلسفة: بعد أن استقر الإنسان وتمكن من العيش بأمان بدأ يفكر في نفسه وخالقه وأخلاقه، ومن أين أتى والى أين يذهب، كثرت أسئلته، وهنا ظهرت الأفكار الفلسفية في اليونان التي اشتهرت بفلاسفتها الكبار الذين جعلوا محور فكرهم الإنسان ونشأته ومصيره، ولم تكن النتائج التي وصلوا إليها مقنعة، أو دقيقة، ولكنها كانت كافية لإشعال التفكير والفكر فيما هو خفي أو مجهول، ومن هنا بدأ الفكر السفسطائي الذي زاد في إشعال العقل وتحفيزه، ويقول الكاتب أنكر السوفسطائيون إمكانية معرفة الحقيقة، وهاجموا الفلسفة، وعارضوا المذاهب بعضها ببعض وشككوا الناس في العقل والحق .. فأمست المعرفة نسبية والأخلاق نسبية .. ومن نظرياتهم أن طريق المعرفة هو الإحساس الفردي.. هذه الأفكار لم ترق للفلاسفة، فكان هناك حوارات فكرية ساخنة بين هذين المذهبين، نتيجتها تقدم الفكر الإنساني في التفكير والأخلاق لمعرفة الإنسان ذاته. المساهمات العربية يواصل الكاتب تدرج الأفكار وانتقالها من مجتمع إلى مجتمع ومن حضارة إلى أخرى، وكأنها سباق التتابع حيث تأخذ كل أمة بزمام الفكر والحضارة وتنطلق به حتى تلتقطه أمة أخرى لديها ما تساهم به في دفع الحضارة إلى الأمام، ويتوقف الكاتب عند المساهمات العربية في الفكر الحضاري، ويقدم لنا عشرة من شخصيات الفكر الإسلامي البارزة هم: الرازي والفارابي والمعري وابن سينا وابن باجه وابن الطفيل وابن رشد وابن النفيس وابن خلدون والغزالي. ويتوسع المؤلف في ذكر أفكارهم ويقدم بعضا من أقوالهم، ونذكر مثالا لذلك ما ذكره المؤلف عن الإمام الغزالي، يقول المؤلف: يبدو أن الغزالي هو أول الفلاسفة العرب الذين اعتمدوا الشك المنهجي لبلوغ اليقين، وهو بذلك سبق ديكارت بأكثر من خمسمائة عام. وتنبه الغزالي إلى مخاطر المنطق ومزالق الضلال التي تنتاب الباحث كلما سعى إلى الحقيقة عن طريق العقل وحده..وبدلا من تركيز الغزالي على المعرفة بواسطة العقل، راح يركز على الإيمان، فاتخذ نور الإيمان الذي يقذفه الله في الصدر نقطة الانطلاق ومبدأ المعرفة .. ويواصل الكاتب شرح أفكار الغزالي وردوده على الفلاسفة والمتكلمين ليصل إلى نتيجة اقتنع بها كثير من المسلمين وهي أن العقل عاجز عن حل المعضلات الإلهية، وأن اليقين يكون بالإيمان الذي يرتكز على الكشف الباطني الذي هو مفتاح السعادة والمعرفة الحقة.. ويورد المؤلف بعضا من أقوال الغزالي: أيها الولد! النصيحة سهلة والمشكل قبولها، لأنها في مذاق متبعي الهوى مرة، إذ المناهي محبوبة في قلوبهم .. أيها الولد .. العلم بلا عمل جنون، والعمل بغير علم لا يكون .. ???