تاريخ المشاريع الإسلامية التنويرية في العالم العربي

??اسم الكتاب: أعلام النهضة العربية الإسلامية في العصر الحديث ??اسم المؤلف: صلاح زكي أحمد الناشر: مركز الحضارة العربية 2001م ?? يقول المؤلف في مقدمة كتابه جاء الإسلام مخالفا لما سبقه من أديان، بعيدا بقدر الإمكان عن تلك المعجزات المادية التي تصيب عقل الكافرين وأفئدتهم بذلك الزلزال الذي يردهم إلى جادة الصواب والإيمان . ولذا كانت المعجزة عقلية، تناسب تطور البشرية وتحاجج بالحجة الدامغة، والإعجاز القرآني حاجج الكافرين وأسانيدهم الباطلة فصرعها واحدة إثر أخرى لا في أرض الواقع والصراع اليومي فحسب ولكن في ساحة العقل وميدان الفكر في بادئ الأمر من هذه المقدمة نستشرف أفكار الكاتب وموضوع حديثه، وهو أن قوة الإسلام بقوة الحجة وليس بقوة السلاح، لذا فإن الحجة القوية باقية بقاء الدهر في حين أن السلاح يصدأ ويتغير. موجات الظلام: يرى المؤلف أن الحجة تحتاج إلى من يقولها، ويعلن عنها، ويدفع بها إلى الأمام، لأن هناك من يسعى لإخماد هذه الشعلة، إما لأنها تعارض مصالحه أو تهدد ملكه وعزه، لذا ظهر في فترات كثيرة في تاريخ الإسلام كما يقول المؤلف: موجات الظلام والاستبداد أمسكت بقيادة الأمة، فعطلت أعمال العقل، وأغلقت بغير رحمة باب الاجتهاد، فأصابت الفكر الديني _ وهو اجتهاد بشري _ في مقتل. ولأن الأمة لا تموت، والعقل الإسلامي ظل ينبض بالحيوية والفكر.. فنهض من بين صفوف تلك الجموع المسجونة، وراء أسوار الظلم والاستبداد، بعض من تلك العصبة المؤمنة الصادقة التي أعادت الى ذاكرة الأمة تلك الروح الكفاحية التى لازمت المجاهدين الأوائل فعرفت الأمة صلابة ابن تيميه، وصرامة عز الدين بن عبد السلام في الحق، وعقلانية ابن رشد، وريادة الإمام أبو حامد الغزالي، وأستاذية ابن خلدون إشعاعات النور: يرى المؤلف أن الله لم يترك حجته بدون من يدافع عنها، ونجد في كل عصر من العصور شخصياته ورجاله، الذين يحملون راية التبشير به والدفاع عنه، وهو يقدم لنا في كتابه هذا نحو ثلاثين شخصية إسلامية دافعت عن الإسلام في العصور الحديثة، خاصة وأن الإسلام تعرض لحملة غاضبة وقوية من رجالات الغرب الذين تمكنوا من العلم والمعرفة، وجعلوها قاعدة حياتهم وأصبحت آراؤهم جزءا من الحضارة والفكر الغربي، وهي في بعض أمورها معادية للإسلام أو متنافرة معه. خاصة وأن الغرب هاجم واستعمر ديار الإسلام، واهتزت نفوس العامة ولم تهتز عقول العلماء، فنهضت موجة جديدة من قادة النهضة والتنوير الإسلاميين، ودافعت عن الإسلام في ثلاثة محاور: أولها كان مواجهة الاستبداد العثماني الذي حجب الفكر الإسلامي وجمده على الرغم من وجود الخلافة الإسلامية في تركيا. وثانيا محاربة الاستعمار ومقاومته، وشحن الجماهير ضده وإثارة القلاقل أمامه. والمحور الثالث هو الرد على المشككين في صلاحية الإسلام للعصور الحديثة والمرجفين في أرض الإسلام. الكوكبة الفكرية: يتعرض المؤلف لمجموعة كبيرة من رجالات النهضة الإسلامية العرب، في العصر الحديث، والذين يرى أنهم ساهموا فكريا وعلميا في الدفاع عن الإسلام أو الاجتهاد فيه، ويقدمهم للقارئ بتعريف واسع عن حياتهم وتعلمهم ومنهجهم في الدعوة والدفاع عن الإسلام، ويقدم مشروعهم الفكري، وبرنامج العمل الذي ساهموا فيه، كما يشرح الظروف التى ظهروا فيها، وهم: عبد الرحمن الجبرتي، رفاعة الطهطاوي، خير الدين التونسي، جمال الدين الأفغاني، على مبارك ،عبد الرحمن الكواكبي، عبد الله النديم، الإمام محمد عبده، عبد الحميد الزهاوي، محمد رشيد رضا قاسم أمين، الشيخ على يوسف ،رفيق العظم ،عبد العزيز جاويش، عبد الحميد بن باديس، أحمد أمين محمد كرد علي،عبد الرحمن الرافعي، علي عبد الرزاق، محب الدين الخطيب ،محمد الخضر حسين ،عبد الغني العريسي، عباس العقاد، عبد القادر المغربي، طه حسين، مالك بن نبي، محمد حسين هيكل، علال الفاسي. كواكب من الجزائر : يذكر الكاتب ان دعوة محمد عبده في الشرق العربي، تلقفها (عبد الحميد بن باديس) في شمال إفريقيا العربية الإسلامية، والذي رأى ببعد نظره ان الدعوة تحتاج الى تأسيس لتبقى حية باقية بعد وفاة صاحبها، فأنشأ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الذين كان مالك ابن نبي أحد أعضائها الذين عاصروا الشيخ الثائر بن باديس في آخر عمره. مالك بن نبي: يقول المؤلف ان مالك بن نبي بنى مشروعه الحضاري بثلاثة عناصر، الإنسان والتراب ثم الوقت. ويرى أن قضية الإنسان تتعدد في توجيهه في دوائر ثلاث: دائرة الثقافة ودائرة العمل، ودائرة المال، أما الثقافة فتقوم عنده على أربعة أسس: الدستور الخلقي، الذوق الجمالي، المنطق العلمي، الصناعة أو التقنية. ومن نظريات مالك بن نبي الفلسفية قولهإن الحضارة هي التي تلد منتجاتها ويفسرها الكاتب بقوله وإنه لمن السخف أن ننشئ حضارة بشراء منتجات حضارات أخرى وتكديسها، لأن الحضارة لا يمكن ان تبيعنا ولا نستطيع نحن شراء روحها، وأفكارها، وثرواتها الذاتية، وأذواقها، وكافة المعاني التي لا تلمسها الأنامل، والتي بدونها تكون كل الأشياء التي تؤخذ فارغة من كل معنى وهدف. ويقول المؤلف، إن مالك بن نبي يرى أن ثمة فارقا كبيرا، بين الحضارة المستوردة، وبين الحضارة الحقيقية، التي تقوم على تجربة مخططة منبثقة من الواقع الاجتماعي وخاضعة لنهج فني مطابق لهذا الواقع. كتاب قيم جدير بالقراءة، فهو تاريخ وتعريف دقيق للشخصيات الإسلامية المعاصرة وتفصيل للمشاريع الإسلامية التي قدموها، وعملوا من أجل نشرها وإقناع الناس بها. ???