بين الحب والوفاء!!

ورد في كتاب مصارع العشاق قصة مؤثرة يظهر فيها بشكل جلي وفاء الزوجة لزوجها رغم طول الغياب والبعاد، وها نحن نقدمها للقارئ الكريم عسى أن يجد فيها بعض المتعة والفائدة: خرج أبو دهبل الجمحي يريد الغزو. وكان رجلا جميلا صالحا. فلما جاء جيرون جاءته امرأة فأعطته كتابا، فقالت له: اقرأ لي هذا. فقرأه لها. فذهبت، فدخلت قصرا، ثم خرجت إليه، وقالت له: لو بلغت معي هذا القصر، فقرأت الكتاب على امرأة فيه، كان لك أجران إن شاء الله، فبلغ معها القصر فإذا امرأة جميلة قد أتته فدعته إلى نفسها فأبى، فأمرت به فحبس في بيت من القصر، وأطعم وأسقى قليلا قليلا حتى ضعف وكاد يموت، ثم دعته إلى نفسها فقال: أما في الحرام فلا يكون ذلك أبدا، ولكن أتزوجك. قالت: نعم. فتزوجها وأمرت به فأحسن إليه، حتى رجعت نفسه إليه، فأقام معها زمنا طويلا، ولم تدعه يخرج من القصر حتى يئس منه أهله وولده، وزوج أولاده وبناته واقتسموا ميراثه، وأقامت زوجته تبكي ولم تقاسمهم ماله، ولا أخذت من ميراثه شيئا، وجاءها الخطاب فأبت، وأقامت على الحزن والبكاء عليه، فقال أبو دهبل لامرأته يوما: إنك قد أثمت في وفي ولدي، فأذني لي أن أخرج إليهم وأرجع إليك، فأخذت عليه أيمانا ألا يقيم سنة حتى يعود إليها، وأعطته مالا كثيرا. فخرج من عندها بذلك المال، حتى قدم إلى أهله فرأى زوجته، وما صارت إليه من الحزن، ونظر إلى ولده ممن اقتسم ماله وجاءوه، فقال: ما بيني وبينكم، أنتم ورثتموني وأنا حي فهو حظكم، والله لا يشرك زوجتي أحد فيما قدمت به. وقال لزوجته: شأنك بهذا المال كله، فهو لك، ولست أجهل ما كان من وفائك وأقام معها، وقال في الشامية: صاح، حيا الإله حيا ودودا عند أصل القناة من جيرون فبتلك اغتربت بالشام حتى ظن أهلي، مرجمات الظنون وهي زهراء مثل لؤلؤة الغواص ميزت من لؤلؤ مكنون فلماء أراد الخروج إليها، فاجأه موتها فأقام