الفصل الأول: (دورة الليل والنهار)

?? اسم الكتاب : النوم.. أسراره وخفاياه ??اسم المؤلف: الدكتور أنور حمدي الناشر: المكتب الإسلامي : بيروت ??بحوث في .. النوم والأحلام والتنويم (المغناطيسي) للدكتور أنور حمدي النوم .. أسراره وخفاياه الإهداء في .. الموج المتلاطم ..والريح الهادر ..والبحر المائج! كنت .. أرضا صلبة .. وجزيرة (جنة)!! يأوي إليك .. البدن المتعب وتسكن إليك .. النفس الحيرى وتهوي إليك .. الروح الولهى!! في .. صحراء الغربة الظمأ الحارق! جئت .. قطرة ندى .. ونسمة صبا! .. فأنعشت .. الجسد المنهك .. ورويت .. النفس الظمأى .. وأحييت .. الروح العطشى!! إليك ، يا نور .. الطريق ، الشاق ، الطويل! .. ورودا ..زهورا إليك ، كما جئت ،، ولا زلت ،، .. نفحة عطر وشذى .. نسمة صبا .. قطرة ندى إليك ، كما أنت ..حبا .. ودا ..حنانا ..هناء .. أهدي هذا الكتاب أنور ?? المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم وتغرب الشمس! أطياف الظلام ..تسلل شبكة الليل .. تنسج ويغلف ... ( الرداء الأسود)!! (الأزمنة ) .. تتساوى! و (الأمكنة) .. تختلف أحوالها ، وتتباين!! ففي مكان همس و (وشوشة) .. وقلوب غضة طرية .. تخفق .. وعيون بالحب .. تلمع وتبرق!! وفي مكان مناجاة حارة ودعاء .. و قلوب ندية .. تخشع .. وعيون بالدمع .. تفيض وتغرق!! وفي مكان بحث وتفكير .. تعب ونصب .. شرود وذهول !! ... لحظة اكتشاف و (فتح ) .. تفرح وتثلج .. صدمة فشل وإخفاق .. تحزن وتكمد! وفي مكان ، ومكان ، ومكان! دعاء يجأر به .. مظلومون وأنين يشكو به .. معذبون وعبرات حارة ، يسكبها .. مشردون!! ويزور ( الأمكنة ) ،، رحمة ورأفة ونعمة!! ،، .. (سلطان )!! .. سلطان .. كريم ، سخي .. بر ، رؤوف! فتكف آهات .. العاشقين .. العابثين وتجف عبرات .. العابدين .. القائمين .. (المشردين )!! وينتهي شرود .. الباحثين وتستريح أجسام .. المجربين وتستجم عقول .. الدارسين ويسكب الأمن ، في قلوب .. المعذبين وتنتشر الطمأنينة في أرواح .. المظلومين!! يدخل ( السلطان )!! فترحب به .. النفوس وتهلل له .. الأبدان وتلذ لمقدمه .. الأرواح! يدخل (السلطان) ، حاملا .. (تذاكر سفر) ، مخبوءة في رأس عصاه السحرية!،، .. للصغير والكبير ..للذكر والأنثى ..للعاشق والمعشوق ..الظالم والمظلوم! .. المشرد والمشرد!! .. العالم والباحث .. العابد والقائم .. (تذاكر سفر ) إلى .. ( مملكته ) .. العجيبة ، الغريبة ، المسحورة!! حيث .. الصغير ( أكبر ) من الكبير .. والقصير ( أطول ) من الطويل! حيث .. ( تتذوق) طعم ( الألوان) .. و( تلذ) لسماع أجمل ( المرئيات) ..و(تمتع ) عينيك بأعذب ( الألحان )!! ( تذاكر سفر ) ، على متن أحد الخطوط .. .. ( السرير) .. للرحلات الممتعة ..( الفراش) .. للرحلات الأقل كلفة ..( الأرض) .. للرحلات الأكثر شعبية!! ويمس السلطان ، بعصاه السحرية .. أجساد العاشقين .. اللاهين . العابثين .. الظالمين! .. أبدان العابدين .. القائمين .. المظلومين .. المعذبين .. المشردين! .. أجسام الباحثين .. المجربين .. الدارسين! فتسدل على العيون .. أجفان! ويضرب على الآذان .. حجاب! .. وتبدأ ( رحلة )! رحلة .. عجيبة ، غريبة رحلة .. قديمة ، قدم الحياة .. جديدة ، جدة الحياة! رحلة .. تبدأ ، حيث تنتهي .. وتنتهي ، حيث تبدأ!! رحلة .. سداها ( الألغاز ) .. ولحمتها ( الأسرار )!! رحلة في ..(عالم آخر)!! ومع هذا ( السلطان ) ومع ( رحلته ) العجيبة إلى .. مملكته المسحورة .. وعالمه الآخر! نرحل في هذا ( الكتاب) .. ونسافر!! مع ( النوم ) .. ومع ( رحلة النوم) .. ومع ( أسرار النوم وخفاياه ) ننتقل ، عبر صفحات هذا الكتاب .. ونرتحل مزودين .. ( ببعض ) ما عند العاشقين من .. كلام جميل .. وعبارات حلوة! ..و ( بعض ) ما عند العابدين من .. مناجاة .. ودعاء .. وتقوى!! .. و ( بأفضل ) ما علمناه عند الباحثين من .. علم وتجريب .. وبحث وتنقيب!! والله الموفق أنور الفصل الأول?? دورة الليل والنهار (وهو الذى جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا ) الفرقان :62 (عند الغروب )! كانت النسمات تداعب الوجوه ، وهواء البحر المنعش ، يبعث في النفس .. الحياة والأمل! والأمواج تداعب الرمال الناعمة ، بلطف .. يشبه الهمس والمناجاة .. حاملة إليها ، أسرار الأعماق! وقرص الشمس الذهبي ، يقترب من خط الأفق الذهبي ، يقترب من خط الأفق، مرسلا أشعته الفاتنة ، تتماوج على صفحة الماء الزرقاء .. فتمتزج بألوان رائعة ، أخاذة .. وتغوص الشمس ، رويدا ، رويدا .. في مياه البحر! .. ،، كما يخيل للمرء ،، والشفق الأحمر ، يرسم خلفها أجمل لوحة أبدعتها يد القدرة الإلهية! ،، وكل ما أبدعت هو الكمال المطلق ، والجمال المطلق ،، خيوط النور ، تنسحب .. وشبكة الظلام ، تنسج! .. ظلمة تغشى .. ونور يختفي! .. غبش الليل ، يتسرب .. ووضاءة النهار ، تندحر! إنه الغروب .. ضياء وعتمة .. نور وظلام .. نهاية وبداية! نهاية كدح ، وبداية راحة .. نهاية تعب ، وبداية استجمام .. نهاية شقاء ، وبداية هناء! . نهاية نهار ، وبداية ليل! ليل ، بظلامه وسكونه ..بقراره وملجئه .. براحته واستجمامه! حركة تنقطع .. ودبيب يسكن .. ودنيا تتشح بظلام! وينام الناس ، وكثير من الحيوان والطيور والهوام ..(وينام) النبات! ويمضي الليل! .. وتسلل خيوط الفجر ، داحرة أطياف! ويتنفس الوجود في .. يسر وفرح وابتسام! ويتنفس الوجود في .. إيناس ، وود ندي! ويستيقظ الوجود ، رويدا رويدا .. وكأن أنفاسه .. مناجاة! وكأن تفتحه .. ابتهال! إنه الإشراق .. بداية ونهاية! .. بداية نهار ، ونهاية ليل .. بداية ضياء ، ونهاية ظلام بداية عمل ونشاط ، ونهاية سكينة وقرار! ويدور الليل .. ويدور النهار ويتقلب النور .. ويتقلب الظلام ويتوالى إشراق .. وتتوالى عتمة! ويدور الليل .. ويدور النهار!.. في دورة تهتز لها المشاعر .. وترتعش لها الرؤى!.. في دورة يتابعها الوجدان ، ويدور معها! في دورة لا تختل مرة ، ولا تكف لحظة!.. في دورة بغير فتور ، ولا انقطاع ، إلا أن يشاء الله! .. في دورة قديمة قدم الحياة ، جديدة جدة الحياة!! جدة لا تبلى ،، والعرب يسمون الليل و النهار ، الجديدين ، لأنهما كل يوم يتجددان!،، صبح يتنفس ، شمس تطلع ، ضياء يغمر! .. شمس تغيب ، سكون يعم ، ظلام يستر! .. في حركة دائبة .. بدقة رائعة .. بنظام متقن! .. يهز النفس ، ويفتح المشاعر ، ويهدي القلب!! يهدي القلب ، إلى وحدة الناموس .. إلى وحدة القوة ،الخلاقة المبدعة .. يهدي القلب ، إلى وحدة الإرادة .. إلى وحدة المشيئة .. يهدي القلب ، إلى وحدة الخالق ، المدبر ، القدير .. الواحد الأحد .. الفرد الصمد! ويدور الليل ، ويدور النهار .. ويغشى الليل النهار .. وينسلخ النهار من الليل!.. ويتقلب الليل ، ويتقلب النهار .. ويعسعس الليل . ويتنفس الصبح! .. ويتجلى النهار .. ويغشى الليل! ويلج النهار في الليل .. ويلج الليل في النهار! .. في دورة مستمرة .. فيها عظمة الخلق! .. .. فيها رحمة بالخلق! .. .. فيها نعمة للخلق!.. فيها عظمة الخلق .. بتلك الروعة الفاتنة!.. .. بتلك الجدة التي لا تبلى .. وذلك التكرار الذي لا يمل!.. فيها رحمة بالخلق .. فلولاها أي دورة الليل والنهار ما أمكنت الحياة على هذه الأرض لإنسان ، ولا لحيوان ، ولا لنبات .. بل حتى فقط ، لو كان الليل أو النهار أطول أو أقصر مما هما عليه الآن،، مع وجودهما! ،، لأحرقت شمس الصيف الحارة النباتات في ..نهار!.. ولتجمد كل نبت في الأرض في .. ليل! .. فيها نعمة للخلق .. فكم نشتاق في ليالي الشتاء الطوال .. إلى طلوع الفجر ؟! .. إلى ضياء الشمس يغمر الحياة والأحياء .. إلى شعاعها الجميل إذا توارى خلف السحاب ؟! . ألا نخاف من دوام الظلمة والضباب ؟! .. ألا نشعر بضرورة النور والضياء ؟! .. ألا نشعر بضرورة الحركة ، والنشاط ، والسعي ، والكسب ؟!. بلى ،، والله! . فالحركة من أهم حاجاتنا! إنها حاجة عضوية! .. ألا ترى أن الجسد الذي أخذ حظه من الراحة ، يتجاوب ، ويستجيب لكل مؤثر، ومنبه يأتيه من خارجه، استجابة نشطة قوية ؟! . ألا ترى أن الإنسان ، بعد الراحة ، يجد العمل لذيذا مستطابا ؟! ألا ترى أنه ( أي الإنسان )، يبحث عن ضروب من النشاط مختلفة ..جدا ، كان، أم لعبا ، ليصرف طاقته ؟! . ألا ترى إلى الإنسان ، وقد حيل بينه وبين الحركة ، وحبس عن العمل كما في السجن - ، ألا ترى ، كم يضيق ذرعا بركوده وسكونه ؟! ألا ترى كيف يحاول أن يلبي رغبته في الحركة ، فيزرع غرفة سجنه الضيقة ذهابا وإيابا ؟! ألا ترى إلى المريض أو العاجز ، كم يضيق ذرعا بسكونه ، ويتشوق إلى الحركة، حتى إنه كثيرا ما يغامر فيمشي ، ويتحرك ، رغم وصية الطبيب ونصحه ؟!. إنها نعمة! .. .. نعمة من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى! (قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة ، من إله غير الله يأتيكم بضياء ؟ أفلا تسمعون ) سورة القصص : أية 71 .. فالسماع هو حاسة الليل! وكم نشتاق في أيام الصيف ، حين يشتد الحر ، ويطول علينا الهجير، ساعات من النهار!.. إلى الليل ؟! . إلى سكون الليل .. إلى هدوء الليل ، إلى استقرار الليل ، إلى راحة الليل ؛ إلىاستجمام الليل؟! ألا نخاف من دوام الضياء ؟! ألا نشعر بضرورة السكن والراحة ؟! ألا نشعر بضرورة الظلام ، حتى نجد الراحة والسكينة ؟! بلى ، والله! .. فالراحة بعد التعب ، والهدوء بعد السعي .. من أهم حاجاتنا!! إنها حاجة عضوية! ألا ترى أن الجسد يحتاج إلى الراحة بعد العمل ، وإلى السكون بعد السعي .. ليجدد نشاطه ، ويستعيد قوته ؟! .. إنها نعمة! . نعمة من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى! .. ( قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة ، من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه ؟ أفلا تبصرون ) سورة القصص أية :72 فالبصر هو حاسة النهار! إنها لنعمة! .. نعمة الليل ، ونعمة النهار! . تجدد الليل ، وتجدد النهار .. إيلاج الليل في النهار ، وإيلاج النهار في الليل! .. دخول الليل في النهار ، ودخول النهار في الليل! دورة الليل .. ودورة النهار! وتخضع المخلوقات ، من نبات وحيوان وإنسان ، إلى دورة الليل ، ودورة النهار!. ومع هذه الدورة .. تدور! .. دورة سكون ، ودورة حركة .. دورة راحة ، ودورة عمل .. دورة تجدد ، ودورة بناء .. دورة (نوم ) ودورة ( يقظة )! يقول البروفسور جون بالمر ( إن ظاهرة إيقاعية الزمن أي تلك الدورات من سكون وحركة ونوم ويقظة ، الخ .. وانتشارها في كل ما حولنا ، يجب اعتبارها من الأمور الأساسية التي تتصف بها الكائنات الحية ،كما أنه يجب إدماجها ضمن الصفات التي تهيمن على أنشطتها مثل التحول الغذائي ، والنمو ، والإثارة ، والاستجابة ، والتكاثر .. إلى آخر هذه الأسس البيولوجية التي نراها في الكتب العلمية ، ولا نجد بينها إيقاعية الزمن )!. ??? سيتم نشر الفصل الثاني يوم السبت 23 رمضان 1422هـ الموافق 8 ديسمبر 2001م