جدار أخير.. رؤية تقليدية لمشاكل مجمتع تقليدي!!

?? اسم الكتاب: جدار أخير اسم المؤلف: مي خالد ??اسم الناشر: مريث القاهرة 2001 ?? رواية اجتماعية مسلية، ليس فيها الجديد من الأفكار، تحاول الكاتبة أن تقدم الصور القديمة والمشاكل الاجتماعية بنصوص اكثر دقة أو ولمعانا، فهذه الكاتبة تستطيع أن تملك القارئ وتبلغه رؤيتها فيما يدور من مشاكل منزلية بسيطة، ولكن لها الأثر الكبير في تشكيل حياة الآخرين من قبل أب لا يبالي أو أم تعاني من زوج يتوق إلى الطلاق ويبحث عنه، ليس كرها لزوجته بل تمتعا في تعذيبها وإهانتها. لوحات الرواية هذه الرواية رواية سردية، وكأنها ذكريات فتاة منذ أن كانت صغيرة حتى انتهت إلى بيت الزوجية، وما قابلها في حياتها من أيام سعيدة وأيام شقية. تركز هذه الرواية على الوضع الاجتماعي في البيت المصري، وكيف أن كل طبقة من المجتمع تنفر من الطبقة التي تليها. هذا الأب يتزوج من امرأة فلاحة لأنها أعجبته بجمالها، ولكن طبائعها الفلاحية تلازمها، فعندما تنتقل إلى بيت الزوجية في القاهرة تحن لحياتها الفلاحية البسيطة، هذا الحنين جعل زوجها ينفر منها لأنه أدرك أنها ليست من ذات الطبقة التي يطلبها، أصبحت هذه الزوجة عبئا عليه، حتى إنه لا يتشرف بتقديمها إلى أخواته وإخوانه، وهم أيضا لم يكن يهمهم أمر معرفتها أو دعوتها أو حضورها لاجتماعاتهم، لأنها ليست من ذات الطبقة. هذه الطبقة الاجتماعية العالية أيضا لها مشاكلها، فهي لا تزال تنظر إلى أنها من علية القوم، ولكن قلة المال يجعلهم يتخفون خلف المظاهر الكذابة، وينمو الأبناء في بلبلة فكرية، فالواقع الذي يعيشونه ومحاولات التغطية التي يقومون بها للإبقاء وللمحافظة على الصورة البراقة عنهم تكلفهم الكثير من التذبذب النفسي والقلق والنشأة الخطأ. النظرة العلوية والواقع السفلي تتعرض الرواية بشيء من التركيز على أحوال البنات حيث إن الكاتبة امرأة، وهي تتكلم عن رغبة كل فتاة في الزواج، ولكن عندما يشترط الأب بأن يكون العريس أحد اثنين: إما أن يكون ضابطا في الجيش أو الشرطة أو طبيبا، فإن هذا يعني إغلاق باب الزواج أمام بناته الثلاث، فشروطه القاسية لنوعية الأزواج بسبب نظرته إلى نفسه وإلى أسرته العريقة والتي لا يمكن أن تزوج بناتها إلى كل من طرق الباب، حرم البنات من الحق الطبيعي لهن في الزواج. ولم يكن عند هؤلاء البنات أي فرصة للحصول على هذا النوع من العرسان، لا لعدم وجودهم، ولكن لأنهن أساسا من أسرة فقيرة مجهولة تتعلق بالماضي وذكريات الغنى التي بقيت لهم من جدهم الأكبر وعمومتهم. لذا فعندما يطرق ابن الجيران، والذي يعرفونه تمام المعرفة، يخطب إحدى بناتهم لا يوافقون على الزواج منه لأنه ليس من طبقتهم، على الرغم من أنه يحاول أن يكافح في هذه الدنيا وليكون أحد العاملين المنتجين، ولم يكن هذا كافيا لإقناع الأب والأم . ولم تفلح إحدى البنات أيضا بإقناع الوالدين، حتى بشيء من التضحية منها، في الموافقة على الزواج من رجل متزوج!! أي أن البنت هي التي تضحي ويرفض الوالدان رسالة للوالدين!! ترد في الرواية رسالة إلى الوالدين من إحدى البنات: الحبيب بابا، أمي العزيزة، أخي حسن من يوم ما رجعت من فرح شمس اتمنيت زي كل البنات تعملوا لي فرح كبير زي فرحها .. بجد كان نفسي أوي أفرحكم وأفرح .. وسيادتك يا بابا ما لقيتش ف كل اللي تقدمولي واحد ف مستوى عيلتك الكبيرة، وأنا كان نفسي أفرحكم وافرح .. أنا أتقدم لي واحد عيلته زي عيلتك بالضبط يا بابا بس ف وجه قبلي .. عاجبه شكلي وبيقول ان روحي صافية أنا ما تقدمليش عريس من ثلاث سنين والمشكلة أنا عارفة أنكم هترفضوا العريس ده اصله متزوج بنت عمه في الصعيد وكمان عنده أولاد .. بس هو مقتدر ووظيفته محترمة أوي، وعنده كمان شقة سامحوني بحبكوا أوي وكان نفسي أفرحكوا بس أنا كما نفسي أفرح.. انقلاب الحياة تتعرض القصة لوضع نفسي تتعرض له البنات عندما لا يتزوجن، إحدى الأخوات والتي كان لها اهتمامات أدبية، ولم تكن تترك كتب الأدب والشعر والقصص العالمي، وكانت تهتم وتعرف وتتابع أخبار الفكر والأدب، انقلبت إلى شيء آخر، فقد اقتنعت بأن هناك من سحرها وعمل أعماله السحرية ليمنع عنها الزواج، فانقلبت حياة هذه الفتاة من الاهتمام بالأدب الى الاهتمام بالجن والسحر والشعوذة. فالرسالة في الرواية واضحة أنه لم يكن هناك سحر ولا عمل مجهول، كانت أفكار الأب والأم هي العائق ولا غيرها، ولكن عندما تتلون الحقيقة بلون آخر، تظهر وكأنها حقيقة جديدة. النهاية المحتومة تنتهي القصة بزواج البنت الثالثة (الراوية) من ابن الجار، ولكن بعد سلسلة من المتاعب، وتنتقل هذه الزوجة إلى بيت هو غرفة واحدة، ولكن عرقها الأصلي القديم لا يزال ينبض، أصبحت تبحث عن عمل لكي تدهن جدران الغرفة الوحيدة باللون الأزرق المفضل عندها، وهذه الغرفة هي بيت الزوجية وعش السعادة كما تعيشه وتراه. وتبحث عن العمل المناسب ولا تجد إلا العمل الذي لا يتناسب مع طبقتهم العالية، فعملت في محل تجميل، وأصبحت تنظف الأقدام والأظافر والشعر، وتحولت من بنت البيه إلى زوجة السمكري، ورضيت بهذه المستوى طالما أنها لقيت الزوج المناسب والمكافح.