الثقافة الأمريكية الفرد هو أساس نجاح وتقدم المجتمع وليس العكس!!

??اسم الكتاب: الفردية قديما وحديثا اسم المؤلف: جون ديوي ?? ترجمة خيري حماد الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب طبعة أولى 2001م ?? المؤلف جون ديوي هو أحد رجال التربية والتعليم والفكر الفلسفي في أمريكا، وعاش الى منتصف القرن الماضي، حيث قدم العديد من النظريات التعليمية، والتي كانت موضع نقاش وفكر موسع، وهو من أنصار الحريات المدنية، وكان له عداء ونظرة خاصة نحو الفكر الشيوعي، وكان من أكثر المحاربين له فكرا. وفي هذا الكتاب يقدم لنا المؤلف أفكاره عن الفردية، وعن الحياة الاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية كنموذج، ويقدمه مقارنة بالمجتمعات الأخرى وخاصة المجتمعات الأوربية ذات الحضارة والفكر الإنساني القديم. الفردية والمجتمع: إن هذا الموضوع هو أحد المواضيع التي نالت اهتمام الكاتب، خاصة وأنه ظهر في زمن توسع نشاط الفكر الشيوعي الذي كان يحارب الفردية ويلغيها، أو يجعلها أمرا ثانويا لصالح المجتمع بكامله، بينما يرى الكاتب أن الفرد هو الأساس، والمجتمع عليه أن يخدم الفرد لتحقيق طموحاته وأحلامه، فليس من العدل إلغاء الفردية لصالح المجتمع، ويرى أن الأفراد الناجحين هم الذين يخدمون المجتمع عامة. يقول الكاتب في ص 23: إن علائم وسمات تجريد الروح الإنسانية من عنصر الشخصية هي تكريس لأخذ الحياة بالمقياس الكمي وما يتبع ذلك من امتهان النوعية، ثم جعل الحياة آلية الكيان وفي هذا المجال تكون الفروق والمميزات الفارقة موضع التجاهل، بينما يصبح التوافق والتماثل المثل الأعلى المنشود. وفي هذا لا يزول التميز الاجتماعي فحسب، إنما يغيب كذلك التميز الثقافي، ومن جراء ذلك يزول التفكير الانتقادي فلا يحس به بسبب انعدامه. الفردية غريزة: إن الطبيعة البشرية هي أفضل مغذ وأكبر مدافع عن الفردية، فكل إنسان خلق مختلفا عن الآخر، وكل إنسان لا يجد التطابق بينه وبين الآخرين إلا بالقليل من الأمور، وما عداها فإنه منفرد بنفسه، وقد يجتمع اثنان في حب المال، ولكن لكل منهما أيضا طريقته المختلفة عن الآخر في حب المال وجمعه. ويقول الكاتب: تعود متانة الفردية إلى أنها أسلوب متميز في الحساسية والانتخاب والاختيار والاستجابة والانتفاع من الأوضاع. ويستحيل لهذا السبب وحده لا لغيره تطوير الفردية المتكاملة عن طريق أي نظام أو برنامج شامل، فليس في وسع أي فرد ان يصمم نيابة عن الآخر .. وتكون الفردية في بداية الأمر عفوية وغير مصقولة، إنها طاقة وقدرة على التطور. ومع ذلك فإنها أسلوب فريد للفعل في ومع عالم من الأشياء والأشخاص. إنها ليست شيئا كاملا في ذاته. ولما كانت الفردية طريقة بارزة للإحساس بصدمات العالم، ولإظهار ميول إيثارية في التجارب مع هذه الصدمات، فإنها تتطور، في الشكل والمظهر، عن طريق تفاعل مع الأوضاع الفعلية. .. ص 144 النموذج الأمريكي: يحاول الكاتب في هذا الكتاب أن يرد على الاتهامات التي تواجه الفكر الفردي، وخاصة الفكر الأمريكي، الذي يعطي الفرد المكانة العليا فوق المجتمع، وهو يقول إن هذه الأفكار قد يبدو منها أن النظام الأمريكي يرمز ببساطة إلى انطلاق الغرائز الحيوانية لدى الإنسان من عقالها، وأن الحياة الأمريكية لا تهتم بالإنسان كإنسان بل بالفرد فقط وما يمكن أن يملكه وما يمكن أن يعمله. وهو يرى أن الإنسان بطبيعته إنسان، فهو يتشبع من إشباع غرائزه، ويضرب مثلا لذلك الإنسان الجائع فإنه سيلتهم الأكل، ولكن عندما يتمتع بالشبع فإنه لن ينظر إلى الأكل نفس النظرة الأولى، لذا فإن السماح للفرد بأن يكون فردا منطلقا سيعيده إلى طبيعته، وإن كبت الغرائز كما تفعل أوروبا في أنظمتها لا تعني القضاء على الغرائز ولا حلا لمشكلتها. الفردية الضائعة: على الرغم من أن الكاتب توفي منذ أكثر من خمسين عاما، ولم يدرك التقدم الهائل في وسائل الاتصال والمعلومات والنقل، إلا أنه أشار إلى هذه الوسائل وتنبأ بأنها ستكون أحد العوامل التي تسعى لمحاربة الفردية، وهو يرى أن الأوضاع الاقتصادية والانفتاح الصناعي والتجاري والإعلامي حد كثيرا من فكر الفلسفة الفردية، بل إنها تمثل الغزو الفعلي لهذه الأفكار الإنسانية التي أصبحت لا تعني الكثير، ويقول الكاتب إننا نحيا معرضين لأعظم طوفان من الإيحاء الجماعي عاناه أي شعب، فالحاجة إلى عمل موحد والحاجة المزعومة إلى رأي متكتل وشعور مترابط متحد، إنما هي حاجات تعالجها الدعاية الفكرية والإعلانية المنظمة. ولعل الداعية العامل في الحقل الإعلاني هو أهم رمز لحياتنا الاجتماعية الراهنة إنه يمكن لوقت ما اصطناع العواطف والمشاعر بوسائل جماعية لمصلحة أي شخص أو أية قضية. ص 38. ???