حريم عمران يسخرن من المآسي والأحزان !!

??اسم الكتاب : حريم أعزكم الله ??اسم المؤلف: محمد الغربي عمران الناشر : مركز الحضارة العربية طبعة أولى 2001م ??ست عشرة قصة قصيرة، مملوءة بالابتسامات والأحداث الساخرة لا تخلو من سوداوية في كثير من الأحيان، وذلك في أسلوب يتميز به عمران، والذي يعتبر امتدادا لكتبه الثلاثة السابقة من القصص القصيرة، بواسطة لغة تعتمد على التصوير الدقيق واللقطات السريعة لأحداث طويلة، بحيث يجعلها مركزة في صورة واحدة يرى فيها القارئ صنوفا عديدة من المناظر المضحكة والباكية، ولكن الكاتب يلغي مفعول المآسي بقدرته على الكتابة التي تميزه، و يحول المآسي إلى ضحكات، وإلى انتقاء خاص للمواقف المثيرة للمأساة لينتزع الابتسامة من القارئ بدلا من استدرار الدموع . الزلزال: قصة قصيرة أقرب إلى الواقع، بل قد تكون قد وقعت، فقد وظف الكاتب كارثة زلزال اليمن الذي حدث في عام 1982م والحق أضرارا بالغة في اليمن، ومات من ذلك الزلزال عشرات من الناس، ولكن الكاتب يختار إحدى الصور، ويحكي لنا قصة عجوز دخل المسجد وبدأ يصلي صلاة الظهر وسرحت به أفكاره إلى ابنة جاره الذي يسعى لخطبتها، ويتخيلها، وكيف أنها كبرت وأصبحت عروسا جميلة، و قد حاول ان يتقدم لها ولكنها تتمنع لكبره، ويسرح بخياله في صحبة هذه الفتاة الصغيرة، ويستغفر الله، ويعيد قراءة الفاتحة التي شك أنه قرأها، ويبدأ الركعة الثانية ويعود طيف هذه البنت الصغيرة إلى خياله الخصب، وفي صلاته يكثر التفكير بها، ويدعو الله أن يهديها له .. المنظر الأول: يصف الكاتب حالة وقوع الزلزال والرجل يدعو الله أن يهبه تلك الفتاة ويقول اهتز الصرح من تحت أقدام العجوز وهو غارق في تأملاته، رفع وجهه، كانت أحجار المسجد تتساقط أمام عينيه، تسمر واقفا، تصاعد الضجيج حين انهار سقف المسجد، وتصاعد الغبار من كل مكان .. تهاوت بقية جدران المسجد تمايلت الأرض بعنف أدرك أنه لا يحلم، شعر بدنو أجله، وأن الله يعاقبه لسوء أفكاره وهو بين يديه. قطع صلاته، حاول الخروج من الصرح، كانت الدور المجاورة قد تساقطت، لم يجد الطريق، فكل شيء ركام وغبار، عبر فوق الأنقاض، فلا أزقة ولا شوارع، كرر الاستغفار وهو يبحث عن داره. السر الخفي: وصلت النجدة إلى القرية من العاصمة بأعداد كبيرة من الجند والخيام والطعام. وبدأ البحث عن المفقودين تحت الأنقاض. عرف العجوز من القادمين بأن ما حصل هو زلزال دمر معظم دور القرية والقرى المجاورة. حمد الله أنهم لم يكتشفوا سبب وقوع هذا الزلزال، أخذ يستغفر وهو يلعن تلك البنت التي جعلته يتخيلها وهو راكع. المنظر الثاني: يطلب من الجند أن يساعدوه لإنقاذ زوجته التي يسمع أنينها، ويبكي حرقة عليها، ويدلهم على مكان تواجدها، ويساعده الجند في إزاحة الأنقاض ليرى صندوقه الخشبي، وقد تهشم غطاؤه، لتظهر بعض الأوراق القديمة، وأخذ العجوز يعمل بهمة بمساعدة الجند لإخرج الصندوق الذي كان موضع الاهتمام الكبير منه. توقف العجوز عن العمل وتوقف صوت بكائه، وتركهم، حاملا صندوقه الخشبي، وصاح أحد الجنود الى أين ستذهب؟ الله معكم .. لم يعد هنا ما يهمني. وزوجتك!! لم يرد عليهم .. اختفى وسط الظلام، حاملا صندوقه ولم يلتفت. الدرس المفقود! انتهت القصة ولكن التفكير فيها يبقى مع القارئ فهذا العجوز الذي كان يعتقد أن تفكيره السيئ هو سبب الزلزال، وكان يخشى أن يكتشفوا سر هذا الزلزال، يقوم بعمل آخر يستدعي زلزالا آخر. وهذه حكمة ودرس يقدمه لنا الكاتب بروح الفكاهة وينتزع الابتسامة. الدرس الثاني: قصة تحمل عنوان ( الولد الغراب) قصة هادفة، ولا يخفي الكاتب ذلك، ومحور القصة يدور حول الإشاعة وكيف تنمو وتتطور وهي إشاعة كاذبة، ولكن عندما تدور على الألسن تصبح حقيقة لمن يسمعها، ومن الصعب إنكارها، فبطل القصة ترفض خطيبته الزواج منه وتعيد له الشبكة والذهب المقدم لها، لأنه غراب كما سمعت من كل من سألته عنه. سر الإشاعة الكاذبة: يقول بطل القصة إن أباه تزوج للمرة الثانية لأن الزوجة الأولى لم تنجب، وحالما خرج هذا الطفل أصابت الزوجة الأولى الغيرة ونشرت خبرا عن هذا المولود أنه ولد بلون أسود. ولكن نساء القرية لم يكتفين بمثل هذا الخبر التافه القصير، فأضفن إلى ذلك أن المولود نبت على جلده زغب أسود، وانتقل الخبر إلى القرى المجاورة، عن تلك المرأة التي ولدت ولدا يشبه الغراب وعلى جلده ريش أسود. أما في مدينته التى يعيش فيها فقد توسعت الإشاعة وكبرت بكبر المدينة، ولكن بصورة أكثر إثارة وانحرافا، فالإشاعة تقول إن امرأة قد ولدت ولدا له منقار ورأس غراب ومخالب حادة حتى أنه ينعق .. فسبحان الخالق.. توثيق الإشاعة رسميا: استغلت صحف المعارضة هذه القصة ( لإثارة البلبلة والإعلان عن ظهور علامات إنذار وسوء الوضع الصحي في البلاد، شماتة بالحزب الحاكم وتحذيره وإحراجه) ونشرت خبرا يفيد أن امرأة وضعت ابنها البكر بصورة غراب، وأنه انطلق مع الغربان وهو الآن يطير معهم. أما وكالات الأنباء فهي تعتمد على هذه المصادر المحلية لتنقل الأخبار الغريبة وتم نقل هذا الخبر إلى الصحف العالمية. الخاتمة: يقول القاص أما أنا فقد استطعت إخفاء تلك القصة الشائعة، حين انتقلت للدراسة في جامعة صنعاء، ولم أتجرأ على إخبار أحد، حتى كان يوم تعرفت فيه على الآنسة سميرة.. وتمت خطبتنا في حفل بسيط. وحين أخبرتها بقصة الشائعات أدركت أني تورطت، فقد أخذت القصة على أنها حقيقة، كنت أظن أنها عاقلة، لكنها أخبرت أمها، ثم أخاها الذي كان يحتفظ بنسخة من إحدى الصحف التى نشرت خبر الشائعة. وهكذا أنا الآن بدون حبيبة فهل أنا في الحقيقة غراب دون أن أدري!! ???