المشي في الطين سياحة تقدمها هولندا فقط

من المعروف أن هولندا تسمى الأراضي المنخفضة، وقد تمكنت من ردم مساحات هائلة من البحر وأضافت إلى أراضيها عشرات الكيلومترات المربعة وحولتها إلى منتجعات ساحرة أو أراضي زراعية، تنتج منها أنواعا من الزهور يجدها السائح في كل أنحاء العالم، وعلى موائد المطاعم الشهيرة، ومداخل الفنادق الكبيرة المميزة، ترحب بالزائرين. واما المناطق المنخفضة والتي لم يتم ردمها فهي تستخدم لغرض سياحي فريد في نوعه، ولا يوجد إلا في هذا البلد الذي تمكن من استغلال كل شبر من أراضيه في الزرع، والذي لم يستغل في الزراعة استغله في السياحة. الجزر والمد: إن الذي يجعل هذه الرياضة السياحية (المشي في الطين) جزءا من الأنشطة التي يشترك فيها السياح مع أهل البلد بكثرة، هو تميز شواطئ هولندا بالجزر والمد البحري على نحو خاص، فإن مياه الشاطئ ضحلة جدا، وفي حالة الجزر تكون هناك عشرات من الكيلومترات بين العديد من الجزر الهولندية لا يزيد ارتفاع الماء فيها عن نصف متر أو إلى منتصف الساق، فيقدم السواح على التنقل بين الجزر مشيا في البحر، الذي يسمح لهم بالمرور خلال ثماني ساعات فقط، بعدها يعود ليمنع المشي حيث يرتفع منسوب الماء إلى ما يزيد عن مترين، وبالتالي على السائح أن ينتظر إلى يوم غد أو أن يركب القوارب السياحية العديدة التي تشتهر بها هولندا لهذا الغرض بالذات، حيث يعود السياح إلى فنادقهم بعد عبور بحري يبقى في الذاكرة، حيث يجد السائح نفسه وقد مشى في البحر، مسافة عدة كيلو مترات. تحذير للكبار: إن عبور البحر مشيا يحتاج إلى قوة واحتمال، فإن المشي مع مقاومة الماء إضافة إلى وجود الطين البحري الذي يمسك القدم، يجعل من هذا العبور تحديا يقبل عليه المغامرون أو الشباب فقط، حيث إن الأنظمة لا تسمح للصغار دون سن الثانية عشرة بالعبور، كما أن الأنظمة تحذر كبار السن من هذه المغامرة، لأن الإنسان إذا تعب فإنه لا يجد ما يلجأ إليه ليرتاح، فالمغامرة تتطلب المواصلة والمشي حتى وصول الهدف، وهو غالبا إحدى الجزر القريبة والتي قد تبعد خمسة كيلومترات، وبعضها اكثر من عشرين كيلو مترا، كما أنه من الصعب إرسال نجدة إنقاذ بسبب ضحالة الماء، مما يعيق قوارب النجاة من الوصول إلى أهدافها. لذا فإن عبور البحر يحتاج إلى مراحل للتدرب عليه، هناك مناطق سهلة جدا، ومسافاتها قصيرة يذهب إليها السياح في أول الأمر ليقوموا بتجربة ناجحة، وليعرفوا ويستمتعوا بهذه المغامرة التي يقدم ويشارك فيها عشرات الآلاف سنويا، ومئات الأشخاص يوميا حين يسمح الجو بذلك. ويجد السائح تنوعا في مدى الصعوبة، والمغامرون منهم ينتقلون إلى مراحل أصعب حيث يكون الطين أكثر لزوجة، أو أن الماء يصل إلى الركب، أو ان المسافات بعيدة بين منطقة البداية والوصول. وتقسم الصعوبة إلى أربع درجات، فالأولى يقدم عليها الجميع، حيث إن المسافة قصيرة والجزر منخفض جدا، وأما المستوى الرابع فإن هناك شروطا للقيام بها، ولا بد من تواجد دليل سياحي للقيام بها وليشرف على الرحلة، رحلة العبور جميعها، لأنها تمثل خطرا على البعض، كما أنها تحتاج إلى دليل ليعرف الطريق الصحيح والسليم. مكافأ ة الوصول: إن هذه الرحلة المتعبة والتي يقوم بها مئات من السياح ليس لها جوائز أو مكافآت للفوز، ولكنها متعة نفسية، ورياضة سياحية يقوم بها الزائر إلى هولندا، ومكافأته التي تنتظره في هذه الجزر هي المنتجعات الجميلة التي تنتظر وصوله ليقضي فيها ساعات جميلة، إذا لم تكن أياما طويلة، ففي استقباله المطاعم الفخمة والاستراحات الشيقة التي يشعر أن الوصول إليها والتمتع بما فيها هي أفضل جائزة يحصل عليها، ويشعر أن تعبه لم يضع سدى، فالمتعة ليس لها حدود في هذه الأماكن التي تعمل على استقبالهم بطعام فاخر، وتدفئة وحمامات تعيد لهم النشاط والحيوية. الاستعدادات المطلوبة: تقضي التعليمات بأن يحمل كل شخص من العابرين زجاجة ماء وطعاما يناسبه، وذلك لأن العبور نزهة برية يحتاج فيها العابر إلى بعض المسليات، وبعض الطاقة، فإن قطعة من الحلوى أو شطائر مغذية ومشبعة تكون هي المفضلة لمثل هذه الرحلات، التي تمتد ساعات من المشي المتواصل بدون توقف أو جلوس للاستراحة. كما تقضي التعليمات بلبس نوع من الأحذية الطويلة التي تساعد على تجاوز صعوبة ولزوجة الطين، وتساعد السائح على المشي في الطين بسهولة أكثر مما كان يفعله بأحذية أخرى. وتتطلب التعليمات أن يكون العبور بالشورتات لأن البنطلونات المبتلة تعيق المشي ويتعثر بها السائح، وفي الوقت نفسه فإن التعليمات تتطلب حمل قميص وبنطلون جاف مغلف ضد البلل، ليلبسه السائح في عودته في القوارب، أو ليلبسها حال وصوله إلى البر ويستبدلها بالشورتات المبتلة، ولأن التيارات البحرية في منطقة الشمال تهب دائما فإنه من المفضل أن يلبس العابر معطفا ليقيه تيارات الهواء الباردة، والتي نادرا ما تهدأ، ولأن صحة السائح وحمايته تتطلب ذلك. &# 1645;&# 1645;&# 1645;