إميل زولا الكاتب الثائر.. انتهت به ثورته مصورا !!

هذا العام، يحتفل العالم الأدبي بمرور قرن على وفاة الروائي والكاتب الفرنسي الجدلي إميل زولا صاحب الآراء الجريئة والمثيرة للجدل. ويعتبر أميل زولا (1840-1902) الذي اشتهر بغزارة مؤلفاته، ثم اشتهر أكثر بدفاعه عن الضابط اليهودي ألفريد دريفوس ضد موجة ما يعرف بالعداء ضد السامية، هو مؤسس المذهب الطبيعي في الأدب وصاحب المقولة التي مؤداها أن من واجب الرواية أن تدرس الطباع الإنسانية والتكيفات العميقة الأثر للعضوية البشرية تحت ضغوط البيئة والأحداث، وعلى هذا الأساس انطلق في تأليف سلسلة من الروايات بلغت العشرين، منها رواية عائلة رجون ماكار التي غدت فيما بعد تاريخا اجتماعيا لأسرة منفردة زمن الإمبراطورية الثانية، وتقف اثنتان من هذه الروايات في الصف الأول لوصفهما حياة الطبقة العاملة وصفا طبيعيا، وهما(السكر) عام 1877 و(جيرمنيال) عام 1885. وبعد أن أنجز رواياته الفذة ضجر كما يبدو من تسطير الكلمات على الورق، فلجأ إلى (الضوء) يدخله في آلات تصويره لكي يؤرخ ليس بالكلمات هذه المرة بل بالأسود والأبيض نهايات القرن التاسع عشر، فقد كان التصوير بالنسبة له من أحب الهوايات إلى نفسه، خصوصا حين دخل هذا الفن عصره الذهبي، ففي الصحافة لم تظهر الصور الفوتوغرافية إلا في عام 1886، وكان على الصحف أن تنتظر الحرب العالمية الأولى كي تطبع الصور على صفحات الجرائد. ومع اكتشاف التصوير، كان زولا قد أنجز روايته الكبيرة عن عائلة روغون ماكار، التي قال فيها ما كان يريد قوله عن الوقائع المريرة للقرن التاسع عشر في باريس. لقد كان التصوير بالنسبة لزولا نوعا آخر من الكتابة، وكان يلتقط الصور كما يسجل بعض الملاحظات ورؤوس الأقلام. وكان زولا يظهر صوره بنفسه في المختبرات التي يحملها معه أينما ذهب، وقد جرب أنواع الأوراق الزرقاء والخضراء والرمادية الحساسة جدا مما أعطى صوره عناصر جمالية. وهكذا ظل يلتقط الصور من جميع الزوايا، وخصوصا المشاهد التصويرية الأفقية والعمودية، كما كان مهتما بشكل شخصي وعملي بتكبير هذه الصور في جميع الأحجام والأشكال، تلك الصور التي يلتقطها تارة تحت الشمس وتارة أخرى تحت المطر وأحيانا في مرتفعات الثلوج. ومما يجدر ذكره أن زولا الروائي يختلف كثيرا عن زولا المصور فمن خلال (كاميرته) أخترق عميقا حدائق (التويلري) و(اللوكسمبورج) و(مونسو) و(بوت شمون) وغابة (بولونيا) لكن هذه الصور ظلت لفترة بعيدة عن (باريس) الشعبية التي ركز عليها كثيرا في أعماله الروائية. كما تكمن أهمية الصور التي التقطتها عدسة زولا في أنها ولدت في عصر التحولات التقنية الحديثة التي اجتاحت الحياة الباريسية مثل: المترو والهاتف واكتشافات باستور والقوانين الرياضية لبوانكاريه وكذلك السيارة والكهرباء.