الملح السلعة الاستراتيجية التي فقدت البريق السياسي!!

&# 1645;اسم الكتاب: الملح Salt by mark Kurlansky الناشر : كيب طبعة &# 1634;&# 1632;&# 1632;&# 1634;م &# 1645;&# 1645; الملح، هذه المادة العجيبة التي تعطي الطعام حياة وطعما خاصا، ولا يخلو مسكن أو طعام منها، وهذه المادة متوفرة، لا نجد صعوبة في الحصول عليها أو تأمينها، والمكونة من عنصرين نادرين في الطبيعة، هما (عنصر الكلور وعنصر الصوديوم)، وقلما يخلو طعام من وجودها سواء كان الطعام من صنع الطبيعة أو صنع الإنسان. إن مادة الملح التي يحذرنا الطب من الإكثار منها، وفي الوقت نفسه لا غنى عنها صحيا، وتهاجر الحيوانات من مكان لآخر بحثا عن لعقة منها، لها تاريخ مجيد وغريب، وإن انتهى هذا المجد إلى رشها في الشوارع لتزيل الثلج والجليد المتجمد عليها. كتاب الملح يقدمه لنا المؤلف (مارك كيرلنسكي) بصورة مشوقة، وبنظرة علمية وتاريخية وفلسفية أيضا عن الملح كجزء من تاريخ البشرية، وكأحد عوامل الحضارة والحروب والصناعة، وهذا الكتاب لاقى قبولا وإقبالا شديدا من القراء والنقاد، منذ أن نشر في شهر يناير عام &# 1634;&# 1632;&# 1632;&# 1634;م لأنه قدم الجديد، ولما يحويه من أفكار وتاريخ واستعمالات للملح، لم تخطر على بال أحد. الملح والتاريخ هذه المادة التي لا نعيرها الكثير من الاهتمام كانت أحد عوامل تشكيل الحضارة الإنسانية، بل إنها كانت مادة مقدسة عند الإغريق، وقامت بسببها الحروب، ونشأت حضارات وسادت أمم واغتنت بوجود الملح والتجارة فيه. والكاتب يذكر ان أحد أسباب الثورة الأمريكية على بريطانيا هو عدم توفر الملح واحتكار بريطانيا تجارته، ويذكر أيضا أن سبب هزيمة ولايات الجنوب في الحرب الأهلية الأمريكية هو تمكن ولايات الشمال تدمير مصانع الملح، واستيلاء قوات الشمال على مصادر وتجارة الملح الجنوبية. يبدأ كتابه عن بداية تاريخ ارتباط أحداث البشر بالملح منذ عهد قديم، ويقول إن كتب الصين تقول إن أول من استخدم الملح واستفاد منه صناعيا كانت الأمة الصينية، ففي رسالة كتبت قبل الميلاد بخمسمائة سنة أشير فيها إلى إنتاج الملح والتجارة به، وظهرت فكرة تجفيف السمك وحفظه بظهور الملح وانتشاره صناعيا، وكان الملح مادة نادرة ولم يكن يرش على الطعام لغلاء ثمنه بل كان يضاف لكيلا تضيع منه أي ذرة ملح. ويرجع الفضل للملح في تطور صناعة الطعام وحفظه، ومن هنا تمكن الإنسان من السفر والتنقل بدون خوف من الجوع، لأنه يحمل طعاما لا يفسد. وهذه الإمكانية الصناعية كانت تطورا كبيرا في دفع الحضارة الإنسانية خطوة كبيرة إلى الأمام حيث تقابلت الحضارات المختلفة واندمجت وتلاحمت. آلاف الاستخدامات يذكر المؤلف أن للملح استخدامات عديدة، ويقول إنها تصل إلى أربعة عشر ألفا من الاستخدامات قديما وحديثا، فكان يستخدم كتعويذة لطرد الشياطين، ومهرا للعروس وفداء للأسرى، واستخدمه المصريون القدامى في تحنيط الموتى، كما أنه استخدم كعملة ثمينة، ومن الكلمة اللاتينية (سال Sal الملح) ظهرت كلمة راتب أو معاش(salary) لأن جزءا من الرواتب الشهرية كان يدفع ملحا وذهبا، وظهرت كلمة جندي، معناها رجل الملح، وكلمة سلطة تعني الخضار المملحة. واستخدامات الملح عديدة لا يمكن حصرها، وهو من المواد الصناعية التي تدخل في الكثير من الصناعات الطبية والصحية. وصناعة حفظ اللحوم والأسماك تعتمد على الملح، وكذلك صناعة المأكولات الجاهزة والمحفوظة، وبالرجوع إلى قائمة المحتويات لكل الأطعمة المحفوظة نجد أن الملح المادة المشتركة في هذه المأكولات، ونسبة من الملح تزيد أو تنقص ولكنها وضعت للضرورة الصناعية. سلعة استراتيجية لفترة طويلة في القرون الوسطى كان الملح يقوم مقام النفط في هذا الزمن، فقد كان سلعة استراتيجية، ومن يملكها يستطيع التأثير في مجريات الأحداث العالمية. ففي القرن الثالث عشر تمكنت مدينة البندقية من احتكار تجارة الملح في البحر الأبيض المتوسط، وحددت الأسعار، ودمرت مناجم الملح في جزيرة كريت الإيطالية لتقضي على المنافسة لها. ومن هذه التجارة والاحتكار بنت البندقية مجدها التاريخي، وقصورها وقنواتها التي لا تزال تفخر بها ويزورها آلاف السياح سنويا. وتمكنت مدينة هابسبيرغ الألمانية من أن تمتلك القوة السياسية لوجود مناجم الملح في أراضيها مع وجود وفرة الأسماك الصالحة للتجفيف، وبذلك أصبحت أكبر سوبر ماركت أوربي في القرون الوسطى، حيث إنها تملك أهم عناصر صناعة الأغذية المحفوظة آنذاك وهو الملح والسمك. ولم تسمح بريطانيا أثناء حكمها للهند بإنتاج أو استخدام الملح المحلي، بل جعلت الهنود يعتمدون على الملح المستورد من بريطانيا من مناجم شيشاير البريطانية عن طريق استيرادها من موانئ وتجار الملح في ليفر بول، ووضعت الأسلاك الشائكة والتي امتدت الى ما يزيد عن &# 1636;&# 1632;&# 1632;&# 1632; كم، حول المدن الهندية المشهورة بإنتاج الملح لتمنع تهريب الملح المحلي إلى المدن الهندية. ضرائب الملح وحروبه تنتشر على صفحات هذا الكتاب الذي تصل صفحاته إلى &# 1637;&# 1632;&# 1632; صفحة، أحداث جسيمة وقصص نادرة عن حروب ووقائع كانت كلها بسبب الملح والتجارة فيه، ومحاولة الجميع الحصول على مناجمه، أو الحصول على ضرائب للسماح للملح بالمرور عبر المدن والبلدان إلى الآخرين، فكان الملح وسيلة لجمع الضرائب للحكومات وللمدن، فالحاجة الشديدة للملح تبرر دفع وجمع الضرائب عليه، وتدفع إلى البحث عن مناجم واستثمارات في البحث عن مزيد من الملح، وكان تجار الملح في الصحراء العربية والذين كانوا يحصلون على الملح من مناجم صحراوية مخفية، لا يسمحون لأحد بمعرفة مكان المناجم، وكانوا ينقلون الملح إلى مكان يتقابلون فيه مع التجار لشراء الملح بعيدا عن المناجم يبيعون الملح بوزنه ذهبا وفضة. الملح فقد البريق ولم يفقد الطعم لا يزال الملح إدام طعام الفقراء، فالمؤلف يقدم بعض الوجبات من أنحاء العالم، والتي تعتمد على وجود الملح فيها ليكون هو المادة المطعمة للأكل، مثل وجبة الزر والملح مع الفلفل الحار تعتبر وجبة رئيسية محببة للكثير من سكان فيتنام الفقراء. بتطور الصناعات أصبح الملح مادة متوفرة جدا، ولم تعد من السلع الاستراتيجية على الرغم من قيمتها الصناعية والغذائية، إلا أن الملح الذي كان لا يسمح برشه على الطعام خشية تناثر بعض ذراته الألماسية بقيمتها المالية والغذائية خارج نطاق الأكل، أصبح تردم به الشوارع ليزيل الثلج ويذيبه، فالولايات المتحدة الأمريكية والتي تصنع &# 1636;&# 1632; مليون متر مكعب من الملح سنويا تنثره أكثره على الشوارع في مواسم سقوط الثلج. وأصبح بعض مناجم الملح القديمة غير التجارية موضعا لرمي النفايات. &# 1645;&# 1645;&# 1645;