جونتراس جراس.. روائي ألماني متعدد المواهب!!

شكل الإعلان عن منح جائزة نوبل للآداب في عام 1999م للأديب الألماني جونتر جراس? تتويجا لمسيرة طويلة وشاقة من العمل والأمل? ونهاية منطقية لحملة ترويج شعواء للرجل وأعماله? وكان حصل قبلها على عدد كبير من الجوائز المحلية والعالمية. نشأة نازية! ولد جونترجراس في 16 أكتوبر 1927م في لانجفوهر بضواحي دانزينج التي كانت آنذاك ألمانية? وهي اليوم جدانسك ببولندا? وقد التحق في وقت مبكر من حياته سنة 1937م في تشكيل براعم هتلر (يونج فولك)? ثم بعد أربع سنوات? وفي ذروة الحرب العالمية الثانية? التحق بصفوف (شبيبة هتلر) 1941م? واشترك في الحرب وهو دون الخامسة عشرة? ليقع في الأسر بيد الجنود الأمريكيين? ولم يطلق سراحه حتى 1946م. وبعد تخرجه من مدرسة الفنون الجميلة 1953م متخصصا في النحت? زاول أعمالا مختلفة? وبدأ جمهور برلين الغربية يتعرف عليه كنحات وفنان تشكيلي? وفجأة خطرت له فكرة المشاركة في مسابقة شعرية سنة 1955م نظمتها الإذاعة الألمانية? وفاز بالترتيب الثالث? إلا أن أهم ما حققته له هذه المسابقة? هو لفت انتباه كبار الأدباء إليه? خاصة (حلقة 47) الأدبية التي كان يقودها الروائي ورنر ريختر? والتي برزت في بلاد جوته منذ إشهارها كجمعية أدبية في 1947م وهي سنة التأسيس التي أخذت منها اسمها? وكان من أعضائها البارزين هنريش بوول وفاكلاف هافل أيضا. جراس شاعرا!! وظهرت مجموعته الشعرية الأولى ولم تلفت الانتباه كثيرا سنة 1956م? إلا أنه في هذه السنة التي أقام معظمها في باريس تعرف على الأديب الألماني بول سلان وتأثر به أبلغ تأثير? رغم أن هذا الأخير كان يعيش في حالة وحدة وعزلة شخصية شديدة? لكنها اختيارية? وقد وصفه جراس أنه محدث صعب? لكنه جدير بالتقدير? رجل متوحد? إلى أقصى حدود العزلة? مقطوع عن العالم الخارجي? ممتلئ بعالمه الشخصي? ومع ذلك كان على قدر من الثقافة يفوق كل وصف? ومن حسن حظي أنني استفدت منه الكثير جراس مسرحيا وظهرت مسرحية جراس الأولى 1957م (الفيضان) وبحكم انتسابه إلى جماعة 47? كان عليه أن يستقر ممثلا للجماعة في بلدته? وفي السنة نفسها نال جائزة الجماعة النقدية? وكان لذلك أثر على تشجعه بنشر عمله الأثير (الطبل) الذي نال في السنة الموالية لنشره مباشرة أي عام 1960م جائزة برلين للنقاد? وقد تزامن ذلك مع نشر ديوانه (أغنية طفل) وكذا على أثره (القط والفأر) 1961م? وأتبع ذلك بمسرحيته (الطباخ الشرس)، ومنذ ذلك الحين بدأت توجهاته السياسية تعلن عن نفسها من خلال تأييده الشديد وحماسه الزائد لحملات انتخاب ويلي برانت والحزب الديمقراطي ـ الاجتماعي. حصلت رواية (الطبل) على جائزة (الكتاب الأجنبي) الفرنسية 1962م? ولفت (سنوات الكلب) 1963م الانتباه? ليحصل جراس على دكتوراه فخرية أمريكية 1965م لأنه أصبح ساعد ويلي برانت الأيمن? ? وفاز بجائزة بوخنر 1965م? وجائزة فونتان 1968م? وفي هذه السنة نفسها نشر أيضا (بداهات سياسية) ولم تنل روايته (تخدير موضعي) 1969م ذلك الاهتمام الكبير? وإن كان ديوانه? أو بكلمة أصح مجموعة من مختاراته الشعرية التي أسماها (خطابات إلى نورمبرج) المنشور 1970م قد عوضت شيئا من ذلك? وأعادته إلى الواجهة الثقافية مرة أخرى وبقوة. غرابة النصوص والعناوين وكان من أبرز أعماله (يومية حلزون) 1972م استمرار الرغبة في تكثيف غرابة نصوصه? بغرابة عناوينها? ثم أصدر (الترس) 1977م? و(لقاء في ويستفاليا) 1979م، ونال عمله (أطفال في الرأس) نجاحا ملحوظا 1980م أيضا. وتم تعيينه 1983م رئيسا لأكاديمية الفنون ببرلين الغربية? وقد سمحت له هذه العودة للاهتمام بالفنون أن يسهم كعضو في لجنة تحكيم بينالي البندقية 1984م? لكنه عاود الكرة في مجال الكتابة مع ظهور عمليه (الفأرة) 1986م? و(الخشب الميت) 1990م? وكان سبقهما بآخر (سحب اللغة)? وبعد وعود كثيرة ظهر أخيرا (نداء علجوم) (نوع من الضفادع) 1992م? ومجموعة (13 مقطوعة شعرية) 1993م? ونال سنة 1994م جائزة كارل كابك التشيكية مناصفة مع فيليب روث. وفي 1995م ظهرت (القصة الكاملة) أو (قصة بحذافيرها) ونال من الدانمارك جائزة (سونينج) الأدبية? ومنحته مدينة لوبيك الألمانية حيث يقيم جائزة توماس مان 1996م . أشياء لاتقرأ وظهرت (أشياء لغير القراء) 1997م? وأخيرا جاء آخر أعماله (قرني) أو (القرن الذي عشته) 1999م? وقد ترافق مع حدثين مهمين هما: منحه جائزة (بريميو أسترياس) الإسبانية? في سابقة هي الأولى من نوعها? حيث لم تمنح هذه الجائزة مطلقا لكاتب لا يكتب باللغة الإسبانية قبله? وكذا الإعلان في 1999عن منحه جائزة نوبل في الآداب? ومنذ الإعلان عن هذا الفوز? انتهت موضة خوسيه ساراماجو البرتغالي الفائز 1998م? وبدأت حمى جونترجراس في الأدب العالمي? وتضاعف الإقبال على ترجمة ونشر أعماله? بعد أن دخل تحت دائرة الضوء على مستوى المشهد الثقافي الدولي عامة.