أمير المؤمنين الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه

نسبه: هو معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي الأموي، أبو عبد الرحمن، وأمه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس. نشأته ومولده: نشأ معاوية رضي الله عنه في بيت عز وشرف فأبوه هو أبي سفيان صخر بن حرب سيد قريش بلا منازع وصاحب الأمر فيها وهذا أكسبه قدرة على مسايسة الأمور والتعامل مع الناس على اختلاف أجناسهم. وقد بدت النجابة على معاوية مبكرا وظهر ذلك في تصرفاته وأفعالهم مما جعل أمه هند بنت عتبة تؤمل فيه آمالا كبيرة وتتوقع له مستقبلا عظيما حيث كانت تعتقد أنه سيسود العرب جميعا ولذلك لما قال لها أبو سفيان: إن ابني هذا لعظيم الرأس، وإنه لخليق أن يسود قومه فعندئذ قالت هند: قومه فقط؟! ثكلته إن لم يسد العرب قاطبة. إسلامه: أسلم معاوية عام الحديبية وكان يكتم إسلامه من أبي سفيان حتى دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فأظهر إسلامه وقيل أسلم هو وأبوه يوم فتح مكة، شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحروب حنينا والطائف وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من غنائم حنين مائة من الإبل وأربعين أوقية من الذهب وكان من المؤلفة قلوبهم. ويقول ابن سعد في بيان سبب إخفاء إسلامه: وكان يذكر أنه أسلم عام الحديبية وكان يكتم إسلامه من أبي سفيان، قال معاوية: فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح فأظهرت إسلامي ولقيته فرحب بي وذكر سبب إخفائه إسلامه أنه قال: أسلمت قبل عمرة القضية ولكني كنت أخاف أن أخرج إلى المدينة لأن أمي كانت تقول إذا خرجت قطعنا عنك القوت. زوجاته وأولاده : أما نساؤه وأولاده، فقد تزوج معاوية رضي الله عنه من فاختة بنت قرظة فولدت له عبد الرحمن وبه يكنى، وعبد الله. وتزوج ميسون بنت بجدل فولدت له يزيد وبنتا سماها أمة رب المشارق. صفاته وأخلاقه: اشتهر معاوية بن أبي سفيان، بأنه أحد دهاة العرب البارزين، فصيحا، حليما، وقورا، جذل الرأي، كريما، طموحا، ذو شخصية فذة، ومواهب سياسية متميزة. وقد سبق ما قيل لأمه ذات يوم: إن عاش معاوية ساد قومه. فقالت: ثكلته إن لم يسد قومه. وهذا ما حدث بالفعل، فكان معاوية متميزا بذكائه منذ الصغر. فقد تعلم الكتابة والحساب فأصبح في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أحد كتاب الوحي المعروفين وكان من الموصوفين بالدهاء والحلم، مهيب الطلعة، بعيد الأناة، أول من اتخذ الحرس من الخلفاء وأول من اتخذ ديوان الخاتم وحزم الكتب وكان رضي الله عنه، طويلا أبيض أجلح، والجلح انحسار الشعر على جانبي الرأس، جميلا إذا ضحك انقلبت شفته العليا، وكان أبيض الرأس واللحية يخضبها بالحناء والكتم، وكان يصفر لحيته كأنها الذهب وكان حليما وقورا رئيسا سيدا في الناس كريما عادلا شهما وكان من الموصوفين بالدهاء مهيبا. فضله في الإسلام: كان معاوية أحد كتاب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما من السنن والمسانيد وروى عنه جماعة من الصحابة والتابعين، جاهد وفتح البلاد بعد ما تولى الإمارة بعد وفاة أخيه في عهد عمر ثم عهد عثمان ثم في عهد علي توليه الخلافة وأهم أعماله: لما قتل علي رضي الله عنه بايع أهل العراق ابنه الحسن رضي الله عنه فلم تمض سنة حتى قام الحسن بن علي رضي الله عنه بالمصالحة مع معاوية رضي الله عنه على أن له الخلافة وذلك لما حقنا لدماء المسلمين، وكان ذلك في سنة أربعين من الهجرة فاستقرت الخلافة عند ذلك لمعاوية بن أبي سفيان وأصبح أمير ا لمؤمنين بلا منازع. ويقال كانت إمارته عشرين سنة وخلافته عشرين سنة. ومن أهم أعماله: 1-تنظم البريد بطريقة لم تعرف من قبل حيث جعل له محطات تقف بها الخيول المجهزة لاستلام البريد ثم نقله إلى المحطة التي تليها وهكذا أصبحت أخبار الدولة الإسلامية تصل إلى الخليفة بسرعة وأمان. 2-أنشأ ديوان الخاتم، وفيه تسجل أوامر الخليفة وتحفظ نسخة منه في الديوان وتختم الأصل بالشمع ثم ترسل إلى أصحابها. 3-حصن الثغور الإسلامية حيث قام ببناء وترميم الحصون والقلاع على حدود الدولة الإسلامية الشمالية وأمدها بالجنود المرابطين كما أنشأ فرقا استطلاعية منظمة لمهاجمة المواقع البيزنطية في فصلي الشتاء والصيف عرفت بالصوائف والشواتي. 4-اهتم بالبحرية الإسلامية فقام ببناء مراكز السفن الحربية حتى أصبح الأسطول الإسلامي في عهده يتألف من 1700 سفينة. 5-تابع الفتوحات الإسلامية في أراضي الدولة البيزنطية وأواسط آسيا وشمال أفريقيا. وفاته: خطب معاوية قبل مرضه فقال: إني كزرع مستحصد وقد طالت إمرتي عليكم حتى ملتكم ومللتموني وتمنيت فراقكم وتمنيتم فراقي ولن يأتيكم بعدي إلا من أنا خير منه كما أن من قبلي كان خيرا مني. وقد قيل من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، اللهم إني قد أحببت لقاءك فأحبب لقائي وبارك لي فيه فلم يمض غير قليل حتى ابتدأ به مرضه محذر ابنه من النفر الذين لم يبايعوه وحذره أشد الحذر من ابن الزبير. وكان موت معاوية في شهر رجب بدمشق وكانت مدة خلافته استقلالا من جمادى سنة إحدى وأربعين حين بايعه الحسن بن علي، تسع عشر سنة وثلاثة أشهر وكان عمره ثلاثا وسبعين سنة وقيل ثمانيا وسبعين سنة. وكان قبل وفاته قد بايع لابنه يزيد بن معاوية بالخلافة من بعده وأخذت له البيعة في الأمصار ولم يخالف في ذلك إلى الحسين بن علي وبعض الصحابة الذين رفضوا مثل هذه البيعة وقالوا لا نبايع لخليفيتن في وقت واحد وقد حاول معاوية جهده في إتمامه هذه الخلافة لابنه يزيد رحمه الله وغفر له .