الشيخ ابن عثيمين.. روح رحلت ولكن فكرها يزداد إشعاعا!!

??اسم الكتاب: 14 عاما مع سماحة العلامة الشيخ محمد بن عثيمين اسم المؤلف: عبد الكريم بن صالح المقرن الناشر: دار طويق للنشر والتوزيع طبعة أولى 2001م ? فجع العالم الإسلامي في شهر شوال من عام 1421هـ بوفاة أحد علمائه الكبار، وهو العالم الجليل سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، أحد علماء المملكة العربية السعودية، الذين كان لهم عظيم الأثر في الدعوة للإسلام ونشره وتعليمه، والدفاع عن الإسلام وتبسيط مفاهيمه وتطرية القلوب به، وكان رحمه الله مدرسة بذاته تخرج على يديه جيل كبير من الدارسين وعلماء الدين الذين أثروا الفكر الإسلامي بما قدموه للمنبر الإسلامي من إضافات تنويرية، وإضاءات مباركة. شاهد من قريب ألف هذا الكتاب المؤلف عبد الكريم بن صالح المقرن، وهو شاهد من قريب، بل وشارك الشيخ فى رحلة طويلة وهي رحلة التوجيه الديني للعامة عن طريق الإذاعة، فيقول المؤلف: وقد من الله علي بملازمة شيخنا في برامجه الإذاعية رأيت فيه سيرة السلف الصالح في الزهد والتواضع وفي العلم والتعليم، وقضاء حوائج المسلمين، مع ورع وتقى، وعبادة وجهاد، فكنت خلال لزومي له تمر المواقف العظيمة أمامي، فتحفز في قلبي حبه وإجلاله. تعريف وتاريخ الشيخ ابن عثيمين هو اسم الشهرة لهذا العالم الجليل، الإمام العلامة المفسر الفقيه الفرضي الأصولي أبو عبد الله محمد بن صالح بن محمد بن سليمان بن عبد الرحمن بن عثيمين، وينتهي نسبه إلى الوهبة، من تميم، القبيلة المعروفة. ولد رحمه الله في مدينة عنيزة في 27 رمضان من عام 1347هـ، وتعلم الخط والحساب واللغة العربية والأدب العربي، وحفظ القرآن الكريم على جده لامه، وتتلمذ على يد شيوخ كبار منهم الشيخ علي الحمد الصالحي والشيخ محمد بن عبد العزيز المطوع والشيخ ابن عودان والشنقيطي. وكان قريبا ومقربا من الشيخين الفاضلين الشيخ ابن باز والشيخ السعدي حيث درس على يديهما، وصاحبهما في الوقت نفسه. منهج الشيخ يتحدث المؤلف عن منهج الشيخ وفكره، فبجانب أنه رجل علم ودين فإنه لم يكن منغلقا على نفسه أو على من حوله، بل إن له مشاركات ومساهمات عامة وهامة، فكان يعمل على نشر رسالة التوحيد بكل وسيلة متاحة، عن طريق التأليف الكتابي والتسجيل على الأشرطة، وإلقاء والمحاضرات في الجوامع وفي الجامعات، وفي النوادي أيضا، كما أنه استخدم الإذاعة وجعلها منبرا يدعو إلى الإسلام ونشره، فهو دائب النشاط والهمة في سبيل نشر وتوضيح الرسالة النبوية. وكان لا يكتفي بشرح من سبق واتباعه، بل انه يعمل على تحيق المفاهيم الدينية معتمدا على الأدلة القوية دون تعصب مذهبي أو فكري. وقد نشر هذا المنهج على طلبته، فكان يطلب منهم البحث والدراسة فيما يدرسون وفيما يطلبه منهم، ويدربهم على الاستنباط والاستنتاج، ويسألهم ويناقشهم، ويقبل منهم ويعارضهم، ويقبل معارضاتهم ويناقشها معهم. آثاره الفكرية ترك رحمه الله العديد من المؤلفات والنشرات والتي زادت عن خمسين مؤلفا، جميعها تنصب في باب التنوير والتوضيح والشرح والرسائل الإسلامية. ومنها: أصول التفسير، وكتاب شرح أصول الإيمان، وكتاب عقيدة أهل السنة والجماعة، وكتاب مصطلح الحديث، وهناك تفسير آيات الأحكام ولكنه لم يكتمل. ومن الرسائل المشهورة: رسالة في أحكام الميت وغسله، ورسالته في سجود السهو. ورسالة في المسح على الخفين، ورسالة في قصر الصلاة للمبتعثين. قصص من حياة الشيخ يروي الكاتب بعض القصص والحوادث التي حضرها وحدثت بوجوده مع الشيخ أثناء تسجيل حلقات (نور على الدرب)، وهو برنامج ديني تقدمه الإذاعة السعودية: كان المؤلف يقوم بعملية تسجل إحدى الحلقات في بيت الشيخ في مدينة عنيزة، وفي أثناء التسجيل سمع طرقا على الباب، فإذا به عامل السباكة الذي استدعاه الشيخ من سابق، لإصلاح بعض المواسير العاطلة في بيت الشيخ، فما كان من الشيخ إلا أن يستأذن الموجودين ويعتذر منهم، ويطلب السماح له بنصف ساعة، ليساعد ويشرف على عمل السباك، وفعلا تم ذلك للسباك الذي أنهى المهمة بمساعدة الشيخ الجليل الذي كان معه يمسك له ويناوله معدات وأدوات العمل. كما يذكر المؤلف حادثة أخرى عندما كان يدعوه الشيخ إلى العشاء أو لشرب الشاي والقهوة عنده، وكيف كان هذا الشيخ هو الذي يحضر الأكل ويقدم القهوة والشاي، وكان الضيف يقوم بصب القهوة والشاه احتراما وتقديرا للشيخ الذي يخدم الجميع بنفسه، بدون الاستعانة بخدم. كان الشيخ يقضي جميع أوقاته في العمل وفي سبيل الدعوة، حتى في وقت تناول الطعام، حيث كان يجيب على الاتصالات الهاتفية ويوقتها مع فترة الغذاء، حيث يستمع إلى الأسئلة ويجيب عليها وهو يتناول طعامه. ويذكر المؤلف أيضا قصصا عديدة عن حب الناس للشيخ، وحبه لهم، ومنها قصته عندما ركب الشيخ مع المذيع في سيارته المتواضعة، وكانت السيارة قديمة ويصعب إنزال زجاج النافذة فيها، فاعتذر المذيع عن ذلك لخرابها، ولكن الشيخ أصر على ان تكون الزجاجة التي بجواره مرخية، لكي يستطيع ان يسلم على الناس (وما أكثرهم ) مباشرة وليس من خلف الزجاج. كتاب جميل وتصوير دقيق لحياة شيخ فاضل من قرب ومن داخل بيت الشيخ، ومن مجلسه. ومنه يعرف القارئ سبب شهرة هذا الشيخ وعلو مكانته، وسبب حب الناس له، واستماعهم لما يقول، لأنه عالم ورع ومطلع واسع الاطلاع ومتواضع وصادق ومحب للناس وللخير. ???