عمر الفرا .. سجين حمدة يتمرد عليها

الشاعر الشعبي السوري عمر الفرا ليس مجرد شاعر شعبي يكتب للأرض والحب والمجتمع والصحراء والشخوص الشعبية التي تتراءى في قصائده فحسب، بل استطاع أن يخرج شعره من صحراء البادية السورية إلى فضاءات أرحب عبر قصائد رددها الكثيرون وراءه. ولد عمر الفرا في تدمر في قلب الصحراء السورية عام 1949، حيث أنهى مرحلته الابتدائية هناك قبل أن ينتقل ليسكن مدينة حمص القريبة من تدمر، وهناك ابتدأ مشواره الأدبي بكتابة الشعر الفصيح المقفى والموزون، وهو في عامه الثالث عشر. عندما بلغ عمر الفرا عامه الرابع والعشرين تحول إلى كتابة الشعر الشعبي الذي انتشر كما النار في الهشيم، وتعلق به الناس وحفظه الأطفال عن ظهر قلب في بلاد الشام. قضى الفرا أكثر من 17 عاما في مهنة التدريس، ثم تفرغ للأنشطة الشعرية، وله خمسة دواوين شعبية وديوان باللغة العربية الفصيحة من الشعر المقفى الموزون. في معتقل حمدة اشتهر الفرا عربيا عبر قصيدته الشهيرة قصة حمدة التي حملت في طياتها الكثير من الرفض والتمرد: ما أريدك..ما أريدك.. حتى لو..تذبحني بايدك ما أريدك ابن عمي..ومثل اخوي ودم وريدي..من وريدك أما خطبة..لا يا عيني لاني نعجة...تشتريها ولاني عبدة...من عبيدك ما أريدك... فقد اقترن اسمه بـقصة حمدة، وسكنته حتى بدا وكأنه عاجز عن الابتعاد عنها أو كتابة ما يفوقها، بل حتى أن يقاربها. يقول الفرا: هذا غير صحيح، ويتابع معظم قصائدي أجمل من قصيدة حمدة ولكن هذه القصيدة علقت في أذهان الناس، وتطلب مني في أي أمسية،ولدي عدد كبير من القصائد الجميلة التي لم يسمعها الناس، لهذا أحاول في الأمسيات تجنب إلقاء قصيدة حمدة وألقي قصائد أخرى تلقى إعجاب الناس . والفرا ليس شاعرا شعبيا فحسب، بل كتب الشعر الفصيح أيضا: أنا معكم بما شئتم..وهذا الشعر لي ولكم.. لأجل عيونكم أحيا لأجل قلوبكم قلمي وزفرة واحد منكم تمزقني من الألم لكم حبي لكم قلبي لكم شعري ووجداني وأفكاري أقسمها فنصف للتي أهوى وأنتم نصفها الثاني.. فلم نجد أجمل من هذه الخاتمة للقائنا مع الشاعر السوري عمر الفرا. من قصيدة كل ليلة كل ليلة حين اتذكرك يجري معي المامر معك من غير إرادة ارتعش طير بمطر صاده شرك يختل توازن هالفكر دوامة تسرح بالفلك تتزاحم براسي الصور جسمي انتهى وروحي بسفر ورعشة برد فوق الجلد تحت الجلد يسري الخدر للشاعر الفرا ديوانان حديثان ، الأول من الشعر الشعبي تحت عنوان كل ليلة والثاني باللغة الفصيحة تحت عنوان الغريب.