المغنيزيوم يعيد الحياة للكتب المتهالكة!!

تعرضت مكتبة الكونجرس الأمريكي في العام الماضي لانتقادات حول رغبتها في التخلص من مجموعة من الكتب القديمة والتي بدأت تتفسخ وتهلك بسبب مرور الزمن، وقد سعت إلى الحفاظ على المحتوى العلمي والمعرفي الموجود في هذه الكتب عن طريق تصوير هذه الكتب والمجلات والجرائد القديمة. خاصة وأن المكتبة تشكو من صعوبة توفير المخازن للكتب، فالأرفف امتلأت وأنشئت ملاحق واستأجرت مخازن، ولكن سيل الكتب مستمر، فمكتبة الكونجرس الأمريكي هي أكبر مكتبة عامة في العالم، وتحتوي على نحو 19 مليون كتاب، وتستقبل شهريا آلاف الجرائد والمجلات والكتب من كل أنحاء العالم لتصنيفها وعرضها أو حفظها. وقال المعارضون إن هذه الكتب والمجلات كنز يجب الحفاظ عليه، ويجب عدم التفريط فيه، خاصة وأن البديل المعروض وهو التصوير ليس بديلا فعليا، فصورة المجلة أو الجريدة لا تعطي القاري أو المتصفح حقيقة الواقع كما هي في الصحيفة ذاتها. إضافة إلى أن عملية التصوير ذاتها تتطلب تدمير الكتاب، لأن التصوير يتطلب تحويل الكتاب إلى أوراق ليمكن تصويرها تصويرا صحيحا. وهذا يؤدي إلى تدمير العديد من الكتب والمجلات الثمينة. المشكلة صناعية: إن المشكلة في الكتب هي أن عمرها محدود، فصناعة الورق تطورت، لتلبي الطلب المتزايد عليه، ولكن هذا التطور كان على حساب جودة الورق، فالورق المصنوع منذ عام 1850 تم صنعه بطريقة معالجات كيمائية حمضية لا تحافظ على عمر طويل للورق، فالورق المصنوع حاليا لا يعمر أكثر من مائة عام، لذا فإن الكتب المطبوعة منذ مائة عام تتفتت وتتهالك عند فتحها وقراءتها. الحل الصناعي: اهتمت المكتبة بهذه الاعتراضات وبمخزونها الثمين من الكتب، وتعاقدت مع شركة تعمل على معالجة الورق القديم في ولاية بنسلفانيا، وهي شركة متخصصة في ذلك، واتفقت معها على معالجة 8.5 مليون كتاب خلال مدة العقد. وبدأت الشركة في تنفيذ العقد اعتبارا من خريف 2001م وبدأت ببرنامجها الابتدائي وهو معالجة 150 ألف كتاب في السنة الأولى ،كتجربة، وللتحقق من عدم وجود انتكاسات لاحقة حيث إن المعالجة هي معالجة كيميائية، حيث تعرض جميع صفحات الكتاب على مادة تحتوي على جزيئات من أكسيد المغنيسيوم، تبقى عالقة بين الصفحات وتلغي مفعول الأحماض المتبقية من الصناعة الأولى للورق. وهذه العملية الصناعية تمت بتكلفة مقدارها 2.3 مليون دولار لهذا المشروع التجريبي. وقد نجحت الشركة في تنفيذ المرحلة الأولى وعالجت آلاف الكتب، وتم إعادتها إلى المكتبة بعد ان تأكدت من سلامتها وإطالة عمرها بعدة مئات أخرى من السنين. وستقوم الشركة بمعالجة 250 ألف كتاب سنويا، وعلى مدى خمس سنوات، وستكون قد عالجت ما يعادل 5 ملايين صفحة من الورق الذي أضيفت إلى عمره مئات السنين كما تعد الشركة المنفذة بذلك. واختارت مكتبة الكونجرس الكتب ذات الاهتمامات الأمريكية أو من المؤلفين الأمريكان، لتتم المعالجة والإصلاح لها في الأول، وستتبعها الكتب ذات الاهتمامات الأقل بالشؤون الأمريكية، أو المكتوبة باللغات غير الإنجليزية. توسع في الإنقاذ: نجاح الشركة المنفذة، جعلها تطور عملية المعالجة للتسريع فيها، ولزيادة الكمية المعالجة من الكتب في زمن معين، لأن الاستفسارات والعروض تردها من مكتبات عالمية أخرى ترغب إنقاذ مخزونها الثمين، وتحذو حذو مكتبة الكونجرس، لذا فهي تعمل على تصميم مكائن جديدة لتتسع العديد من الكتب في المرة الواحدة، حيث إنها تعمل حاليا على مكائن تعالج أربعة كتب دفعة واحدة، تعلق هذه الكتب من صلبها في صندوق مغلق، وتترك مساحة كافية للورق والصفحات لتقلب آليا، صفحة بعد أخرى لكي تنال نصيبها من جزيئات المادة المتناثرة كالطباشير في الصندوق المغلق. الحل المنتظر: تواجه المكتبات العامة مشكلتين كبيرتين، أولاهما تحلل وتهالك الكتب بسبب الزمن، وقد وجدت حلول صناعية لهذه المشكلة. أما المشكلة الثانية فهي عملية التخزين، فالكتب في ازدياد، وليس هناك من بديل للكتاب الورقي حاليا، وهذه المشكلة لا تزال قائمة، ولا تزال الحلول المطروحة غير مقبولة، على الرغم من أن البعض يستخدم عملية التصوير بالميكوفيش حيث يتم تصوير الصحف والكتب على ألواح تصوير لا تحتاج إلى مكان واسع لتخزينها. والحل المنتظر هو في التطور الإلكتروني للكتاب، وفي عمليات نسخ الكتاب على الكمبيوتر وحفظه، وطباعة النسخة المطلوبة في حالة الاحتياج إليها. وهذا التطور لم يتم بعد، ولكنه هو الحل المنتظر، فهو يقدم الحل للمشكلتين معا، مشكلة تقادم الورق ومشكلة التخزين. ???