هل يجوز إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة ؟

انتشر في هذه الأزمنة إجراء عقود البيع وسائر المعاملات، عن طريق آلات الاتصال الحديثة كالهاتف والفاكس وشبكة الانترنت، بل وأصبحت العقود بهذه الطريقة من الأمور الضرورية في حياة الكثيرين من رجال الأعمال، وذلك نظرا لضيق الوقت وبعد المسافة بين المتعاقدين، ولما فيها من اليسر والسهولة والسرعة وتوفير الجهد والمال. وقد يتساءل كثير من الناس عن حكم إجراء العقود بمثل هذه الطريقة؟ وهل هناك ضابط شرعي لمثل هذه المعاملات خاصة وأن الحاجة داعية لذلك ؟ هذه المسألة عرضت مفصلة على المجمع الفقهي الإسلامي وكتب العلماء في المجمع عدة بحوث فيها، وبعد النظر فيها ومناقشتها صدر عن أعضاء المجمع فتوى بهذا الخصوص، يتضح من خلالها يسر الشريعة الإسلامية ومناسبتها لكل زمان ومكان وعدم تعارضها مع الحضارة والتقدم، وهذا هو نص الفتوى كما جاءت في مجلة المجمع الفقهي الصادرة عنه . بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه. قرار رقم : 52 (36) إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17 - 23 شعبان 1410هـ الموافق 14-20 آذار (مارس) 1990م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة، ونظرا إلى التطور الكبير الذي حصل في وسائل الاتصال وجريان العمل بها في إبرام العقود لسرعة إنجاز المعاملات المالية والتصرفات، وباستحضار ما تعرض له الفقهاء بشأن إبرام العقود بالخطاب وبالكتابة وبالإشارة وبالرسول، وما تقرر من أن التعاقد بين الحاضرين يشترط له اتحاد المجلس - عدا الوصية والإيصاء والوكالة - وتطابق الإيجاب والقبول، وعدم صدور ما يدل على إعراض أحد العاقدين عن التعاقد، والموالاة بين الإيجاب والقبول بحسب العرف . قرر ما يلي : أولا : إذا تم التعاقد بين غائبين لا يجمعهما مكان واحد، ولا يرى أحدهما الآخر معاينة، ولا يسمع كلامه، وكانت وسيلة الاتصال بينهما الكتابة أو الرسالة أو السفارة (الرسول)، وينطبق ذلك على البرق والتلكس والفاكس وشاشات الحاسب الآلي (الحاسوب)، ففي هذه الحالة ينعقد العقد عند وصول الإيجاب إلى الموجه إليه وقبوله . ثانيا : إذا تم التعاقد بين طرفين في وقت واحد وهما في مكانين متباعدين، وينطبق هذا على الهاتف واللاسلكي، فإن التعاقد بينهما يعتبر تعاقدا بين حاضرين ، وتطبق على هذه الحالة الأحكام الأصلية المقررة لدى الفقهاء المشار إليها في الديباجة. ثالثا : إذا أصدر العارض، بهذه الوسائل، إيجابا محدد المدة يكون ملزما بالبقاء على إيجابه خلال تلك المدة، وليس له الرجوع عنه . رابعا : إن القواعد السابقة لا تشمل النكاح لاشتراط الإشهاد فيه، ولا الصرف لاشتراط التقابض، ولا السلم لاشتراط تعجيل رأس المال . خامسا : ما يتعلق باحتمال التزييف أو التزوير أو الغلط يرجع فيه إلى القواعد العامة للإثبات . والله أعلم . صفحة رقم (111)