جنوب أفريقيا الحلقة المفقودة بين العالم الأول والثالث!!

??اسم الكتاب: جواز سفر جنوب أفريقيا ??اسم المؤلف: تشارلز ميتشل ترجمة شويكار زكي الناشر: مجموعة النيل العربية ??جنوب أفريقيا اسمها يدل على موقعها، فهي تقع في الطرف الجنوبي لقارة أفريقيا، وتقع أيضا في الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية، لذا فإنها تكون في فصل الصيف عندما تكون أوروبا ودول شمال الكرة الأرضية في فصل الشتاء. وهي وإن كانت أفريقية الموقع إلا أنها كانت تنتمي الى أوربا في الثقافة والقوانين والحياة الاجتماعية والاقتصادية، ولم تنفصل عن الرابط الحضاري إلا مؤخرا، في عام 1992م حيث انتصرت فيها ثورة السود على الأنظمة العنصرية التي كانت سائدة في هذا البلد، في ظل حكومته البيضاء التي تدير شئون البلاد وتمتلك أكبر مناجمه وثرواته الزراعية والصناعية. جغرافيا كريمة: ودولة جنوب أفريقيا كبيرة في المساحة، ومتنوعة التضاريس الطبيعية، ففيها الغابات وفيها الصحاري، وفيها الأرض المنبسطة وفيها الجبال والأنهار، وفيها موارد طبيعية ثمينة وبوفرة، فهي أكبر منتج للذهب في العالم، كما أنها أكبر منتج للألماس، لذا فإنها عاصمة المجوهرات في العالم. ويسكن هذه الأرض عدة قبائل أفريقية، منها قبائل الزولو المشهورة، والتي تسكن في الطرف الشرقي من هذه الدولة، ولهم لغتهم الخاصة، وهناك أحد عشر لغة دارجة في جنوب أفريقيا، حيث إن لكل قبيلة لغتها التي تتحدث بها، ولكن هناك لغتين دارجتين، هما اللغة الإنجليزية، ولغة قريبة جدا من اللغة الإنجليزية، ولكنها تختلف عنها في كثير من مفرداتها، وتسمى هذه اللغة أفريكانا. وهذه الدولة هي خليط من العالم الأول والثاني والثالث، ففيها المتناقضات والمتضادات، ففيها الصناعة المتقدمة والمتطورة، وفيها المستشفيات ودور البحث العلمي المتطور والعصري، ، إلا ان فيها الفقر الشديد، وفيها التعليم المميز إلا ان الجهل منتشر بشكل مثير للانتباه. وهي تقدم 25? من الناتج القومي لقارة أفريقيا بأجمعها، وتقدم أيضا 40? من صناعة أفريقيا، وتقدم أيضا 45? من إنتاج أفريقيا من المعادن، وتقاسم أفريقيا جميعها بتوليد الكهرباء، فهي تقدم نصف ما تقدم القارة السوداء. انعزال عن العالم: لم تكن دولة جنوب أفريقيا من الدول ذات النشاط السياسي العالمي، فكانت تفضل الانعزال الذاتي، فلم تكن تشارك العالم همومه، بل إن البيض والسود لم يكن يهمهم ما يجري في العالم، إلا مؤخرا، بل إن التلفزيون الذي كان منتشرا في أكثر دول العالم، لم يكن موجودا في دولة جنوب أفريقيا، والتي لديها المقدرة التقنية والمالية لقيام محطات تلفزيونية، ولم يتم استخدامه في هذا البلد إلا في عام 1976م، وذلك تخوفا من التلوث الثقافي، ولعدم وجود الحاجة إلى أي احتكاك في العالم الخارجي. وقد تغير الوضع تماما في السنوات العشر الماضية، وأصبحت دولة جنوب أفريقيا إحدى الدول الناشطة في مجال الحرية، والدفاع عن حقوق الدول الفقيرة والمستضعفة. نفسية طيبة، على الرغم من عذابها: عانى الإنسان الأسود في بلده من تفرقة عنصرية مؤلمة، فكان محرما عليه الكثير من المتع الحياتية، بل إن التعليم كان موقوفا على الإنسان الأبيض، ولا يسمح للطفل الأسود بدخول المدارس البيضاء، ولم يكن لهم حق امتلاك المنازل أو السكن مع البيض أو مشاهدة الأفلام السينمائية معهم، أما الانتماء الى أحد الأندية فكان محرما عليهم، فلم يكن هناك عضو أسود في أي ناد أدبي أو ترفيهي. بل إن السيارات الجميلة والموديلات الحديثة وقف على البيض، ولا يسمح للسود بمشاركتهم في التمتع بها. ورغم هذه التفرقة غير الإنسانية، فإن المقاومة كانت مقاومة سياسية واقتصادية، ولم يكن هناك عنف يذكر في مقاومة هذه التفرقة من الإنسان الأسود. ولا يزال السود في حاجة إلى خبرة الرجل الأبيض، فإن مشاركتهم التعليمية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، لا تزال قائمة على تفوق الإنسان الأبيض، لأن الآخر كان محروما منها، والتعاون بين الاثنين قائم بشكل حسن، وستخرج الأجيال القادمة بقبول كل طرف للآخر، وبتعاون تام وكامل. قبائل أفريقية: تضم دولة جنوب أفريقيا عددا من القبائل، وكل قبيلة لها تقاليدها وأعرافها، وهذا لا يدل على التفكك والتشرذم، فقد اتحدت هذه القبائل معا، ورضيت بوجود حكومة مركزية، ولها فيها من يمثلها انتخابا. إلا أن لكثرة القبائل فائدة أخرى، فقد أغنت التراث الشعبي والسياحي للبلد، فكل قبيلة لها احتفالاتها، ولها مواسمها، ولها أعيادها، لذا فإن السائح إلى هذه البلد سيجد أن هناك احتفالا ما يجري في هذه الأرض الواسعة. ولا تزال الكثير من القبائل تحتفظ بمفاهيمها القبلية، فهدية الخرز الأبيض بدلا من الورد الأحمر لامرأة من قبائل الزولو يعني رسالة حب، وإذا ردت على الهدية بخرز بني، فهذا يعني أن حبك مقبول، ولكن مقدرتك المالية غير مقبولة. وأما لابس الخرز الأخضر فيقول ساعدوني، إنني أشكو من مرض. عادات خاصة: لكل مجتمع عاداته وتقاليده وعرفه، وهؤلاء الأفارقة لهم أيضا بعض العادات التي لا يراها البعض حسنة، وخاصة في الغرب، فإن الملامسة والاحتكاك الجسدي الذي يكرهه الإنسان الغربي، هو أمر غير مستنكر عند إنسان جنوب أفريقيا، بل إنه محبب ويعني القرب والمحبة، ولعلها مأخوذة من ملاحظاتهم للحيوانات المتوفرة في بلادهم باحتكاكها ببعضها دليل المحبة والصداقة والسلام. فالمصافحة قد تطول، واتفاقات التجارة تنتهي بالمصافحة الطويلة، ويستمر الحديث والأيدي متشابكة مع الطرف الآخر ترحيبا أو شكرا أو توضيحا أو تأكيدا. كما أن الهدايا تعتبر مجاملة ضرورية، فإن الجميع ينتظر من الزائر أو الضيف هدية، وليس بالضرورة أن تكون ثمينة، ولكن المعنى الرمزي للهدية هو الهدية ذاتها. والتدخين غير ممنوع، وليس بمستنكر أن تعج قاعة الاجتماعات بدخان السجائر المتنوع، ولكن عند الأكل يتوقف التدخين، ولا يسمح به إلا بعد الانتهاء من وجبة الطعام والانتقال عنها كلية. سمك القرش الإنساني: إن شعب جنوب أفريقيا شعب آكل شره للحوم، وهو يأكل اللحوم بأنواعها، فهو يأكل البقر الوحشي الكبير والصغير والزرافة والخرتيت والتماسيح وكل ما دب على الأرض من الحيوانات باستثناء السباع، كما أنهم أكلة لحوم الماعز والنعام. وحفلاتهم تقام على أساس أن اللحم هو العنصر الأساسي فيها، بل إن الدعوات الرسمية والتكريم لا يتم بدون أكل اللحم وتقديمه على أساس أنه الطبق الرئيسي، وغالبا ما يكون اللحم مشويا تقليدا للصيادين الأفارقة، ويقدمون ويستهلكون أيضا أنواعا أخرى من المأكولات، ولكن ليس بمقدار استهلاكهم للحوم بأنواعها. ???