الجراحات التجميلية في ميزان الإسلام

حظيت جراحة التجميل بتقدم واسع جدا خلال الفترة الأخيرة، وأصبحت تحتل مكانة عالية في الطب الحديث، حتى تحولت إلى أقسام متعددة، وأصبح لكل طبيب طريقته وأسلوبه، وساهم هذا التقدم في إيجاد العديد من الحلول لتجميل أعضاء الإنسان وإزالة العيوب منها، سواء أكانت العيوب من أصل الخلقة أم كانت طارئة عليه نتيجة مرض أو حادث أو حروق أو غير ذلك. ولم تعد هذه الجراحة بالشيء العسير، بل أصبحت أكثر يسرا وسهولة وإتقانا من ذي قبل، وبعد أن كانت تلك الجراحات لا تستعمل إلا في الحالات الحرجة والضرورية جدا، أصبحت الآن في متناول الجميع، وأصبحت تستخدم كثيرا الآن من باب الرفاهية، وليس من باب الحاجة والضرورة الملحة. من جهة أخرى ظهر التقدم الطبي الذي يمكن من خلاله معرفة حقيقة جنس الخنثى المشكل هل هو ذكر أم أنثى، بعد أن كان معرفته في السابق أمر عسير، وربما تأخر لسنوات عدة إلى حين التمييز في بعض الحالات، وقد أصبح بالإمكان مع ذلك إجراء جراحة تجميلية له، بحيث تزال منه الأعضاء الزائدة فيصبح وكأنه خلق طبيعيا بعد أجراء مثل هذه العمليات. والسؤال هو: ما هي نظرة الإسلام إلى مثل تلك الجراحات، وهل تعتبر جائزة مطلقا بحيث يجوز لكل من أراد أن يغير شيئا من نفسه، أو يزيل عيبا تعرض له أن يستخدم هذه الجراحة؟ أم أن مثل هذه الأمور محرمة شرعا؟ وهل يختلف الحكم عند الضرورة الملحة عن غيره؟ خاصة ونحن نعلم الآثار النفسية العديدة المترتبة على إزالة العيوب من الإنسان خاصة تلك الطارئة عليه نتيجة لحوادث تعرض لها أو جروح أصيب بها، مما يدفعه إلى محاولة إيجاد حل لإزالة تلك العيوب. العلماء في المنظمة الإسلامية يتخذون قرارا بهذا الشأن كل هذه الأسئلة أجاب عنها العلماء في ندوة متخصصة أقيمت في المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية المنعقدة في الكويت. وقد توصلت اللجنة بعد المباحثات التي أجريت والمناقشات المستفيضة إلى جواز جراحات التجميل التي يكون الهدف منها علاج المرض الخلقي والحادث بعد الولادة لإعادة شكل أو وظيفة العضو السوية المعهودة له، وأكدت المنظمة أن الجراحات التي تخرج بالجسم أو العضو عن خلقته السوية أو يقصد بها التنكر فرارا من العدالة أو للتدليس أو لمجرد اتباع الهوى غير جائز شرعا. واعتبرت المنظمة أن ما ظهر في بعض المجتمعات من جراحات تسمى عمليات تغيير الجنس استجابة للأهواء المنحرفة مرفوض إسلاميا، وتدخل ضمن الأمور المحرمة تحريما قطيعا في الشريعة الإسلامية، مشيرة إلى جواز إجراء عمليات لاستجلاء حقيقة الجنس في الخنثى. الوشم والأصباغ وأحكامها الشرعية وذكر الدكتور عبد الرحمن العوضي، رئيس المنظمة، أن المنظمة ناقشت الرأي الشرعي لعمليات التجميل المنتشرة في العالم الآن، وذلك ضمن ندوة متخصصة بعنوان الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية، وقال إن العلماء ذهبوا إلى تحريم الوشم والوسم والقشر لما فيها من تغيير الخلقة الأصلية بما هو باق، وتعذيب الإنسان بلا ضرورة، لكنهم أجازوا استعمال ما لا يكون باقيا من الأصباغ كالكحل والحناء والحمراء وغير ذلك، كما أجازوا التداوي بالمراهم والكي بحيث لا يترتب عليها ضرر أكبر. عمليات سحب الدهون وحول مشروعية عمليات سحب الدهون المتراكمة في الجسم نتيجة السمنة قال العوضي إن العلماء اعتبروا أن عملية سحب الدهون من الجسم بقصد التداوي والعلاج جائزة ما لم تؤد إلى ضرر أكبر، أما سحب الدهون بقصد تخفيف الوزن وتعديل قوام الجسم فيجوز بشرطين الأول أن تتعين عملية سحب الدهون بحيث لا توجد وسيلة أخرى تقوم مقامها والثاني ألا يترتب عليها ضرر أكبر. وكما هو ملاحظ فإن العلماء قد راعوا في ذلك أمورا أساسية، وهي أن لا يكون في ذلك تغيير لخلق الله جل وعلا، كعمليات تغيير الجنس تلبية للرغبات والأهواء، وأن تكون هناك حاجة ملحة إلى مثل هذه العمليات بشكل عام، وأن لا يلحق الإنسان بمثل هذه العمليات ضرر أكبر من المراد التخلص منه، وهذه الأمور من القواعد الأساسية لكثير من الأحكام الشرعية في الحادثة.