الفصل الرابع : الدورية (النوم) عند الإنسان.

بحوث في .. النوم والأحلام والتنويم (المغناطيسي) للدكتور أنور حمدي النوم .. أسراره وخفاياه (لقراءة الفصول السابقة انظر اسفل الصفحة ) الفصل الرابع ??الدورية في الإنسان وننتقل من ضفدع وعصفور! من فأر وصرصور! من ساعة زهر، وأريج وعطر! من (عازف كمان)! .. إلى .. الإنسان!! وكما دار زهر، وفأر .. عصفور، وصرصور! .. مع دورة الليل ودورة النهار. يدور الإنسان! ولكن دورة الإنسان مع دورة الليل ودورة النهار .. أكمل وأعظم! .. .. أحلى وأجمل! .. .. لها غاية .. أجل وأكبر!! . ( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحياء به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون)البقرة :164 . ( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ) آل عمران : 190 . ( إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السموات والأرض لآيات لقوم يتقون)يونس :6 . ( وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) الرعد :3 . ( وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ) النحل : 2 . (يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار ) النور : 44. ( وهو الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار أفلا تعقلون ) المؤمنون : 80 . (واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون ) الجاثية : 5 . ( وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا) الفرقان :62. ( ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون)القصص : 71- 73. ( ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون) الروم 23 . ( ألم يرو أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا؟ إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ) النحل : 86 . ( هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا. إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون) يونس : 67 . .. قدرة الليل ودورة النهار .. واختلاف الليل واختلاف النهار .. وتقلب الليل وتقلب النهار .. وجعل الليل وجعل النهار .. وإيلاج الليل في النهار? وإيلاج النهار في الليل. في دقة وروعة وسحر، تحرك القلوب وتهز المشاعر! .. .. تنسيق ما بعده تنسيق! . وإبداع ما بعده إبداع! .. وإحكام ما بعده إحكام! .. ألا تكون كلها دلائل؟! .. ألا تكون كلها آيات بينات؟! .. دلائل وآيات .. تشير إلى عظمة الخلق .. وروعة الخلق؟! .. .. وتدل على عظمة الخالق؟! . فلتفتح القلوب! .. ولتصغر النفوس! .. فتذكر، وتشكر! تذكر الخالق المبدع، خلق كل شيء بقدر؛ لا عطب فيه ولا خلل! .. تشكر الباري المنعم، تشكره على النعم .. تشكره على الكرم .. وتحني له الجباه، والهمم! .. تسبح بحمده .. وتقدس له .. .. كلما سجا ليل وعسعس، وأشرق فجر وتنفس! .. .. كلما جن ليل وأظلم، واختفى ضياء خلف ظلام! .. كلما أشرقت أرض بنور ربها، وتوارت ظلمة وراء وضح نهار! . فلك الحمد يا رب! .. يا من جعلت الليل لباسا، وجعلت النهار معاشا .. وسبحانك .. يا من جعلت الليل سكنا، وجعلت النهار نشورا .. يا من جعلت الليل مظلما، وجعلت النهار مبصرا .. .. كل ذلك رحمة بعبادك .. في دورة رائعة، يدور معها، ويدور بها، .. النبات والحيوان!.. ويدور معها، ويدور بها .. الإنسان!.. و تدور معها، وتدور بها .. أجهزة جسم الإنسان!! انتبه ..فكل ما فيك يزيد و ينقص! فأجهزتك أيها الإنسان لا يسير نشاطها على وتيرة واحدة، لا تتبدل، ولا تتغير .. وإنما هو في زيادة ونقصان، تغير وتبدل في دورة مكررة منظمة، مضبوطة بدقة! يتبدل هذا، ويتغير ذاك .. وتزيد هذه، وتنقص تلك، في تناسق وتناغم، يستمر مدى (الدورة الطبيعة) .. مدى الأربع و العشرين ساعة اليومية! .. ضربات القلب تتبدل ..حرارة الجسم تتغير! . إفرازات في البول تزيد وتنقص ..هرمونات تقل وتكثر! ووظائف أخرى .. وأنشطة أخرى .. كثيرة، كثيرة! .. قد تصل إلى أكثر من (50) وظيفة من وظائف (جسم الإنسان) .. كما صرح بذلك العالم الألماني ج.سكوف!! .. ومع دورة الهرمونات .. ودورة الحرارة .. مع دورة القلب .. ودورة الضغط. مع دورة ( الجلد ) .. ودورة الرائحة والشم! .. مع الدورة ( اليومية ) ندور! .. فلن نتعرض للدورات (الشهرية)! .. ولا الدورات (السنوية)! (حرارة الجسم) مؤشر الصحة والمرض، تكون عند الاستيقاظ صباحا 36.1 درجة مئوية، عند الشخص الطبيعي وتعتبر عادية .. ثم ترتفع تدريجيا خلال النهار حتى تبلغ أقصاها (37.2 درجة مئوية ) أو أكثر قليلا، بين الساعة (6 10) مساء ثم تنخفض ببطء، حتى تبلغ أدنى مستوى لها بين الساعة (2-4) صباحا! والبعض قد يقول أن هذا الاختلاف اليومي، إنما يعزى لزيادة الفاعلية أثناء النهار، وللراحة أثناء الليل . ولكن، لقد لوحظ أن هذا ( الخط) استمر على معدله، ولم ينقلب لدى أشخاص بقوا لفترة طويلة يعملون ليلا، وينامون نهارا!! كما أن هذا ( النظام ) لم يختلف، حتى في حالة استمرار اليقظة والفاعلية، لساعات طويلة وبدون نوم. في هذا الشكل نلاحظ تذبذب درجة الحرارة خلال الليل والنهار عند الإنسان، كما أن هذا التذبذب يستمر حتى في حالة الحرمان من النوم أو اليقظة الطويلة. بل حتى في حالة المرض، فإن الملاحظ (لمخططات الحرارة)، يشاهد أنها تميل أيضا لاتباع نفس النموذج اليومي السوي! .. فترتفع الحرارة حتى أقصاها في المساء، وتنخفض في بعض المرضى، حتى الطبيعي تقريبا في ساعات الصباح الباكرة! (القلب) : ذلك الخفاق بين الضلوع! .. كم أرق ليل (قيس) بدويه إذا ما لاح في الخاطر ذكر (ليلى)! القلب، يضخ عند الراحة، في المتوسط، خمسة ليترات من الدم في الدقيقة ،، ونحن إنما نتحدث عن القلب السليم، ولا علاقة لنا بقلب (المحبين العاشقين)! .. أو بالقلب المريض، ولكنه يرتفع عن ذلك المعدل في أثناء النهار .. ولكن بشكل غير مستمر .. حيث يبدي فترتين، ينخفض فيهما أداؤه ويبطؤ، ويمر به كمية من الدم أقل .. ذلك عند حوالي الساعة الواحدة بعد الظهر، والتاسعة مساء! ضغط الدم: أي التوتر الشرياني، وهو أيضا يتبع الإيقاع الدوري اليومي .. فيكون في أقل مستوى له صباحا، ويصل إلى أقصى ارتفاع له ،مساء! ونحن هنا نتحدث عن (الوضع الطبيعي)! .. أما (الضغط المرضي) أما (الضغط) الذي سببته .. (حضارة الهاوية)! .. و(جنون السرعة)! و(رقصات الديسكو .. والروك)! و(حبوب منع الحمل .. للعذارى)!! وكل (التقدم الحضاري)!.. .. فله بحث آخر! .. الغدة النخامية : ملكة الغدد وقائدتها! .. تلك التي تتربع على عرشها في قاع الدماغ في (السرج التركي)! وترسل أوامرها (هرموناتها) إلى سائر غدد الجسم، تأمر (هذه ) وتنهى (تلك)! . .. هذه الأوامر (الهرمونات) لا تصدر على نمط واحد، وبسوية واحدة .. وإنما تطلق بنمط نوبي أو نابض!!. فالـ ACTH (الهرمون الحاث للكظر) أمر من أوامر (النخامية)، يفرز في الدم، ويصل إلى الكظر، ويحرضه! .. إنه يختلف في مستوى وجوده في الدم (المصل) خلال اليوم. وهو على العموم يتبع نمطا نهاريا! .. فيبلغ الإفراز ذروته قبل الاستيقاظ، وأدناه قبل النوم!. والـG-H (هرمون النمو) أمر آخر من أوامر (النخامية ) لأعضاء الجسم يحثها على النمو والزيادة! يقدر بأقل من 3 نانو غرام مل من المصل. في حالة الراحة وعند الصباح قبل تناول الطعام .. وتشاهد له أعلى مستويات بعد ساعة واحدة تقريبا من النوم العميق!! ولكن قد تحدث ذرى أخرى في أثناء النوم المستمر!... فلقد وجد أن هناك دفقة بارزة في إفرازه في أول الساعتين من النوم الليلي!!،،، وقد تصل هذه الدفقات حتى 60? من مجموع مقدار هذا الهرمون الذي يفرز خلال 24 ساعة في فترة اليفع، حيث تتم أكبر نسبة من النمو! ،، وتشاهد ذرى أيضا بعد 2 4 ساعات من الوجبات الغذائية في أثناء النشاط السوي!. والبرولاكتين ( هرمون اللبن ) وحاثة الدرق TSH .. أوامر أخرى من النخامية،، للثدي وللدرق .. تفرز بكميات أكبر في المراحل الأخيرة من النوم الليلي!!.. بدء البلوغ يترافق بارتفاع هام في مستويات الحاثة الخلالية (LH أو ICSH) في المصل.. خلال الليل!! . والـICSH تحرض الخلايا الخلالية (خلايا لايدنغ) في الخصية عند الذكر، والتي تفرز هرمون الذكورة (التستوستيرون) والـLH تحرض الاباضة، وتحول الجراب الناضج إلى جسم أصفر، في المبيض عند الأنثى!! الـADH (الهرمون المضاد للإدرار (للإبالة)، أمر من أوامر (النخامية ) بقسمها (العصبي) يأمر (الأنابيب البعيدة) الموجودة في الكلية، فيزيد من امتصاص الماء وعودته إلى الجسم، وبذلك يقلل الإدرار (أي البول)! ويأمر عضلات الأوعية الدموية الملساء، وجدار الأمعاء فتنقبض! . .. هذا (الأمر) يتغير تركيزه في الدم .. إذ يصل تركيزه الأقصى في أواخر الليل والصباح الباكر! .. ويصل تركيزه لأدناه عند العصر! .. ولما كانت هرمونات النخامية، إنما تطلق بأوامر أي (بهرمونات حاثة) تأتيها من منطقة تسمى (ما تحت السرير البصري) .. فإن هذا يدل أيضا على أن (الهرمونات المطلقة) - المفرزة من ما تحت السرير، إنما أيضا تطلق، بشكل متقطع ودوري! .. الكظر: غدة فوق الكلية، تزن 5 7 غرامات! .. لها (قشر)، و(لب)!..تفرز هرمونات كثيرة. الكورتزول (هيدروكورتيزون). هرمون يفرز من قشر الكظر، له وظائف كثيرة، مهمة في جميع أنحاء الجسم، وأعضائه. يتراوح إفرازه في اليوم الواحد بين 15 30 ملغ .مع رجحان نهاري بارز! فيكون تركيزه في المصل في الصباح حوالي 15 ميكروغرام 100 مل تقريبا، وعادة ما يتراوح من (9 24 ميكروغرام 100 مل ) في الساعة الثامنة صباحا! بينما في الرابعة مساء، يتراوح من (3 12 ميكروغرام 100 مل .. .. وهكذا فإنه يصل إلى أدنى مستوى في المساء .. بينما يبلغ ذروته في الصباح!.. فيقدر تقريبا أن 70? من المفرز منه يكون ما بين منتصف الليل والساعة الثامنة صباحا، و30? الباقية، خلال باقي اليوم. اللدوستيرون هرمون يفرز من قشر الكظر أيضا، وله وظيفة مهمة في توازن (شوارد) البوتاسيوم و(شوارد) الصوديوم، حيث إنه يزيد من طرح البوتاسيوم في البول، واحتباس الصوديوم في الجسم، وبالتالي له تأثير على الضغط الدموي! .. هذا الهرمون، يصل إلى أدنى مستوى له في المساء .. بينما يبلغ ذروته في الصباح! الأدرينالين : من (لب) الكظر، ومناطق (ودية) يفرز! .. تأثيراته كثيرة .. يرفع الضغط يسرع القلب ويقويه، يعمق التنفس ويسرعه، يوسع الحدقة، يزيد السكر في الدم، الخ .. هذا الأدرينالين .. يبلغ أعلى مستوياته في الدم في الساعة التاسعة صباحا .. وأدنى مستوياته في الساعة السادسة مساء! .. الكلية: ومن لا يعرف مصفاة الجسم العجيبة؟! البول: كمية البول المطروحة في ساعات اليقظة الاثنتي عشرة، تفوق تلك الكمية المطروحة خلال ساعات النوم! .. وهذا طبعا يحدث نتيجة للإيقاع الدوري اليومي، بالنسبة لوظائف الكلى. الهرمونات الأساسية التي تعاير في البول 17 هيدروكسيكوريتكوئيدات ،17- كيتوستيروئيدات 17- كيتوجينك ستيروئيدات، الكورتيزول الحر، اللدوستيرن .. تفوق الكمية المطروحة منها أثناء النهار، من 7 صباحا حتى 7 مساء، الكمية المطروحة أثناء الليل، من 7 مساء إلى 7 صباحا،! الرنين .. خميرة حالة للبروتين، تنتج وتختزن في حبيبات الخلايا المجاورة للكبب الكلوية التي تحيط (بالشرينات) الواردة إلى الكبب القشرية (في الكلية) .. وتعمل عن طريق الانجيوتانسينوجين، على تقبض العضلات الملساء للشرينات، فترفع الضغط! هذا (الرنين) .. يتصف بنظم نهاري لفاعليته في البلازما، حيث ترتفع قيمه في الصباح، وتنقص الفاعلية بعد الظهر! .. الدم: ذاك (الأحمر الغالي)! .. (الجوال في العروق)! كرياته الحمراء .. ناقلة الأوكسجين من الرئتين إلى مختلف أنحاء البدن .. ناقلة ثاني أكسيد الكربون من مختلف أنحاء البدن، إلى الرئتين! .. .. تختلف اختلافا بسيطا في مقاديرها خلال ساعات النهار .. فهي أعلى قليلا في الصباح، منها في المساء! .. وذلك بفعل اختلاف وظيفة الأعضاء المسؤولة عن تكون الدم، أي مخ العظام!! الخضاب (الهيموغلوبين) .. بتركيبه السحري .. الناقل للأوكسجين!.. وما الكرية الحمراء إلا (خضاب) ..و(قشرة رقيقة) تغلف! ،، الخضاب هذا يزيد في الصباح، عما عليه في المساء! الكريات البيضاء .. حامية البدن ..وخط دفاعه . وجنديه الباسل! .. تزيد زيادة قليلة بعد الظهر. ثم لا تلبث أن تعود إلى ما كانت عليه في صباح اليوم التالي. الدماغ : .. (أنبل) ما في الإنسان، و(أرقه)! و(أغلاه)! في التخطيط الكهربائي .. تجتاح المخ، فترة نشاط كهربائية، كل 90 دقيقة!. الصفاء الذهني، والقدرة على حل المشاكل، عمل المخ، تبرز عند بعض الناس في أوقات محددة .. وفي غيرها، قد يصيب الذهن، تكاسل، وبلادة! .. فالخلايا العصبية الدماغية كما ثبت تنشط أثناء النصف الأول من النهار!..وذلك لأن الغدد ذات الارتباط العضوي الوثيق، بعملية الإثارة والتنشيط، تفرز مقادير كبيرة من الهرمونات، وتقذفها في الدم، فينشط السكر الموجود فيه (الغلوكوز) ويزيد من استثارة الجهاز العصبي المركزي! الاستجابة للشدة أو للإجهاد أو حتى للعقاقير. تختلف من وقت لآخر أثناء اليوم!.. فمثلا لوحظ على الفأر أنه أقل حساسية للألم في الفترة الأولى من دورة الظلام! . وبنفس الوقت هو أحسن فترة لتأثير المورفين المخفض للألم! .. وهذا يدل على أن (أفيون المخ) (الانكفالين) الذي ينتج في المخ، له دورة بيولوجية داخل المخ، مما يؤثر على استعداد المخلوق للألم! . الأنف: الذي شهر كليوبترا!! وفيه (الشم)! و(لذة) العبير والأريج!! لقد اكتشف في عام 1950م وجود تغير منتظم في مقدرتنا على تمييز الأشياء عن طريق الشم! .. فالناس العاديون جميعا، يكونون أشد إحساسا بشذى الروائح التي تصل إلى أنوفهم في أوقات متأخرة من الصباح! .. وكذلك في أوقات متأخرة بعد الظهر! .. ويقل الإحساس، بشكل واضح عقب تناول طعام الغداء!. ولعلنا نعرف الآن سبب .. (لذة) طعم فنجان القهوة من البن الطازج قبل الفطور!.. .. و(نكهة) قبلة الزوجة الرائعة، قبل الخروج إلى العمل!!. ..و(عبير ) الروائح ،إذا خرجنا في نزهة قبل طلوع الشمس! .. الجلد: ساتر الجسم و(حاميه)! .. وعند (العنصريين) .. علامة (تخلف) أو (تقدم)! أوضحت بعض الدراسات وجود تفاوت نهاري في مقاومته! أي المقاومة الكهربائية للجلد لسريان التيار الكهربائي - وتقاس المقاومة عادة بالأوم OHMS . إذ تكون مقاومة الجلد عالية في الصباح، عقب فترة من الراحة، عنها في المساء!! إذ يمكن لكل من التعب الجسمي والعقلي أن يعمل على تناقص المستوى القاعدي للمقاومة الجلدية، ويقلل من الاستجابات اللحظية للتنبيهات! متفرقات! .. المرء قد يستجيب لدواء في فترة زمنية محددة من اليوم، أكثر من استجابته لنفس الدواء في زمن آخر! حساسية الإنسان للكشف بالأشعة السينية قد تختلف باختلاف الزمن! عملية تجديد خلايا الجسم، وبناء الجديد منها، تكون في (أوج نشاطها) في الصباح الباكر! .. بينما يهدأ نشاط العمليات الحيوية المختلفة في الجسم، في الهزيع الأول من الليل، فتقل إفرازات المعدة والأمعاء من الأنزيمات الهاضمة. نشاط الجسم، يصل إلى (أدنى) مستوياته ما بين الساعة الثانية عشرة ظهرا والساعة الثانية بعد الظهر! .. وما بين الساعة الثانية بعد منتصف الليل والساعة الرابعة بعد منتصف الليل أيضا! .. ويبلغ (أوج) ارتفاعه ما بين ساعات الصباح الباكرة حتى الساعة الثانية عشرة ظهرا .. وما بين الساعة الثانية بعد الظهر والساعة الخامسة عصرا! .. في القسم الأول من النهار يصبح الجسم أكثر استعدادا لقبول المواد الغذائية، البروتينية، والسوائل والأغذية الدسمة، وهضمها بسهولة! .. كما أنه أكثر استعدادا لممارسة نشاطه العضلي والذهني! .. وفي القسم الثاني من النهار (نصفه الثاني) يكون أكثر استعدادا لتناول السكريات! رحلة مجانية من الغرب الى الشرق .. اكتشف السر! ونعود من جولتنا!.. مع قلب يخفق، وغدة تأمر .. وهرمون يفرز! .. مع نبض يتبدل .. وضغط يتغير! .. مع زيادة ونقصان .. وصعود ونزول .. وارتفاع وانخفاض .. وقلة وكثرة!. كل ذلك في (دورة يومية) .. دورة منظمة .. دورة مضبوطة، تضبطها (ساعتنا الداخلية البيولوجية Biological clock) . دورة مكرورة .. تتكرر مع تكرر الليل وتكرر النهار! .. وتدور مع دورة الليل، ودورة النهار! .. مع دورة الظلام، ودورة الضياء! .. .. تعتمد على دورة الضوء، ودورة الظلام .. (إلى حد كبير) (وساعتنا الداخلية البيولوجية)، التي تضبط ( دورتنا اليومية )، تتوافق أيضا مع دورة الضوء ودورة الظلام! .. مع دورة الليل ودورة النهار، التي اعتادت عليها! فلو أننا أخللنا بدورة الضوء والظلام، بدورة الليل والنهار .. فإن (ساعتنا الداخلية) ستختل!.. وإن (دورتنا اليومية) .. ستضطرب! هل تريد أن تجرب ذلك، عزيزي القارئ، ليطمئن قلبك؟! إذن! . سنحجز لك تذكرة، على متن إحدى الطائرات النفاثة الأسرع من الصوت! ..ومن مدينة أوكلاهوما الأمريكية، إلى مدينة مانيلا الفليبينية! آه ..مهلا .. لا تنزعج .. ولا تخش شيئا! .. فالثمن مدفوع .. و الرحلة مجانية! .. وعلى حساب وكالة الطيران الفيدرالي الأمريكية! ما هذا الكرم؟! . عفوا! ليس هو كرم .. من أجل (خاطر العيون)! .. بل هو من أجل (تجربة)! ..فنحن سنتعبرك واحدا من المتطوعين، الذين جندتهم هذه الوكالة، بغرض دراسة اختلال (الدورة اليومية) باختلال (دورة الليل والنهار)!! وتنطلق الطائرات النفاثة، من أوكلاهوما إلى مانيلا ،قاطعة جبالا ووديانا! .. محيطات وبحارا! .. وقاطعة .. خطوط الزمن!! ..نعم .. خطوط الزمن! لا تستغرب! أنها خطوط الطول! ونتابع الرحلة! .. لقد وصلنا إلى مانيلا ..وحطت الطائرة على أرض المطار .. وبدا كل شيء على ما يرام .. أو هكذا هيئ لنا! . .. فلقد لعبنا (بساعتنا الداخلية)! .. (ساعتنا) التي اعتادت على وقتنا السابق ..واعتادت على ضيائه وظلامه! .. لقد اخترقنا عدة مناطق زمنية (خطوط طول)؛ حتى أن فارق التوقيت بين المدينتين وصل إلى حوالي عشر ساعات! .. فهل يمر (لعبنا) .. هكذا، بسلام؟! . لا. لقد شعرنا بإنهاك وتعب غامضين، استمر لبضعة أيام .. وعند بعضنا، لأكثر من أسبوع! وكثير منا كانت تنتابهم حالات من التعرق غير المألوفة ..وكثير منا من أصابه الأرق في النوم! وكثير منا من أصبحت همته، فاترة، باردة! .. وكثير منا من تعرض لخفقان في القلب!. ..والبعض منا من أحس بجوع شديد!! والأصعب من كل ذلك، هو حالة عدم التركيز الذهني التي أصابتنا! .. فلقد طلب علماء النفس، الذين أتوا ليدرسوا حالاتنا ونفسياتنا، كتتمة للتجربة، منا، نحن المتطوعين، أن نقوم بعمليات جمع على عشرة أعداد متتالية، كل عدد منها يتكون من رقمين، فلم يستطع أي واحد منا، أن يركز حتى النهاية، وأن يعطي الإجابة الصحيحة! رغم أننا في حالتنا العادية، نعتبر ذلك أمرا لا يليق إلا بصبي صغير!! .. حتى استجابتنا للأمور العاجلة، كانت تمتد بفترتها الزمنية، أضعاف ما اعتدناه في حالتنا العادية .. فكأنه قد ركبتنا .. البلادة!!.. فلقد طلب من أحدنا، وبعد أن وصلنا بساعات، أن يقود سيارة ..ورغم أنه سائق جيد، إلا أنه أصيب ببلادة ذهنية، أمام عجلة القيادة، فلم يعرف، كيف يتصرف بسرعة وكفاءة! وكان لا بد من مرور بضعة أيام، وعند بعضنا أكثر من أسبوع، حتى عاد كل شيء إلى طبيعته، وعادت الأمور إلى نصابها، والمياه إلى مجاريها! .. .. ما الذي حدث لنا؟! .. أيكون كل ذلك، بسبب مشقة السفر .. و السفر قطعة من العذاب؟! أيكون كل ذلك، بسبب الغربة .. وما أقسى الغربة لو تعلمون؟! .. أيكون كل ذلك، بسبب تغير مكان النوم، ومكان السكن ..وما أصعب التغيير؟!.. أم يكون كل ذلك، بسبب آخر؟! .. إن ما لاحظته كل شركات الطيران الدولية، وما أثبتته المراقبة الدقيقة، والتجارب المحكمة تقول: إنه بسبب آخر!.. فكل الطيارين العاملين على الخطوط الدولية يفضلون دائما السفر من الشمال إلى الجنوب، أو من الجنوب إلى الشمال، حيث لا توجد ( خطوط طول ) تقطع، ولا (حواجز زمنية)تجتاز! .. ويتجنبون دائما الرحلات من الشرق إلى الغرب، أو من الغرب إلى الشرق، حيث خطوط الطول تقطع، وحواجز الزمن تخترق! وتأتي التجارب لتؤكد ذلك .. فالسفر لمسافات طويلة، وبنفس الطائرات، ولنفس المسافات، لا يرافقه أي اضطراب ولا يحدث في الجسم أي خلل! إذا كانت الرحلة تتم على خطوط طول متقاربة، أو واحدة، فلا تقطع خطوط طول، ولا تقطع حواجز زمن! .. أي من الشمال إلى الجنوب أو العكس .. رغم التشابه في مشقة السفر، والغربة، وتغير مكان النوم، وتبديل مكان السكن! إذن هو سبب آخر .. هو ما ذكرناه! .. هو الإخلال بدورة الليل والنهار، بقطع هذه الحواجز الزمانية!.. هو الإخلال بدورة الضوء والظلام، باجتياز هذه الخطوط الطولية! .. فاختلت (ساعتنا الداخلية) .. واضطربت (دورتنا اليومية)!.. وللإنارة .. إجهاد .. ولكن لماذا نذهب بعيدا؟!.. لماذا نسافر من الشرق إلى الغرب، أومن الغرب إلى الشرق؟!.. لماذا نسافر من (أوكلاهوما) إلى (مانيلا)، أو من (موسكو) إلى (واشنطن)؟! أكل ذلك لنثبت أن (ساعتنا الداخلية) ستختل .. وأن (دورتنا اليومية) ستضطرب . ستختل وستضطرب، مع اضطراب دورة الليل ودورة النهار .. ومع اختلال دورة الضياء ودورة الظلام. .. التي اعتدنا عليها؟! لماذا نسافر، ونركب طائرة نفاثة، ونسير أسرع من الصوت؟! .. لماذا نسافر، وكل ( تقنيات الحضارة) .. التي (تسبب الاضطراب).. قد وصلت إلينا؟! .. فمن في هذا الزمان، ينام ويستريح، مع حلول الظلام .. و(التلفاز) (يسرح) حتى منتصف الليل. و(الفيديو) عنده استعداد أن (يعمل) حتى الصباح؟! فمن في هذا الزمان، ينام ويستريح، و(الإنارة) قد حولت (ظلامنا الطبيعي) إلى (ضياء اصطناعي)؟! .. أليس كل ذلك إخلال (بدورتنا الطبيعية)؟! .. أليس كل ذلك إخلال بدورة الليل والنهار التي اعتادها جسمنا، وانتظم وراثيا للاستجابة لها، وتوافقت معها (ساعتنا الداخلية)؟! . .. بلى! .. إذن فهل حدث الخلل في أجسامنا، كما حدث عندما سافرنا برحلتنا المجانية؟!. ما رأيك أن ننقل لك الإجابة عن لسان د. هويمار فون ديتفورت أستاذ علم النفس والأعصاب بجامعتي فورتز وهايد ليبرج .. يقول فون: (لقد لاحظ الأطباء في عشرات السنين الماضية، تزايد حالات المرضى الذين يحضرون إليهم وهم يشكون من أعراض تشبه تلك التي تظهر على المسافرين الذين يتخطون حاجز الزمن في أسفارهم الطويلة شرقا وغربا، والواقع أن هؤلاء الأطباء بدأوا يستقبلون من هؤلاء المرضى أكثر من المرضى الشاكين من أمراض عضوية يمكن تشخيصها)! . وما ذلك إلا بسبب الضوء الاصطناعي! .. فوجود الضوء الاصطناعي يسبب خللا في دورتنا اليومية،التي خلقت متوافقة مع دورة الليل ودورة النهار، ويسبب اضطرابا في نظام أجسامنا، ويعطل الانسجام بين الوظائف الحيوية، ويؤدي إلى تغيرات حيوية وكيميائية في أجسامنا، مشابهة للتغيرات التي يحدثها الإجهاد الجسدي! .. ولذلك لا نستغرب أن تسمى هذه لحالات (الإجهاد الضوئي)! و الضوء الاصطناعي هذا، هو السبب في حدوث التغيرات البيولوجية الحيوية في عملية النضج الجنسي المبكر، لدى ملايين النساء في بلدان أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية!. فالبنات في هذه البلدان، يبلغن النضج الجنسي قبل أشهر أو حتى سنين، من السن التي نضجت فيها جداتهن! .. وفي هذا ما فيه من الخطورة .. .. نضج جنسي مبكر، قبل النضج العاطفي والنفسي الموافق . فإذن لابد أن يحدث ما لا تحمد عقباه .. وقد حدث!! . وليس ذلك النهاية! .. فمستر (فون) الثاني، وأقصد عالم النفس الألماني (ف . فون . جيبساتل)، يقول: (إنه لم يكن من قبيل الصدفة أن يخترع الإنسان (برشامة) النوم والأرق والقلق، في الوقت الذي ظهر فيه المصباح الكهربائي)! ..والسبب هو .. .. (لقد اكتشف أخيرا أن الغدة الصنوبرية في الدماغ، تقوم بإفراز مادة الميلاتونين. ويزداد إفراز هذه المادة في الظلام، بينما يثبط الضوء إفرازها، وقد وجد أن للميلاتونين تأثير مباشر على النوم. ولنظام المناوبات .. مساوئ!! والآن، تذكر هذه الأقوال، وقل: (أعان الله الحراس والعمال، وسائقي القطارات، وملاحي الطائرات، والممرضات والأطباء)! لا سيما أطباء المستشفيات!! هؤلاء الذين يعملون بنظام (المناوبات) و (الورديات)! .. يوم في الصباح .. وثاني بعد الظهر، وثالث في الليل .. ثم تعود الكرة! ماذا يحدث (لساعتهم الداخلية) ? (لدورتهم اليومية)؟ .. يوم يكون (نهارهم) نهارا .. و(ليلهم) ليلا! .. ويوم بعده يكون (نهارهم) ليلا .. و(ليلهم) نهارا!! يوم يكون (ضياؤهم) .. ضياء شمس .. ويوم يكون (ضياؤهم) ..(مصباح أديسون)!. يوم يكون (ظلامهم) سواد ليل .. ويوم يكون (ظلامهم) .. إرخاء ستائر!! .. ماذا يحدث (لساعتهم الداخلية)، و(لدورتهم اليومية) .. والضوء الاصطناعي (ينبه) يوما، والضوء الطبيعي (يحجب) يوما؟ ماذا يحدث (لساعتهم الداخلية)، و (لدورتهم اليومية) .. والظلام الاصطناعي (يفرض)يوما، والظلام الطبيعي (يحل) يوما؟! لا شك أن (الساعة الداخلية) ستضطرب، وتضطرب بشدة!. وستضطرب معها (الدورة اليومية)، وتضطرب بشدة! .. كما أنها ستأخذ وقتا، حتى (تتكيف) مع الوضع الجديد، وتتعود عليه .. .. قد تستقر بعض النشاطات الجسمية في وقت قصير، مثل ضربات القلب، وإفراز الأدرينالين والنور أدرينالين .. إلا أن نشاطات كثيرة أخرى قد تتطلب أياما وأحيانا أسابيع حتى تستقر، وتتعود على (الدورة الجديدة) و(الوضع الجديد)!.. .. وخلال فترة (التكيف) و(التعود) هذه، عادة ما يحدث أن الوظائف الفسيولوجية الجسمية لا تكون قادرة على التآزر والتعاضد مع بعضها!.. وهذا بلا شك، يؤدي إلى تغيرات في الإنجاز وتغيرات في الإتقان والأداء!!.. كما سوف يقل الإنتاج، وتقل القدرة على التركيز، ويصاب الشخص بالأرق!! وليس ذلك فحسب! .. فمن الدراسات الطريفة التي قامت بها (بروان)، هو أنها درست الحياة العائلية والأحوال الصحية لعمال ورديات الليل والنهار، فتبين لها أنه تظهر عليها أعراض النوم غير المنتظم، فهؤلاء يتعرضون لقلة النوم والإرهاق ..فنومهم أقل مجلبة للراحة .. كما أن اضطرابات الجهاز الهضمي المعدي المعوي منتشر بينهم! والسبب في ذلك قلة النوم، هو أنه عادة ما يتناولون وجبات أقل انتظاما وتغذية! .. ويستهلكون مقدارا أكبر من المنبهات مثل الكافيين (الشاي والقهوة) والتبغ، (لا سيما في مناوبات الليل!) . كما أنهم يعانون من التفكك العائلي! .. حيث إن ساعات العمل الشاذة، تخلخل المقاييس العائلية بخلقها جوا مواتيا للخيانة الزوجية! .. كما تسبب التغرب عن أفراد العائلة والأصدقاء، الذين يعملون في ساعات النهار العادية!.. يقولون إن كل ذلك يحدث، إذا كان تبديل مناوبات العمل سريعا .. أي كل أسبوع، فما أن يتعود المناوب على نظام، حتى يضطر إلى تغييره، وتبديله .. فيقضي وقته هكذا بلا نوم أو يقظة كافيين. ولذلك، فإن أطباء الطب الصناعي ينادون دوما بضرورة إطالة (فترة المناوبة) لأسابيع طويلة، من شهر إلى ثلاثة أشهر، لتجنب كثرة تغير المواعيد أسبوعيا! .. وبذلك قد نتجنب ضرر (التبديل) .. لنقع في ضرر (الاستمرار)!.. فهؤلاء الذين سيعملون طويلا في الليل .. ألا نجعل حياتهم معاكسة لحياة أفراد أسرهم؟! ألا نجعل حياتهم خالية من مباهج النهار، وضوء النهار، وشمس النهار؟!.. ألا نجعل حياتهم خالية من (مسرات الليل)!!، وهدوء الليل، وسكينة الليل؟! ثم عندما ينتقلون من (دوام الليل) إلى (دوام النهار) .. .. كم يحتاجون من الوقت حتى يتأقلموا؟! .. ..كم يحتاجون من الزمن حتى يعتادوا؟!. .. وكم اضطراب في أبدانهم .. سيشهدون؟!. وكم خلل في أجسامهم .. سيصابون؟!.. إنه (عصر) يشهد (غلبة الآلة على الإنسان (!) الذي يجر إلى العمل خلافا لطبيعته، ونتيجة لهذا، تأثر جميع الفئات التي ينتمي إليها الفرد، كالعائلة والأصدقاء والنوادي) كما يقول عالم النفس في جامعة فلوريدا الأمريكية، ويلس ويب!. وعلى الهامش نقول: كان الله في عون هؤلاء (المساكين) لا سيما أطباء المستشفيات الذين يبدل دوامهم كل يوم؟! .. فما الذي يحدث لهم .. و(ساعتهم) في اضطراب مستمر .. و(دورتهم) في اختلال دائم؟ لا حياة .. بليل بلا نهار، أو نهار بلا ليل!!.. وهكذا، فكل خلل يطرأ على دورة الضياء، ودورة الظلام .. على دورة الليل، ودورة النهار .. يؤدي إلى خلل في (ساعتنا الداخلية) واضطراب في (دورتنا اليومية)!.. .. (فدورتنا اليومية) تسيطر عليها (ساعتنا الداخلية) .. (الساعة) التي تأقلمت، واعتمدت على دورة الليل، ودورة النهار .. دورة الضوء، ودورة الظلام (الطبيعية)! .. فلا بد من هذه الدورة .. دورة الليل ودورة النهار! .. لا بد من ليل .. ولا بد من نهار! .. لا بد من ضياء وظلمة .. ونور وعتمة! .. لا بد .. حتى يعيش الإنسان والحيوان والنبات! .. لا بد .. حتى تستمر الحياة .. وتستقر! .. ذلك تقدير العزيز العليم! .. وتلك حكمة الخبير الحكيم! .. وهذه نعمة الرحيم الكريم! فلا حياة بلا ليل ..و لا استمرار بلا نهار! . فلا استقرار بلا ظلام .. ولا نشاط بلا ضياء!.. .. تلك سنة الله، وتقدير الله، ورحمة الله!. (قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون ) القصص : 71 . لا أحد غيرك يا رب! .. أنت الأرحم بعبادك .. والأكرم! كيف نعيش بلا ليل بلا نهار؟ وبظلام بلا ضياء؟! وبعتمة بلا نور؟ ما أصعب أن ينمحي الضياء من الوجود! .. ما أصعب أن يختفي النور من الحياة، هذا إذا بقيت حياة!! جرب ذلك! .. أغمض عينيك .. ثم اقض حاجاتك! كم تستطيع أن تستمر .. ثوان! ..دقائق .. ساعات! .. وبعد؟! كل ذلك والضوء لا يزال موجودا ينشط جسمك، ويمنحك الحيوية والإشراق! كل ذلك والضوء لا يزال موجودا، يشكل لك بأشعته فوق البنفسجية، فيتامين (د) في جلدك فيحميك من ضعف العظام ولينها! كل ذلك والوضوء لا يزال موجودا ( أي أشعة الشمس ) يطهر جسمك من جراثيم عالقة به! كل ذلك والضوء لا يزال موجودا، يقوم لك بأهم عملية يتوقف عليها استمرار حياتك! عن طريق النبات، بتمثيله الضوئي، وتشكيله الأكسجين وإطلاقه، لتتنفسه أنت أيها الإنسان، ولا تستطيع أن تتخلى عنه دقائق معدودات. كل ذلك والضوء لا يزال موجودا .. يفعل! .. يدفئ!.. يشكل! .. يقدم .. ينشط!، .. يصنع! فكيف نعيش .. بليل بلا نهار؟. بعتمة بلا ضياء؟! بظلمة بلا نور؟! .. رحماك يا رب! ( قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة، من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه؟ أفلا تبصرون ) القصص: 72. لا أحد غيرك يا رب! . أنت الأرحم بعبادك .. والأكرم! كيف نعيش نهارا بلا ليل؟! .. ضياء بلا ظلام؟! .. نورا بلا عتمة؟! أين السكون؟! .. أين الاستقرار؟!.. أين الراحة؟! . . أين الهدوء؟! أين (نور القمر الساحر)، و(همسات الغزل الحلال)؟! ما الذي سوف يحدث لنا؟ لقد جربت بعض التجارب على الحيوانات .. فعرضت لضياء مستمر، ونهار دائم!..فاختلت (تواتراتها اليومية)، وتأثرت تأثرا بالغا!. ورغم أن (الساعة البيولوجية الداخلية) حاولت التكيف مع هذا الضوء المتصل، إلا أن: كل الأبحاث الحديثة تشير إلى عطب في تنظيم درجة الحرارة!..وهذا الأمر له من الأهمية، وله من الخطورة، وله من الحيوية .. الشيء الكثير!!. وتشير إلى الجهاز التناسلي لهذه الحيوانات، أصيب بتغيرات غريبة! .. فلقد شوهد مثلا عدم انتظام الدورات التناسلية، وقصرها عند البط الذي عرض للضياء الصناعي المستمر! .. كما وجد أيضا، عند الثدييات عديدات الدورات النزوية Polyoestrous، أن التعرض الطويل، أو المستمر للضوء، يغير في الوظيفة المبيضية أو الخصيوية على السواء!. ( ومن رحمته أن جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه و لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون)القصص :73 إنها رحمة الله! .. رحمة الله .. في وجود الليل، ووجود النهار! .. رحمة الله .. في وجود الضياء، ووجود الظلام! .. رحمة الله .. في وجود النور، ووجود العتمة! .. رحمة الله .. في وجود ( الجديدين )! .. لتستمر الحياة! .. ليستمر العطاء والنماء! .. .. ليستمر التكاثر .. وعمارة الأرض!! هل سمعت بالغدة الصنوبرية (الجسم الصنوبري pyneal Body )؟! ماذا؟! وما دخل ( الصنوبرية ) بعتمة وضياء .. وتكاثر ونماء؟! .. مهلا!!. استمع إلي .. ثم قرر!! حجم صغير وفعل كبير! الغدة الصنوبرية، غدة صغيرة لا يزيد وزنها عن (120) ملغ! لا تزيد عن (5-9) ملم طولا، و(3- 6) ملم عرضا و(3- 5) ملم سماكة!.. موجودة على الوجه الخلفي العلوي للبطين الثالث، أحد الأجواف الموجودة في الدماغ، أمام الحديبات التوأمية الأربعة، عناصر موجودة في الدماغ، هذه الغدة تقوم بوظيفة ناقل عصبي صماوي، أي غدة صماء تلقي بمفرزاتها في الدم، حيث أنها تتلقى معلومات دورية، عصبية ودية، تنشأ عن تأثير الضوء المحيطي على شبكية العينين، واستجابة لهذه المعلومات، ونتيجة لعمل خميرة ( 5 هيدروكسي ايندول 5 ميتيل ترانسفيراز 5-Hydroxy - Indol - O _ Meethy1 Transferase ) والتي توجد بكمية كبيرة، فقط في هذه الغدة، يتركب الميلاتونين Melatonin، الذي لم يكتشف إلا في عام 1958 م! ويفرز في مجرى الدم أو السائل الدماغي الشوكي، ليعمل على الدماغ، مؤثرا على عدة أحداث فيزيولوجية مثل: بدء البلوغ، والإباضة والنوم! وقد يؤثر تأثيرات فيزيولوجية مباشرة على الغدد التناسلية، مثبطا نضجها ووظائفها!.. فلقد وجد أنه عندما تزرع كميات ضئيلة منه في الناتئ المتوسط لتحت المهاد، أو في التشكلات الشبكية للدماغ المتوسط، تتوقف الزيادة التي يحدثها (الإخصاء) عادة، في الحاثة الخلالية النخامية! .. وكذلك يكبح الميلاتونين المحقون في السائل الدماغي الشوكي، إفراز الحاثة الخلالية النخامية، كما أنه يزيد من إفراز البرولاكتين أي هرمون اللبن!. ومن الممكن أن يكون له أيضا تأثير مثبط على وظائف الغدة الدرقية، وقشر الكظر!.. كما يؤثر أيضا على السلوك! .. وعلى تخطيط الدماغ الكهربائي!.. كما أن إعطاءه يغير من مستوى السيروتونين في الدماغ! .. والسيروتونين مادة لها تأثير فيزيولوجي حيوي على الجسم .. لأنها تقبض العضلات الملساء في الأوعية الدموية، والقصبات، والأمعاء، كما تنبه أو تثير الدماغ! ونتيجة لتبدل الضوء المحيط ما بين ليل ونهار، ظلمة وضياء .. فإن إنشاء الميلاتونين وإفرازه يتبدل دوريا خلال الأربع والعشرين ساعة اليومية!!. فالضوء المحيطي هو الذي يضبط تركيبه وإفرازه .. وهذا التغير في إفرازه يزود الجسم (بساعة منظمة) دائرة، تخضع مباشرة للضوء في المحيط . انظر إلى الوظائف التي يتدخل فيها الميلاتونين ..وإلى الأعضاء التي يؤثر عليها الميلاتونين! ثم تذكر ما وجدوه في التجارب .. من أن الضوء يزيد الـFSH أي الحاثة الجريبية التي تحرض نمو الجريبات في المبيض عند الأنثى، مما يؤدي إلى نضج الجريب وحدوث الإباضة، وإفراز الاستروجين .. وتؤدي عند الذكور إلى تحريض الأنابيب المنوية في الخصيتين لتكوين الحييات المنوية أو الإنطاف، أي تشكيل النطف في النخامى .. بينما يزيد الظلام الـLH أي الحاثة الخلالية، وهي تساعد الحاثة الجريبية على الإباضة وإفراز الاستروجين .كما تحث على تكوين الجسم الأصفر، الذي يفرز البروجسترون والاستروجين، عند الإناث . وعند الذكور تسمى ICSH، وهي تؤدي إلى نضج خلايا ليدك في الخصية، وتحرضها على إفراز التستوستيرون!. وهكذا فلتناوب الليل والنهار أثره في .. (انتظام الدورة التناسلية عند المرأة). و(فاعلية الرجل الذكرية)!.. .. والآن .. تذكر هذا .. وتذكر ذاك . ثم اقرأ قوله تعالى (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا)الفرقان : 62 ولاحظ اختيار لفظ .. (خلفة)!!. ثم قل: سبحانك يا رب! .. سبحانك ما أعظم شأنك! .. سبحانك ما أرحمك، وما أكرمك!! جعلت ليلا، وجعلت نهارا! .. خلقت ظلمة، وخلقت ضياء!.. أمرت فكانت عتمة، وأمرت فكان نورا! ليل فيه نسكن .. ونهار فيه نرزق! .. ليل فيه نستريح، ونهار فيه نسعى! ليل فيه هدوء وسكون .. ونهار فيه حركة وعمل!.. ليل فيه نوم واسترخاء .. ونهار فيه يقظة ونشاط! .. .. ويتعاقب الليل والنهار، ويدور الليل والنهار، ويتبادل الليل والنهار! .. ونحن معهما .. ندور دورتين! .. ونرحل رحلتين! .. رحلة نوم .. ورحلة يقظة! .. رحلة يقظة .. فيها تعب وكد .. عمل وكدح .. نشاط وحركة! . ورحلة نوم .. فيها راحة وهدوء .. سكن واسترخاء .. تجدد ونماء ..و..وسادة حلم!!. سيتم نشر الفصل الخامس من كتاب النوم أسراره وخفاياه يوم السبت 26 ذو القعدة 1422هـ الموافق 9 فبراير 2002م . ???