معركة حطين واستعادة بيت المقدس

قائد المعركة من المسلمين: صلاح الدين الأيوبي ومعه عدد من قادة الولايات والأبناء في جيش نظامي يزيد على اثنا عشر ألفا ومثلهم من المتطوعة. قائد الإفرنج: ملك بيت المقدس بردويل ومعه عدد من قادة الأقاليم أمثال أرناط حاكم الكوك وحاكم طبرية وطرابلس وعكا والناصرة وصور. سببها: كان الصليبيون قد استولوا على بيت المقدس وكثيرا من البلدان الإسلامية وأخذوا يغيرون منها على باقي بلاد المسلمين رغم ا لهدنة والمعاهدات التي كانت بينهم وبين ملوك المسلمين في ذلك الوقت . ولما تولى صلاح الدين الأيوبي الحكم في بلاد الشام ومصر عزم على تحرير بلاد المسلمين من الصليبين وكان يتحين الفرصة تلو الفرصة للقضاء عليهم وتحرير بلاد المسلمين منهم وقد تمكن بفضل الله من تحرير كثيرا من بلاد المسلمين . وفي عام 1187 الميلادي عاد الصليبيون إلى الاعتداء على قوافل المسلمين، فدعا صلاح الدين الأمة إلى الجهاد.. وسرعان ما أقبل المقاتلون المسلمون من جميع الأقطار العربية، فاجتمع حول صلاح الدين خمسة وعشرون ألف جندي: إثنا عشر ألف فارس وثلاثة عشر ألف راجل، وبهذه القوة الكبيرة سار بجزء منها إلى طبرية ونزل الإفرنج في صفورية، وتقدم بالجزء الآخر باتجاه الإفرنج، لكن الإفرنج لم يبرحوا مكانهم رهبة وخوفا، أما مدينة طبرية فسقطت بأيدي المسلمين وبقيت قلعتها تقاوم، فلما علم الإفرنج بذلك دب الخلاف فمن قائل بمهاجمة المسلمين لاستنقاذ طبرية وملكهم يطلب التريث في الموقع، ثم اتفقوا على التحرك لمواجهة المسلمين، وكان المسلمون قد سيطروا على موارد المياه والإفرنج قد نفذ ما عندهم من الماء والجو حار في آب أغسطس- وتلاقى الفريقان في حطين. أحداث المعركة: بدأت المعركة .. في توقيت اختاره صلاح الدين غير ملائم للصليبيين، كان يوما حارا وفي مكان لا ماء فيه نظر صلاح الدين فوجد أن الريح يتجه نحو الصليبيين فأوقد النار في الأعشاب والشجيرات في المنطقة واتجهت النيران بدخانها ولهيبها باتجاه الصليبيين، وزادت إلى حر الجو حرارة اللهب وبالتي شدة عطش الجنود ورغبتهم في الماء.. وبدأ القتال ودارت معركة استمرت سبع ساعات ورمى الرماة دفعات من السهام نحو الصليبيين فكانت كالجراد، فقتل عدد من خيولهم ورجالهم، وحاول الصليبيون الاندفاع والقتال بشدة ليصلوا إلى الماء في طبريا، فصدهم صلاح الدين عن مرادهم ووقف بالعسكر في وجوههم، وحرض صلاح الدين المسلمين على القتال فتقدم غلام فحمل على الإفرنج وقاتل قتالا عجب منه الجميع ثم تكاثر عليه الإفرنج وقتلوه، فأثر ذلك في نفوس المسلمين وثارت ثائرتهم، وانقضوا على الإفرنج وقتلوا منهم خلقا كثيرا، وحمل الإفرنج لشق صفوف المسلمين، وبدأوا يحملون على المسلمين حملات شديدة، ويتصدى لهم المسلمين فلا يرجعون إلا وقد نقص منهم عدد كبير، حتى أحاط بهم المسلمون وأخذتهم السيوف فتقهقروا، والتجأ عدد منهم إلى تل حطين ونصبوا للملك خيمة، محاولين تجميع قواتهم ولم شعثهم والحملة على المسلمين، لكن المسلمين لم يتركوهم بل تبعوهم، والأمر ما بين كر وفر ولم تتوقف عليهم الحملات إلى أن رموا سلاحهم وأرهقهم التعب والعطش واستسلموا فكبر صلاح الدين وخر ساجدا لله. الأسرى والقتلى : في هذه المعركة حشد الصليبيون زهرة فرسانهم .. وانتهى أمر الصليبيين بكارثة ووقع معظم الجيش الصليبي بين قتيل وجريح وأسير ووقع في أسر صلاح الدين ملك بيت المقدس (جي دي لوزينان) وكثيرون من البارونات. وكان من ينظر للقتلى يقول: ليس هناك أسرى ومن ينظر للأسرى يقول: ليس هناك قتلى. حفظ صلاح الدين حياة الأسرى باستثناء بعض الفرسان، أما حاكم الكرك ناقض الهدنة مع صلاح الدين والذي كثيرا ما كان يتعرض للقوافل الإسلامية المتجهة أو العائدة من الحج فقد قطع صلاح الدين رأسه. لم تكن حطين مجرد هزيمة وقعت بالصليبيين إنما كانت كارثة حلت بالصليبيين بوجه عام وبمملكة بيت المقدس بوجه خاص.. وكانت نهاية الكيان الصليبي في الشرق. وقفات وفوائد انتصار المسلمين في معركة حطين: كانت معركة حطين البداية لنصرة المسلمين وعودة البلاد الإسلامية إلى حكمهم، بالإضافة إلى أن هذا اليوم كان نكسة شديدة على الصلبيين، فقد كثرت فيها الدماء وذاق الصليبيون شدة العطش ولهيب النيران وكثر القتلى والجرحى حتى غطى الدم ساحة المعركة . فوائد الانتصار تكمن فيما يلي: 1-انتصر صلاح الدين ودفع ثمن انتصاره غاليا.. ارتفعت معنويات المسلمين بعد حطين وزعزعت الوجود الصليبي في الشرق. 2-انتصار صلاح الدين في حطين فتح أمامه الطريق لاسترداد المدن الساحلية الواقعة جنوبي طرابلس وأسرع صلاح الدين مستغلا الموقف وذلك ليقطع الصلة بين الصليبيين وبلاد الشام وبين أوربا فاحتل عكا وبيروت وصيدا ويافا وقيسارية وعسقلان. 3-بعد ذلك اتجه صلاح الدين إلى الداخل فاستولى على العديد من القلاع والحصون والمدن التي كانت بحوزة الصليبيين حتى جاء دور بيت المقدس واضطرت إلى الاستسلام بعد حصار فسلمتها حاميتها الصغيرة في 12 أكتوبر عام 1187م وبرهن صلاح الدين على أنه رجل دولة حكيم وعادل فعامل سكان القدس معاملة أرق وأخف بكثير مما عاملهم الغزاة الصليبيون، لم يبطش بسكانها ولم يدمرها وسمح للسكان المسيحيين بمغادرتها بعد دفع الفدية 0عن كل رجل 10 دنانير ذهبية وعن المرأة 5 دنانير ذهبية وعن الطفل دينار ذهبي واحد) وبقي 15 ألف إنسان لم يدفعوا الفدية فبيعوا عبيدا.. هكذا أصبحت مملكة بيت المقدس كلها بيد صلاح الدين عدا مدينتي صور وطرابلس وبضعة حصون صغيرة وعندما سمع البابا أوربان الثامن بسقوط بيت المقدس توفي من أثر الصدمة.