الاستقامة .. هل أعطيناها حقها؟

الاستقامة من أجل ما أمر الله به جل وعلا نبيه وعباده المؤمنين يقول سبحانه مخاطبا نبيه عليه الصلاة والسلام فلذلك فادع واستقم كما أمرت... ويقول مخاطبا عباده فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين بل ويمتدح أولئك الذين استقاموا على الحق مبينا ما لهم من الأجر والثواب بقوله إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون&# 1645; نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم الآية والنبي صلى الله عليه وسلم يوصي أحد أصحابه بقوله قل آمنت بالله ثم استقم فالاستقامة إذن أمرها عظيم ومكانتها سامية، وجدير بالمؤمن الحق أن يتعرف على الاستقامة وحقيقتها وأسبابها وما يتعلق بها ليغنم بها في الدنيا ويسعد بها في الآخرة، وهذا هو ما تحدثنا عنه الأختان الفاضلتان أم مجاهد وأم محمد: تعريف الاستقامة: معنى الاستقامة: الاعتدال، تقول: أقام الشيء واستوى واستقام. قال القشيري: الاستقامة درجة بها كمال الأمور وبوجودها حصول الخيرات ونظامها، ومن لم يكن مستقيما في حالته ضاع سعيه وخاب جده. وقيل: الاستقامة لا يطيقها إلا الأكابر، لأنها الخروج عن المعهودات ومفارقة الرسوم والعادات والقيام بين يدي الله تعالى بالصدق. وقال الواسطي: هي الخصلة التي كملت بها المحاسن. وقال ابن رجب: الاستقامة هي سلوك الصراط المستقيم، وهو الدين القويم من غير تعويج عنه يمنة ولا يسرة، ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها الظاهرة والباطنة، وترك المنهيات كلها كذلك، فصارت هذه الوصية جامعة لخصال الخير كلها في قوله- صلى الله عليه وسلم- قل أمنت بالله ثم استقم (رواه البخاري ومسلم). وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن تستقيم على الأمر و تتجنب المنهي ولا تراوغ روغان الثعلب. أهمية الاستقامة: مما يدلل على أهميتها أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها، قال الله تعالى: فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يحكم بيننا وإليه المصير (الشورى:&# 1633;&# 1637;) قال ابن عباس رضي الله عنه: ما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع القرآن آية كانت أشد ولا أشق عليه من هذه الآية. وعن الحسن قال: لما نزلت هذه الآسية شمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رؤي ضاحكا. أسباب الاستقامة: إن الاستقامة كغيرها من متطلبات العبد المسلم التي يسعى في تحصيلها والبحث عن الأسباب التي توصله إليها لهذا إليك بعضا من أسبابها: &# 1633;-توفيق الله عز وجل لهذا العبد للهداية، وشرح صدره للإسلام وتوفيقه للطاعة والعمل الصالح، لأن هذه الهداية بيد الله وحده، قال تعالى : فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام (الأنعام:&# 1633;&# 1634;&# 1637;) ، وقال تعالى : أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه (الزمر:&# 1634;&# 1634;) &# 1634;- الاستغفار والتوبة: فالاستقامة لا يمكن أن تجتمع هي والمعاصي في قلب عبد مؤمن لأن الاستغفار سلاح يقصم ظهر الشيطان، قال تعالى إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون (الأعراف:&# 1634;&# 1632;&# 1633;)، وقال سبحانه: وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون (النور:&# 1635;&# 1633;)، وقال تعالى:فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين (فصلت:&# 1638;) &# 1635;-الذكر والدعاء: وهما من أقوى الأسباب في الثبات على الاستقامة، قال تعالى: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون (البقرة: &# 1633;&# 1640;&# 1638;). كما أخبرنا أيضا أن القلوب لا تطمئن إلا بذكر الله تعالى: الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب (الرعد:&# 1634;&# 1640;). وقال عليه الصلاة والسلام:إني لأتوب إلى الله وأستغفره في اليوم مائة مرة &# 1636;-محاسبة النفس وإتباع السيئة الحسنة إذا ارتكب السيئة قال تعالى: ( والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار) (الرعد&# 1634;&# 1634;) &# 1637;- ما قد يحصل للمسلم في هذه الحياة من مواقف ومصائب يهتز لها وجدانه ويفيق بسببها من سبات الغفلة واللهو، والسعيد من وعظ بغيره. ثمرات الاستقامة: &# 1633;-إن الاستقامة ثبات وانتصار وشجاعة وفوز في معركة الطاعات والأهواء والرغبات، ولذلك استحق الذين استقاموا أن تتنزل عليهم الملائكة في الحياة الدنيا ليطردوا من حياتهم الخوف والحزن وليبشروهم بالجنة وليعلنوا وقوفهم إلى جانبهم في الدنيا والآخرة، قال تعالى: إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون . نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون . نزلا من غفور رحيم (فصلت:&# 1635;&# 1632;-&# 1635;&# 1635;).وقال تعالى: إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون (الأحقاف:&# 1633;&# 1635;،&# 1633;&# 1636;) &# 1634;-دوام الصلة بالله عز وجل وطمأنينة القلب وراحة البال حيث أن الذي استقام على دين الله عرف حق الله فقام به على الوجه الذي يرضيه سبحانه وتعالى. &# 1635;-أن الله - عز وجل- جعل لهم دار السلام، وجعل سبحانه: وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون. لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون (الأنعام:&# 1633;&# 1634;&# 1638;) &# 1636;-حب الناس واحترامهم وتقديرهم للمستقيم سواء كان صغيرا أو كبيرا على ما يظهر عليه من حرص على الطاعة والخلق الفاضل. &# 1637;-إن من أهم ثمرات الاستقامة أنها تعصم صاحبها بعد توفيق الله عز وجل من الوقوع في المعاصي وسفاسف الأمور ومخالطة السفلة من الناس والتكاسل في الطاعة. &# 1638;-الاستقامة سبب في بسط الرزق والتوسع في الدنيا، قال تعالى:( وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا &# 1645; لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا) (الجن:&# 1633;&# 1638;،&# 1633;&# 1639;) &# 1639;-كلما ازداد المسلم استقامة اشتد قرب الملك منه؛ تكلم على لسانه، وألقى على لسانه القول السديد، وإذا بعد عن الله قرب الشيطان منه فتكلم على لسانه وألقى عليه قول الزور والفحش. وكان أحدهم يسمع الكلمة الصالحة من الرجل الصالح فيقول: ما ألقاها على لسانك إلا الملك. &# 1640;-ومن ثمرات الاستقامة حلاوة يجدها العبد الصالح في قلبه حتى قال أحد السلف: إنه ليمر بالقلب أوقات أقول فيها: إن كان أهل الجنة في مثل هذا اليوم إنهم لفي عيش طيب. ومنهم من قال: لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من نعيم لجالدونا عليه بالسيوف. &# 1641;-إذا كانت الذنوب مغبة على العبد في الدنيا والآخرة فإن الاستقامة أعظم نعمة أنعم الله بها على العبد. يقول ابن القيم رحمه الله: من أعظم عقوبات الذنوب الخروج عن الصراط المستقيم في الدنيا والآخرة. ومن أراد الاستزادة في مغبة الذنوب وآثارها فليراجع ما قاله ابن القيم في كتابه: (الداء والدواء) نقلا من كتاب معوقات في طريق استقامة الفتاة المسلمة