قبور الغرباء.. مجموعة قصصية تحاكي الهم الفلسطيني بأسلوب شفاف

??اسم الكتاب : قبور الغرباء اسم المؤلف : عدنان كنفاني الناشر : مطبعة اليازجي، دمشق 2001م ??الفلسطيني غالبا مايكون مسكونا بهواجس من قصص مختلفة تتداخل فيها معاني الغربة، الهجرة، السجن والنفي. وجميعها قصص تمثل المآسي والأحزان، حتى ولو كانت من قصص البطولة والتضحية، سنجد أن هناك طرفا حزينا أو مكسورا. إنها قصة المأساة المتكررة، ولكن كل قصة تختلف عن الأخرى، كما يختلف الأشخاص والصور والأماكن والأزمان . وفي هذا الكتاب مجموعة قصص من حياة الفلسطينيين في الغربة والشتات، يكتبها أحد أطرافها والشهود عليها، حيث إن الكاتب هو أحد أبناء فلسطين، ومن أسرة معروفة بانتسابها للمقاومة المنظمة، والمقاومة الفكرية. مقدمة فريدة يطرح الكاتب فلسفته في مقدمة الكتاب، والتي يراها ضرورية، ولكن المؤلف يقول إن الحيرة فيمن يكتبها، فهو يرى أنها عادة تكتب من قبل ثلاثة أشخاص إما المؤلف، وإما شخص آخر وهو عادة مقرب للكاتب، أو الناشر، ويرى أن كلا منهم لن يقول الحقيقة، ولن يعطي للقارئ الصورة الحقيقة لواقع الكتاب. ويرى أن كتابة المقدمة من قبل شخص آخر غير المؤلف، كاتب آخر ينتسب إلى الأدب أو الفكر ليكتب المقدمة فإنه عادة سيجامل، ويكتب ما يرضي صاحب المؤلف، لذا فنحن نجد المدح الكثير في المقدمات حتى ولو كان الكتاب أو المؤلف لا يستحق هذا الثناء والمديح. وكذلك المؤلف والناشر، فكلاهما لن يكتبا إلا بما يفيد توزيع الكتاب، وقبوله من قبل القراء، لذا فإن المؤلف يرى أن أحسن من يكتب المقدمة هو القاري، ويترك للقارئ الحق في كتابة ما يشاء من مقدمة للكتب. عشر قصص يطرح الكاتب في مؤلفه هذا عشر قصص عن الأحداث في فلسطين، يستقيها من الواقع المر أو واقع المقاومة الفلسطينية، وبعض القصص تتحدث عن غربة الفلسطينيين التى كتبت عليهم، والتي نجح البعض منهم فيها، والآخرون يصارعون من أجل البقاء والاقتناع والرضا بما كتب عليهم من شظف في العيش أو قسوة في الحياة. الكاتب لا يلتقط صور الحياة فقط من واقع الحياة الفلسطينية، ليبني عليها قصصه، بل إنه يستخدم قدراته الأدبية الواضحة ليعبر عن أفكاره في أزمة شعبه وعن القضية الفلسطينية بالتورية والقصص شبه الأسطورية. مثل قصته يوميات فأر مخلص، وقصة الحكيم بتاح. وتحمل قصص الكتاب العناوين التالية، تموت أمي مرتين، الجرح المقيم، قبور الغرباء، الحدود، يوميات فار مخلص، وعاد النورس، وجوه لا تنسى، الغورني والدوشكا، الحكيم بتاح. يوميات فأر مخلص قصة تشبه الواقع الفلسطيني بما يحدث للفئران، والتي يقول فيها لا تنطلق رغبتي من دافع محدد أو غاية محددة، ولكن مجرد تكرار روتيني في سرد تفاصيل مؤلمة سجلت عبر حقب متلاحقة وطويلة حجم الظلم الذي حاق بنا كجنس يتعرض يوميا للإبادة والافتراس بين مخالب وأنياب القطط أو بأساليب جهنمية ابتدعها الإنسان .. ولست أخفي أننا نعيش الآن في عصر ما قبل التطبيع مع القطط بعد ان أنهكت، سواء بتناقصها الحاد الملحوظ في الدول الفقيرة، وهذا ما يعرضها لشبح الانقراض. صورة طبق الأصل يواصل الفأر مذكراته ويقول ولا بد لي أن أسجل دور الإعلام ووسائله المختلفة التى ساهمت في إرساء هذا الشعور في نفوسنا ( يقصد جمعيات الرفق بالحيوان التي طالبت بالقتل المريح للحيوانات فقط بدلا من الافتراس المرعب). والتي فتحت أعيننا على حقائق لم نكن ندركها .. عرفنا أننا لا نعيش وحدنا كجنس في هذا العالم، بل إنه يمتلئ بأمثالنا أينما كان، وكل فريق ينتسب إلى مكان تواجده .. ويواصل الفأر مذكراته ومغامراته مع ميكي ماوس وجيري( أمريكا) التي اقترحت عليه بأن يكون رائد الفئران في منطقتهم، ويقول في مذكراته حتى انهم اقترحوا أن يكون هناك (رمز) يخص المنطقة .. وخيل إلي أنهم اقترحوا أن أكون أنا شخصيا الممثل لذلك الرمز. الحكيم بتاح قصة رمزية أخرى يقدمها الكاتب عن أسرة ملكت بقرة ربطتها حول شجرة، وبنت حياتها وآمالها على هذه البقرة التي ستعطيهم السمن واللبن من الحليب، واللحم من عجولها، والتي سيبيعون من ألبانها ما يعطيهم فرصة في تعليم أبنائهم، إنها أصبحت محور حياتهم ومستقبلهم، وكانوا يهتمون بهذه البقرة كثيرا، ويدللونها، ومع مرور الزمن انقطع الحبل الذي يربطها بالشجرة، وانطلقت داخل الدار تبحث عن طعام، وأدخلت رأسها في جرة ماء، لترتوي ولكن لم تستطع إخراج رأسها من الجرة، ولم يكن كسر الجرة هو الحل لأن رأس البقرة سيجرح. الحل عند بتاح اعتاد أهل القرية على الالتجاء إلى (بتاح) ليقدم لهم حكمته المعروف بها، فهو المرجع في المصائب، وهو المفتي والمحلل لكل مشكلة، ولم يتردد الحكيم بتاح بالقدوم والإشراف بنفسه، فرأى أن المشكلة في الحبل الذي في رقبة البقرة، فهو يعيقها عن الحركة، وليست المشكلة في الخلاص من الجرة، وسمع القوم نصيحته فهو الخبير، ولكن الحبل كان يمر من فتحة في الجدار، فقال الحكيم يجب هدم الجدار لكي نتحكم في الحبل، وعندما وافقوه على هدم الجدار ليخلصوا الحبل، قال لهم الحكيم يجب إزالة السطح لأن إزالة الحائط سيجعل السقف ينهار، فطلب منهم رفع السقف أولا وقبل هدم الجدار، أكد لهم ان هذه العمليات ضرورية لفك الحبل من رقبة البقرة قبل تخليصها من الجرة .. ونفذ أهل الدار نصيحة بتاح الذي قال بعد أن تم هدم البيت الآن يمكنكم كسر الجرة .. حيثما تريدون ???