حيلة لجذب السياح .. العالم يتحدث عن معجزة لم تتحقق!!

توالت النشرات الخاصة في الصحف العربية والعالمية، وكذلك أخبار وكالات الأنباء عن المعجزة الغريبة، عن ائتلاف الحيوانات التي حدثت في إحدى المحميات الحيوانية في كينيا، وتحولت أحاديث المجتمع في كينيا من المواضيع السياسية حول نية رئيس الجمهورية اعتزال السياسة، ورغبته في عدم تجديد ترشيحه للانتخابات الرئاسية في كينا، والتي كانت طاغية على الأخبار، إلى موضوع ظاهرة حيوانية عجيبة حدثت في المحميات الطبيعية في شمال كينيا، حيث تقول الأخبار المؤكدة والموثقة، إن هناك لبوة ربت واحتضنت اثنين من الغزلان الصغار، وترعاهما كالأم، وحدث هذا مرتين خلال شهر واحد. وهذه الرواية حقيقية وحدثت فعلا، إلا ان تفسيراتها اختلفت من جهة علمية إلى جهة إنسانية إلى جهة سيكولوجية، فكل يدلي بتفسيراته لهذا الظاهرة الغريبة. الواقعة كما حدثت شوهدت غزالة صغيرة جدا تلاحق لبوة وتتعقبها كأم لها، وبقيت هذه الغزالة الصغيرة تتابع هذه اللبوة لمدة أسبوعين، ولكن أسدا من الأسود رأى فيها رأيا آخر، فالتهمها وقضى عليها. وشوهدت بعد ذلك غزالة أخرى مع هذه اللبوة ذاتها، وهنا تدخلت إدارة المحمية والتقطت الغزالة الصغيرة وتولت العناية بها واحتضانها في مأوى الحيوانات الضالة، خوفا من عودة ذلك الأسد إلى افتراس هذه الصغيرة أيضا. التفسيرات منوعة تناقل البسطاء من عامة الشعب الكيني هذا الخبر على أنه علامة من علامات الرب ورضاه، فها هو الذئب والحمل يرعيان معا، وهذا لا يحدث إلا كإشارة ورسالة سماوية، ولا يتم هذا إلا في حالة الأمن والاطمئنان وتمام الرضا السماوي عن أهل الأرض، فاستبشروا بذلك ورأوا أن الجنة موعدهم بهذه العلامة السماوية، التي لا تحدث إلا بموجب قانون سماوي يلغي القوانين الطبيعية، والغرائز الحيوانية التي تتحكم في الحيوانات. التفسيرات العلمية اختلفت التفسيرات حول هذه الظاهرة، فبعض علماء الحيوان يقولون إن اللبوة تصادقت مع هذه الصغيرة لأنها لم تثر فيها غريزة الصيد والملاحقة، فاللبوة تبحث عن الطعام وتحصله بغريزة ملاحقة الطريدة، لذا فإنها تطارد الغزلان لأن الغزلان تهرب منها، وهنا يكمن السر في قبولها لهذه الحيوان الذي لم يهرب، وبالتالي لم يثر في اللبوة شهية الصيد والمطاردة. وهناك رأي آخر يرى أن من الممكن أن تكون هذه اللبوة قد تعرضت لضربة أو ارتجاج في الدماغ، مما أدى إلى عطب فيه واختلال في التصرف الغريزي عند الحيوان. وكانوا يطلبون مزيدا من المعلومات عن هذه اللبوة، والظروف التي صاحبت نشأة هذه العلاقة بين الضدين المتنافرين. التفسير الفعلي بعد متابعة أحداث هذه القصة من مجموعة من المحققين والباحثين وعلماء الحيوان، توصلوا إلى أن الغزالة الأولى قد تكون تبعت هذه اللبوة بحكم غريزة القطيع، فهذه الغزلان تعيش في قطعان يصل تعدادها إلى أكثر من &# 1638;&# 1632; غزالا يتبع بعضها بعضا، وعندما فقدت هذه الغزالة قطيعها لصغرها، فإنها تبعت الحيوان القريب منها، وكان بالصدفة تلك اللبوة التي لم تر في هذه الغزالة أي إثارة لها للأكل أو المطاردة، وبقيت هذه الغزالة ولكنها لم تكن في حماية هذه اللبوة، ولم تتخذها اللبوة ابنة لها وترضعها، بدليل أنها كانت ضعيفة ومتهالكة، كما يذكر الشهود والمتابعون لهذه الظاهرة. السر في الثانية !! ولكن الغزالة الثانية تفضح أمرا آخر، فهي تقول إن مجموعة من المكاتب السياحية، رأت فيما يتحدث عنه الناس عن الغزالة الأولى إقبالا سياحيا كبيرا غير معروف، بل إن وفودا إعلامية ومحققين صحفيين وعلماء ودارسين بدأوا يتهافتون للقدوم لدراسة ومشاهدة هذه الظاهرة، خاصة مع ما صاحبها من الاندهاش والمبالغة في وصف الحادثة، وكيف أن اللبوة ترضع هذه الصغيرة، وتدافع عنها، وأنها لم تحمل من قبل، ومنهم من يعلن أن هذه اللبوة خلفت ولكن لم يعيش لها أشبال، وتتوالى القصص والأكاذيب والمبالغات التي تصاحب مثل هذه الظواهر والأحداث. وكانت المكاتب السياحية تعاني من ركود شامل في حركة السياحة العالمية، منذ أحداث سبتمبر&# 1634;&# 1632;&# 1632;&# 1633;م التي عطلت السياحة العالمية، وكانت أفريقيا المتضرر الأكبر من إحجام السياح عنها، لذا فإن هذا الخبر أعاد الاهتمام والحياة للسياحة في كينيا، التي أصبحت تستقبل عشرات السياح، من الخارج ومن الداخل أيضا، وبدأت الحجوزات تتوالى وتتكاثر للحضور إلى كينيا، ولكن الفرحة لم تستمر كثيرا بعد أن قضى الأسد على تلك الغزالة الصغيرة. الحل السياحي لم ترض المكاتب السياحية بقبول الحال والعودة إلى الانكماش السياحي المخيف، خاصة بعد اكتشاف ذلك الكنز الكبير الذي كشفته تلك الغزالة الضالة، لذا فقد كانت الفكرة هي كتابة فصل آخر، سيكون أكثر إثارة وأهمية، ويعطي لهذه الظاهرة دفعة إعلامية وسياحية كبيرة جدا، لذا فقد دبر الأمر بوضع غزالة أخرى والإعلان عنها، وأن اللبوة الحنون لم تستطع البقاء بدون تلك الغزالة فتبنت غزالة أخرى، وهكذا بدأ الخبر، وتوالت الإشاعات تنتشر لتقول اللبوة تتبنى غزالة أخرى.. اللي ما يصدق يجي يشوف بعينه .. &# 1645;&# 1645;&# 1645;