زكريا تامر: تأثيرات من كليلة ودمنة

يعتبر القاص السوري زكريا تامر أحد أهم كتاب القصة القصيرة في العالم العربي، من خلال إثرائه المكتبة العربية بنتاجات وإبداعات قصصية أهلته للفوز بجائزة سلطان العويس الثقافية، عن فئة القصة والرواية المسرحية لهذا العام 2002 مناصفة مع الكاتب المصري محمد البساطي. وتمتاز كتابات زكريا تامر بأسلوب سلس ولغة عربية سليمة وسهلة، وهو غالبا ما يعتمد في معظم قصصه على الرمزية، باستعماله قصصا وحوادث مستلهمة من التراث العربي القديم والحديث، لنقد المجتمع العصري وتجـاوزاته السياسيـة والاجتماعية والأخلاقية، وهو يذكرنا بذلك بكليلة ودمنه، حيث الحيوانات تعبر بألسنتها عما يتحاشى البشر عن وصفه والتعبير عنه. ولد زكريا تامر في دمشق عام 1931، وتلقى تعليمه الأولي فيها قبل أن يترك المدرسة وهو في الثالثة عشرة من عمره، ليمارس مهنا عديدة ويستقر على مهنة حداد حتى عام 1960م. مارس الصحافة، وعمل رئيسا لتحرير مجلة المعرفة، و عمل في مديرية التأليف والترجمة في وزارة الثقافة بدمشق، ورئيسا لتحرير مجلة الموقف الأدبي، ورئيسا لتحرير مجلة أسامة للأطفال، ونائبا لرئيس اتحاد الكتاب العرب. كانت أعمال زكريا تامر هي البداية الحقيقية للصوت الجديد، وللرؤى الجديدة التي أطلت على أفق الأقصوصة العربية معه، ثم اتسعت رقعتها على أيدي جيل الستينيات في مصر والعراق من بعده. لكن زكريا تامر لم يستنم إلى دعة إنجازاته الأولى تلك، وهي إنجازات رائدة بأي معيار من المعايير، ولكنه آثر مواصلة اكتشاف الأصقاع المجهولة، وارتياد المناطق البكر والمحرمة. وزكريا قصاص يعكف على قصصه بروح صائغ ينكب على جواهره ويجلوها بدأب وأناة. لذلك لم يصدر حتى الآن غير ثماني مجموعات قصصية عبر أربعين عاما من الإبداع المتواصل: هي (صهيل الجواد الأبيض) 1960، و(ربيع في الرماد) 1963، و(الرعد) 1970، و(دمشق الحرائق) 1973، و(النمور في اليوم العاشر) 1977، و(نداء نوح) 1994، و(سنضحك) 1998، و(الحصرم) 2000.