صورة المسلم في الإعلام الغربي.. حقائق ومسؤوليات

ا بد من الاعتراف بداية أن صورة العرب لدى المواطن الغربي لا تناسب الحقيقة? ومن باب النقد الذاتي كذلك نقول صراحة إن العرب والمسلمين مقصرون- ومازالوا - في تقديم أنفسهم بصورة مقنعة وصحيحة? ولم يحاولوا مجرد محاولة جادة تصحيح المفاهيم في وسائل الإعلام الغربية. اعتراف الغرب بالحقيقة :- وفي هذا الصدد يقول إدجار بيزاني? مدير معهد العالم العربي السابق- في باريس: إن الهوية العربية لا يعكسها الإعلام العربي، وبصراحة هناك خلل في النظم الإعلامية? وأضاف أن العرب لا يحسنون إقامة العلاقات مع العالم الخارجي. وطالب العرب? خلال ندوة عقدت أخيرا في باريس? بتأكيد هذه الهوية مع ضرورة حل مشكلة الأصالة والمعاصرة. أما كلود شيسون، وزير الخارجية الاشتراكي السابق في فرنسا، فقد لام العرب على تقاعسهم الشديد في تقديم أنفسهم للعالم الغربي بشكل يقضي على الصورة المزيفة التي تصورهم بها أجهزة إعلام مأجورة أو مسيسة. ومن المؤكد أن الشباب اليوم و العاملون في الأنشطة الإعلامية والفنية يحتاجون لشيء أكبر من الصبر والصدق ليعكسوا الصورة الحقيقية للمسلم، لا الصورة التي تريد إظهارها قوى الصهيونية العالمية? التي تملك دون شك قوة كبيرة في الإعلام الغربي. التأثر الإعلامي على الناس وخاصة الناشئة وشخصية المسلم والعربي في السينما والتلفزيون لدى الغرب لا يمكن تجاهلها ببساطة، على أساس أن الفيلم مجرد وسيلة للتسلية، بل العكس، حيث أنهما يلعبان دورا رئيسا في تشكيل نظرة الغرب إلى العرب المسلمين، خاصة النشء? حيث إن الشباب الصغار بطبعهم عشاق للسينما? ويتأثرون بما تعرضه من أفلام? فبعد أن يتركوا دور العرض تنتقل الأفكار إلى المنازل من خلال التلفزيون والفيديو، ليتسع التأثير على الأسرة العربية بكامل أفرادها. الإرهاب والتخلف والدعارة هي السمة البارزة للمسلم في الإعلام الغربي وقد بين جاك شاهين- أمريكي من أصل لبناني - الأستاذ في مادة الإعلام الجماهيري في جامعة جنوب إلينوي? في دراسة مهمة نشرها حول دور التلفزيون الأمريكي في تشويه الشخصية العربية? والتي بين فيها أن الصورة التي يظهر فيها العربي المسلم في الأفلام والسينما أنه إنسان إرهابي? بل وأنه أيضا صاحب دعارة ومتخلف لا يستطيع التقدم. فكم قام بعض المخرجين بتقديم نوعية أخرى من الأفلام أكثر شعبية? وهي أفلام (المليودراما) المعتمدة على المغامرات الغريبة الطابع، والتي تدور أحداثها في الصحراء? وتركز حبكتها على علاقة مشبوهة بين الشيخ المسلم والشاب الذي تتوحد شخصيته مع القفار والأودية فتصبح حياته موحشة جافة? لا يؤنسها إلا الحلم بامرأة بيضاء? ربما يعثر عليها بين السائحات الأوروبيات أو أعضاء بعثات التنصير. الأفلام الغربية أظهرت المسلمين على أنهم أداة تخريب لأمريكا وحتى تكتمل الصورة? قدمت السينما الأمريكية خلال ثمانينيات القرن الماضي الإرهاب باعتباره طاعونا تنقل عدواة الأقلية المسلمة في الولايات المتحدة إلى الجسد الأمريكي كله، من خلال أحداث ليس لها أي أساس من الصحة والواقع. وأفردت هذه الأفلام زعامات إرهابية إسلامية طرحت جانبا كل ما هو إنساني، وتمكنت من إشعال شرارة التخريب والعنف داخل الولايات المتحدة. أما الناقد المصري أحمد رأفت بهجت كتاب الشخصية العربية في السينما العالمية? وفيه يصل إلى أن السينما العالمية بدلا من أن تساعد على خلق جو من التفاهم بين العرب والغرب? أكدت مع مرور الأيام أنها لم تستطع أن تلتقي بالآمال العربية? بل زرعت الشك والخوف في النفوس? وأفسدت على الإنسانية بشكل عام أملا عزيزا في أن يسود التعاون والتفاهم مختلف الأجناس. وكان عمادها التعصب والتشويه والتزييف والسخرية بشكل لا يبرر استمرارها في انتهاج رد الفعل السلبي المضطرب الذي انتهجه العرب ضد هذه السينما. الإرهاب سمة مشتركة : لا جدال في أن هناك إرهابيين عربا أساءوا إلى جموع العرب والمسلمين في العالم قاطبة? بحوادث فردية لا تمثل إلا ذاتيتهم. والتناول لهذه الظاهرة كان قصوره واضحا? فلم يحاول أي فيلم أن يتقرب من دراسة بعض الظواهر الإرهابية? فضلا عن أن الأفكار المسبقة والصور التي يبثها الآخرون أحادية الرؤية? لا تتغير ولا تتبدل? فالمشاهد الغربي ما عليه إلا أن يرى العرب إرهابيين? مرتكبين لأعمال العنف فقط? ولا يراهم ضحايا مثلما يحدث في الضفة الغربية لفلسطين? ولا في البوسنة والهرسك? ولا في كوسوفا وغيرها من المدن الإسلامية. كذلك لم ير المشاهد الغربي أي مشاهد للعربي بعيدا عن السياسة وصورها النمطية? فلا يرى أما عربية تهدهد طفلها الرضيع? ولم ير طبيبا عربيا يرعى مريضا أو مدرسا عربيا يعطي دروسا في الجبر والكيمياء أو الفيزياء أو حتى في الحاسب الآلي? ولم ير .. ولم ير. تقصير العرب والمسلمين في إعطاء الصورة الصحيحة إننا العرب والمسلمين مقصرون في الذود عن هويتنا وثقافتنا فقد تركناهم يعبثون ويزيفون? يزورون ويضللون? يشوهون دونما محاولة منا لرفع الجور والظلم البين? الذي أحسب أننا نستحقه في - بعض الأحيان - بتهاوننا في الرد وتبليغ رسالتنا وتقديم أنفسنا كبديل حتمي إزاء ممارساتهم اللامعقولة. فنحن لا نريد مجاملة أو محاباة، ولكن نريد صورة تعبر بصدق? والصدق فقط، عنا? وأحسب - ويحسب معي الغيورون منا والمنصفون منهم، أنه مهما كانت العناصر السلبية فمن المؤكد أن العرب والمسلمين يملكون في ماضيهم وحاضرهم الكثير والكثير من الإيجابيات.